دينيّة
26 تموز 2016, 12:19

مع البابا فرنسيس في مسقط رأس البابا يوحنّا بولس الثّاني

ريتا كرم
عصر الغد، تطأ قدما البابا فرنسيس مطار القدّيس البابا يوحنّا بولس الثّاني في كراكوفيا، منذراً انطلاق اليوم العالميّ للشّباب الحادي والثّلاثين. غداً، تبدأ حكاية الرّحمة في أوساط شبيبة العالم، إذ يشهد لها أسقف روما الّذي عبّر آنفاً عن رغبة كبيرة لهذا اللّقاء.

 

محطّات كثيرة ستتخلّل هذا الأسبوع، منها ما يصبّ في خانة البروتوكولات المتّبعة بين رؤساء الدّول وسلطاتها الرّسميّة والدّبلوماسيّة والرّوحيّة والمدنيّة، ومنها ما هو روحيّ بامتياز تتنوّع بين زيارات الحجّ، والقدّاسات ولقاءات الصّلوات، ومنها ما سيأخذ بعداً إنسانيّاً- إجتماعيّاً.

أمّا من أبرز المحطّات، فهي حجّه إلى تشيستوكوفا وتحديداً إلى دير "ياسنا غورا" لتكريم "العذراء السّوداء" حيث سيترأّس القدّاس الإلهيّ لمناسبة الذّكرى الـ1050 لمعموديّة بولندا والّذكرى الـ25 لاحتفالات اليوم العالميّ للشّباب الّتي شهد عليها هذا المزار بعد سقوط "السّتار الحديديّ" ما سمح لشباب أوروبا الشّرقيّة بأن يطأوا القسم الغربيّ.

ويُعدّ هذا المقام محطّة أساسيّة في الزّيارات الحبريّة إلى بولندا إذ فيه تتربّع سيّدة تشيستوكوفا "العذراء السّوداء" الّتي تُوّجت "ملكة بولندا" وتكرّمها كلّ أوروبا. وفي تفاصيل اللّوحة الشّهيرة، فهي تعود إلى زمن الرّسل الاثني عشر، إذ ينسب رسمها إلى القدّيس لوقا الّذي يُعتقد أنّه استخدم في رسمها خشبة طاولة صنعها يسوع بيديه، وأنّه خلال ذلك تلت عليه مريم قصّة حياة يسوع بمختلف مراحلها دوّنها لاحقاً في إنجيله. هذا وارتبطت اللّوحة بأحداث كثيرة في العالم قبل أن تُنقل في القرن الرّابع عشر إلى الدّير الحاليّ وتحميه من غزوات عديدة آخرها عام 1655، فتوّج على أثرها الملك جون الثّاني كاسيمير فاسا صورة العذراء "ملكة بولندا"، واضعاً البلاد برمّتها تحت رعايتها وحمايتها.

كما سيحمل البابا فرنسيس شباب العالم المحتشد في كراكوفيا إلى التماس رحمة الآب بشفاعة القدّيسين البابا يوحنّا بولس الثّاني والأخت فوستين رسولة الرّحمة الإلهيّة، بحيث سيرفع وإيّاهم الصّلوات من مزار الرّحمة الإلهيّة، صلوات ينقل صداها شفيعا هذا الحدث.

هذا وسيتوقّف الأب الأقدس في مخيّمات الاعتقال النازية على الأراضي البولنديّة في "أوشفيتز وبيركناو" وقفة صامتة، في مكان شهد على محرقة الشّعب اليهوديّ الّتي أودت بحياة مليون شخص في الحرب العالميّة الثّانية، من بينهم القدّيسين ماكسيميليان كولبي الّذي قُتل بعد أخذه مكان رجل آخر حُكم عليه بالموت، وتيريزا بينيديكتا للصّليب المعروفة باسم إديت شتاين؛ هناك سيقف صامتاً في مكان تفوح منه رائحة الموت والألم والرّعب، وسيلقتي 10 ناجين من المحرقة و25 شخصاً "صالحاً بين الأمم" من جميع أنحاء العالم.

وسيعرّج على مشفى للأطفال ليعبّر عن قرب الكنيسة من ألم أبنائها وبالأخصّ الأطفال بينهم الّذين هم الأكثر حاجة إلى ذلك، مداوياً إيّاهم بمحبّته الكبيرة.

ولا ننسى اللّقاء الأكبر مع الشّبيبة في حجّ الإيمان والأخوّة هذا حيث سيدعوهم مرّة جديدة أن يمسكوا يدي يسوع في أمسية صلاة يتبادل تلاوتها الطّرفان، في جوّ يلفّه خشوع مؤثّر.

هذه هي باختصار أجواء الأيّام العالميّة للشّباب الّتي ستترك أثرها في قلب كلّ مشارك كما في نفس كلّ مراقب للحدث عن بعد حول العالم. فلنكن من بين من ستلمسهم رحمة الله في الأيّام الأخيرة من تمّوز/ يوليو.