مطر ممثلاً الراعي في تكريم الخوري وهبه في مزياره: صفات القيادة المحبّة بو جوده: كرّس نفسه لخدمة رعيّته
شارك في القداس رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر ممثلاً البطريرك المارونية الكاردينال مار بشاره بطرس الرّاعي، راعي أبرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جوده، النائب البطريركي على جبة بشري المطران مارون العمار، المعاون البطريركي المطران جوزف نفاع، نائب عام أبرشيّة طرابلس المارونية المونسنيور بطرس جبور، رئيس اكليريكية كرمسده المونسنيور أنطوان مخائيل.
وعاون وهبه في القدّاس الكهنة جوزيف فضول، سعيد دعبول، وآلان نصر، ولفيف من كهنة أبرشيّة طرابلس المارونية.
حضر القداس رئيس اتّحاد بلديات قضاء زغرتا زعني مخائيل خير، رئيس بلدية مزياره مارون دينا، عائلة الخوري المكرم، الى عدد من رؤساء البلديات، مختاري البلدة، والجوار وحشد من أبناء مزياره ومدعويين.
بعد الانجيل المقدّس، ألقى وهبه كلمة شكر فيها الرّاعي على مشاركته هذا الاحتفال، وايفاده المطران مطر لتمثيله، ولراعي الأبرشية المطران جورج بو جوده، والأساقفة المشاركين، وجميع الكهنة والحضور، وقال:"جاهدت الجهاد الطويل، وأتممت سعي، وأكملت خدمتي، ولم يبق لي سوى القليل الذي سيجازيني به سيدي الدّيان العادل. وأنا مستعد لخدمتكم حتى اخر رمق من حياتي".
من ثمّ تحدّث مطر ممثلاً الرّاعي، وقال:"أولاني الرّاعي شرف تمثيله في هذه المناسبة الكريمة، وأن أنقل اليكم جميعاً محبّته الأبويّة، وتقديره الخاص للخوري جورج وهبه، لما حباه الله من مزايا وصفات كهنوتية عدة يشهد لها القاصي والداني. سئل حكيم ما هي الصفات الأولى والأهم كي يكون الانسان قائداً، أو راعياً، لأنّ الرعاية هي أيضاً قيادة روحية، فقال البعض انّ الصّفة الأولى هي الحكمة، والبعض الاخر هي الرجولة، والبعض الاخر هي الرؤية، والصلابة، أمّا هو فقال انّ الصفة الأولى للقائد هي المحبّة، ولذلك ندرك لماذا الرب يسوع له المجد، عندما سلّم الرعاية بعد القيامة، وبعد غداء أخير مع بطرس، الى رسوله العزيز، والحبيب سمعان، سأله 3 مرات قائلاً، يا سمعان ابن يونا هل تحبني، لم يسأله ما هي شهاداتك ولم يسأله عن أي شيء آخر ، قال له فقط ثلاث مرات يا سمعان ابن يونا أتحبني، وأجاب بطرس 3 مرات يا رب أنت تعرف أنّي أحبّك".
أضاف مطر:"أنا أعرف أنّ المحبة هي صفة كبيرة في قلبك يا أبونا جورج، أولاً لأنّ المسيح أحبّك وأحبّنا جميعاً، وأحبّ كل الناس لأنّه خلقهم ودعاهم الى الوجود، وخلّصهم بدمه، وهل من شيء أعظم من أن يبذل الانسان نفسه عن أحبّائه. فالرّب أحبّنا حتى عندما كنا خطأة كي يزيل عنا خطايانا، حب الله لنا لا حدود له، ويطلب أن نبادله حبه بحب، ويطلب من كل انسان، وبخاصّة الكهنة أن يساعدوه في رعاية شعبه، وأنت يا أبونا جورج أخذت الايمان من أجدادك هنا في مزياره، وظلّ هذا الايمان ملازماً لك طيلة أيام حياتك وسيبقى حتى الرمق الأخير، أنت محبّ للمسيح، ولذلك أحببت شعب المسيح في مزياره وفي الأبرشية كلّها، لأنّ من يحبّ الرّب يحبّ شعبه".
وقال:"الرّاعي الصالح، يبذل نفسه عن الخراف، ويسال عنها، وهنا يأتي في بالي كلام عظيم للبابا فرنسيس يطلب منا نحن الكهنة من أول أسبوع لتسلمه قيادة الكنيسة الجامعة، يجب أن تفوح من ثيابكم رائحة الأغنام، أنتم رعاة، أنتم تدخلون في صفوف الأغنام، ولا ترعونها بالرمونت كانترول والنواظير، وعلى الرّاعي أن يسير بعض المرات على رأس القطيع كي يدلّه على الطّريق، وفي بعض الأحيان يسير في وسط القطيع، ليهتمّ بحال كل واحد منهم، وأحياناً يسير في اخر القطيع كي يعين من هو مقصّر فيعيّنه على السير والتقدم. وهذا كان اهتمامك يا أبونا جورج منذ أن ارتسمت كاهناً العام 1960".
وختم المطران مطر بقول للبابا فرنسيس في اخر عظة له منذ أسبوع: أريد للكنيسة أن تكون كمستشفى ميداني، لا أن تكون حرس حدود توقف الناس المخالفين، مستشفى ميدانيّاً تهتمّ بالنّاس، اذا جرحوا وسقطوا تكون الكنيسة حاضرة كي تنهضهم، كما أنهض الرب ذلك الأعرج وذلك المخلّع. فالرب يسوع يقول لشعبه قم وامش في الطريق، أنا معكم لا تخافوا، فهذا الموقف من الرب يسوع هو موقف الرّاعي الصالح، الذي يهتمّ بشعبه، في بعض الأحيان الأم التي تسهر على ابنها المريض، لا تقدم له شيئاً، بل تقدّم له حضورها وصلاتها ومحبّتها، وهذا يدلّ على حبّ حقيقي من الرّاعي الى الرّعيّة التي تبادله الحب. الرب أعطاك يا أبونا جورج، رعية مزياره التي نحب والتي أعطت لبنان نساءً ورجالاً نفخر بهم في لبنان، كنت هنا على مدى أربعين عاماً الرّاعي الصّالح، عافاك الله وكافأك مكافأة الرّعاة الصّالحين".
وفي ختام القدّاس تسلّم الكاهن المكرّم من المطارنة مطر وبو جوده والعمار ونفاع أيقونة السّيدة العذراء ـ مزياره.
بعد القداس، أقيم حفل عشاء في نادي شبيبة مزياره، تحدّث فيه المطران جورج بو جوده فقال:"إنّ المخاطر والصعوبات والتجارب الإيمانيّة التي تعرّض لها أبناء مزياره منذ زمن طويل متعدّدة ومتنوّعة، لأنّهم منتشرون في مختلف بلدان العالم والقارات، يجابهون فيها تحديات كثيرة من خلال إحتكاكهم بنظريّات فكريّة وفلسفيّة وإيديولوجيّة خطيرة، لكن الذي ميّزهم، وما زال يميزهم حتى اليوم، هو ثباتهم في الإيمان ومحافظتهم على القيم والمبادئ الأخلاقية التي تربّوا عليها في بلدتهم. إذ أنّهم يغذّون حياتهم الروحيّة بإستمرار بالصّلاة والمشاركة في الذبيحة الإلهية وتناول القربان المقدّس. فقلّما أتينا إلى مزياره دون أن نرى أعداداً كبيرةً من أبنائها يصلّون مسبحة الوردية في الكنيسة ويزيحون صورة العذراء مريم شفيعة الرعية، ويكرّمون القديسين، وقد أشادوا الكابيلات والمزارات، كما إنّنا، من ناحية ثانية، ونحن نشكر الرب على ذلك، لا نرى أي إنتشار للبدع والهرطقات المتعدّدة المنتشرة في مجتمع اليوم، وفي بعض البلدات والرعايا في بعض المناطق اللّبنانيّة، ويعود الفضل في ذلك إلى تقبّلهم لتعاليم الكنيسة وإلتزامهم بما يعلّمهم إيّاه كهنة الرّعيّة منذ القديم".
اضاف:"لهذه الرّسالة والمهمّة إختارك الله أيها الأخ العزيز الخوري جورج فلبّيت النّداء، وتحمّلت هذه المسؤولية منذ أكثر من خمسين عاماً في رعيّتك مزياره وفي الرعايا المجاورة، فأحببتها وكرّست نفسك لخدمتها كمعلّم ومدبّر ومقدّس. ولم يقتصر دورك على الإهتمام بالأمور الروحية والليتورجية فقط، بل كنت مصغياً لما يقوله لك الرب. فكرّست الكثير من وقتك للاهتمام بأمور أبناء الرعية في مختلف المجالات، وبصورة خاصّة في السنوات القاسية أثناء الحرب اللّبنانيّة. فاهتممت في الوقت عينه بالخدمة الإجتماعيّة، كعضو عامل وفاعل في البلدية من خلال المساهمة والعمل على تأمين المياه للأهالي وشقّ الطرقات وإشادة المباني السّكنيّة لإستقبال أبناء البلدة الذين يعيشون في بلدان الإنتشار. كما كنت تتحدى الصعوبات وتخترق الحواجز المسلحة للعبور ممّا كان يسمى المنطقة الشرقية والمنطقة الغربية من بيروت، لتأمين المعاملات الرسمية لأهالي بلدتك، فهكذا عرفتك منذ أن عيّنني رؤسائي للقيام بأعمال الرّسالة في منطقة الشمال، بخاصة في أبرشية طرابلس والأبرشيات المجاورة".
من ثمّ قدّم له بركة باباويّة هديّة تذكاريّة وعربون تقدير ومحبّة. بعد ذلك، كانت كلمات لعائلة الكاهن المكرّم ولنادي شبيبة مزياره.