صحّة
01 تشرين الأول 2021, 06:45

منظمة الصحة العالمية وشركاؤها يدعون إلى اتخاذ إجراءات عاجلة بشأن التهاب السحايا

تيلي لوميار/ نورسات
أطلقت منظمة الصحة العالمية وشركاؤها أول إستراتيجية عالمية للقضاء على التهاب السحايا - وهو مرض يسبّب العجز ويقتل مئات الآلاف من الأفراد كل عام.

وتهدف الاستراتيجية إلى القضاء، بحلول عام 2030، على أوبئة التهاب السحايا البكتيري - وهو أشد أشكال هذا المرض فتكا- وخفض عدد الوفيات الناجمة عنه بنسبة 70% وعدد حالات الإصابة به بمقدار النصف. وتشير تقديرات المنظمات إلى أن هذه الاستراتيجية يمكن أن تنقذ أرواح أكثر من 000 200 شخص سنويا في المجموع وأن تحد بدرجة كبيرة من الإعاقة الناجمة عن المرض.  

وقد أطلق هذه الاستراتيجيةَ بشأن خريطة طريق عالمية للقضاء على التهاب السحايا بحلول عام 2030 ائتلاف واسع من الشركاء المعنيين بالوقاية من التهاب السحايا ومكافحته، وذلك خلال حدث افتراضي استضافته منظمة الصحة العالمية في جنيف. وينصب تركيز الاستراتيجية على الوقاية من حالات الإصابة وتحسين رعاية وتشخيص المصابين.  

وقال الدكتور تيدروس أدحانوم غبريسيوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية "يمكن لالتهاب السحايا أن يسبب الوفاة والعجز أينما حل؛ وهذا المرض يضرب بسرعة، وله عواقب صحية واقتصادية واجتماعية خطيرة، ويتسبب في فاشيات مدمرة". وأضاف قائلا "لقد آن الأوان للقضاء تماما على التهاب السحايا في العالم ــ من خلال التعجيل بتوسيع إتاحة الأدوات القائمة مثل اللقاحات، وريادة الأبحاث الجديدة والابتكار للوقاية من الأسباب المختلفة للمرض والكشف عنها ومعالجتها، وتحسين إعادة تأهيل المصابين به".  

والتهاب السحايا هو التهاب خطير في الأغشية المحيطة بالدماغ والنخاع، وتسببه في معظم الحالات عدوى بالبكتيريا والفيروسات.  

ويغلب أن يكون التهاب السحايا الناجم عن العدوى البكتيرية أشد خطورة - إذ يؤدي إلى نحو 000 250 حالة وفاة سنويا - وقد يسبب أوبئة سريعة الانتشار. ويقتل 1 من كل عشرة مصابين به - معظمهم من الأطفال والشباب - ويترك 1 من كل 5 منهم بإعاقة طويلة الأمد، مثل النوبات، وفقدان السمع والبصر، والتلف العصبي، والعاهة الإدراكية.  

وعلى مدى السنوات العشر الماضية، حدثت أوبئة التهاب السحايا في جميع أقاليم العالم، وكان أكثرها انتشارا في "حزام التهاب السحايا"، الذي يغطي 26 بلدا في أفريقيا جنوب الصحراء. وهذه أوبئة لا يمكن التنبؤ بها، وقد تسبب أعطالا فادحة في النظم الصحية، وتخلق الفقر - فتولد نفقات باهظة ترهق الأسر والمجتمعات المحلية.  

وقالت الدكتورة ماتشيديزو مويتي، مديرة المنظمة الإقليمية لأفريقيا " أكثر من نصف مليار شخص من الأفارقة يواجهون خطر تفشي أوبئة التهاب السحايا الموسمية، بيد أن هذا المرض غاب عن شاشات الرادار منذ مدة طويلة". وأضافت قائلة "وهذا التحول من إخماد تفشي الأوبئة إلى اعتماد استجابة استراتيجية لن يحدث في وقت قريب كما نرجو. وستساعد خريطة الطريق هذه على حماية صحة وأرواح مئات الآلاف من الأسر من هذا المرض كل عام".  

وتحمي عدة لقاحات من التهاب السحايا، ومنها اللقاحات المضادة للمكورات السحائية وللمستدمية النزلية من النمط باء وللمكورات الرئوية. ومع ذلك، لا تحصل جميع المجتمعات المحلية على هذه اللقاحات المنقذة للأرواح، ولم تدرجها العديد من البلدان في برامجها الوطنية بعد.  

وبالرغم من الأبحاث الجارية لتطوير لقاحات لأسباب أخرى لالتهاب السحايا، مثل بكتيريا المكورات العقدية من المجموعة باء، لا تزال ثمة حاجة ملحة إلى الابتكار والتمويل والبحث لتطوير المزيد من اللقاحات الوقائية لالتهاب السحايا. ويلزم أيضا بذل جهود لتعزيز التشخيص المبكر والعلاج وإعادة التأهيل لجميع من يحتاجون إليه بعد الإصابة بالمرض.  

وقال فيني سميث، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الأبحاث بشأن التهاب السحايا واتحاد منظمات التهاب السحايا (CoMO)، وهي منظمة دولية تضم في عضويتها مجموعات داعمي مرضى التهاب السحايا، "تجسّد خريطة الطريق هذه طموح الأفراد المصابين وأسرهم في جميع أنحاء العالم الذين دعوا إلى وضعها. وقد ساهمت تجربة هؤلاء وحماسهم في توسيع دائرة الاهتمام حتى وصل إلى ما وصل إليه الآن" وأردف قائلا "نحن نحتفي معا بالهدف المشترك المتمثل في القضاء على التهاب السحايا، مسترشدين بإلهامهم في تحقيق ذلك".  

وتتضمن خريطة الطريق الجديدة تفاصيل الأولويات التالية للاستجابة لالتهاب السحايا والوقاية منه:

  • تحقيق تغطية واسعة بالتمنيع، وتطوير لقاحات جديدة ميسورة التكلفة، وتحسين استراتيجيات الوقاية والتصدي لتفشي الأمراض؛
  • التشخيص السريع للمرضى وتقديم أفضل علاج لهم؛
  • إتاحة بيانات جيدة لإرشاد جهود الوقاية والمكافحة؛
  • تقديم الرعاية والدعم للمتضررين، مع التركيز على التشخيص المبكر وتحسين فرص الحصول على الرعاية والدعم لتدبير الآثار المترتبة عنه؛
  • التوعية والمشاركة، لضمان إذكاء الوعي بالتهاب السحايا، والمساءلة عن الخطط الوطنية، وتأكيد الحق في الوقاية والرعاية وخدمات ما بعد الرعاية.
  • وتقدم منظمة الصحة العالمية وشركاؤها الدعم للبلدان لتنفيذ خريطة الطريق، بسبل منها وضع أطر إقليمية ووطنية تساعد البلدان على تحقيق أهدافها الطموحة.

 

اقتباسات من الشركاء  

قال السيد نيكولاي جيلبيرت، الرئيس والرئيس التنفيذي لمنظمة PATH " تظهر خريطة الطريق العالمية ما يمكن تحقيقه عندما تلبى الاحتياجات العالمية من خلال إجراءات عالمية". وأضاف قائلا "لقد تعثر التقدم منذ مدة طويلة؛ لكن بالعمل الجماعي، يمكننا أن نتغلب على هذا المرض الذي أزهق الكثير من الأرواح في مختلف بلدان العالم. ومنظمة PATH تشعر بالاعتزاز بمشاركتها في إعداد خريطة الطريق وهي ملتزمة بطرح حلول ميسورة التكلفة ومنصفة في شكل لقاحات لدحر التهاب السحايا".  

وقال الدكتور أبو بكر كامبو، المدير العام لبرامج الصحة في اليونيسيف "علينا أن نوحّد جهودنا من أجل القضاء على أمراض الأطفال التي يمكن الوقاية منها، ومنها التهاب السحايا البكتيري". وأضاف قائلا " لقد دأبت اليونيسيف طوال العقود الماضية على تقديم الدعم للحكومات، فيسرت إيصال لقاحات مضادة التهاب السحايا ومنقذة لأرواح المصابين به. ومع ذلك، لا يزال الكثير من الأطفال يصابون بهذا المرض وأمراض أخرى يمكن الوقاية منها- ولا تزيد الجائحة هذا الوضع إلا تفاقما. علينا أن نتحرك بحزم لتعزيز الرعاية الصحية الأولية ونعيد جملة التمنيع الروتيني إلى جادتها الصحيحة، قبل أن يواجه المزيد من الأطفال عواقب صحية وخيمة- أو يفقدوا أرواحهم- بسبب التهاب السحايا وغيره من الأمراض المعدية التي يمكن الوقاية منها".  

وقال البروفيسور السير براين غرينوود، بروفيسور الطب السريري المداري بكلية لندن للنظافة الصحية والطب الاستوائي والرئيس المشارك لفرقة العمل التي تدعم تنفيذ خريطة الطريق "بالرغم من أن العبء الرئيسي لالتهاب السحايا تتحمله البلدان الفقيرة، فإن التهاب السحايا البكتيري الحاد يعد مشكلة عالمية لا يسلم أي بلد  من أثرها المدمر". وأضاف قائلا " ومن ثم فإن احتواء هذه المجموعة الخطيرة من حالات العدوى يقتضي استجابة عالمية. وهذا ما تخطط خريطة الطريق لتحقيقه، من خلال إشراك مهنيي الصحة من جميع أنحاء العالم للعمل- في إطار المنظمة- على احتواء هذا المرض بحلول عام 2030".  

وقال البروفيسور روبرت هايدرمان، رئيس إدارة الأبحاث في كلية لندن " تتيح خريطة الطريق بشأن التهاب السحايا خطة لدحر هذا المرض المدمر. والأهم من ذلك هو أنها تحدد الثغرات المعرفية والأدوات المطلوبة. ولتحقيق الأهداف الطموحة لخريطة الطريق، سيتبع نهج جماعي تشارك فيها البلدان وواضعو السياسات والمجتمع المدني والجهات الممولة والمختصون في الصحة العامة والعاملون الصحيون والصناعة من أجل توليد استراتيجيات مبتكرة جديدة وتنفيذها."  

 

ملاحظات  

حظي حدث الإعلان عن الاستراتيجية اليوم بدعم من شبكة واسعة من المنظمات وفرادى الخبراء المعنيين بالوقاية من التهاب السحايا ومكافحته، بما في ذلك مراكز الولايات المتحدة لمكافحة الأمراض والوقاية منها، وكلية لندن للنظافة الصحية والطب الاستوائي، ومنظمة أطباء بلا حدود، ومؤسسة إيبيسنتر، ومؤسسة الأبحاث بشأن التهاب السحايا، وبرنامج التكنولوجيا الملائمة في مجال الصحة، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة، ومؤسسة غيتس، واتحاد منظمات التهاب السحايا. وتوجه إشادة إضافية إلى جميع الشركاء المشاركين في وضع خريطة الطريق.

خريطة الطريق هي ثمرة أول قرار بشأن التهاب السحايا اعتمدته جمعية الصحة العالمية وأيدته بالإجماع الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية في عام 2020.  

ومن بين النتائج الملموسة الأولى من خريطة الطريق هذه، ستصدر منظمة الصحة العالمية وكلية لندن للنظافة الصحية والطب الاستوائي تقريرا عالميا قائما على الأدلة في 3 تشرين الثاني/نوفمبر عن تحديد ومنع الوفيات الناجمة عن بكتيريا المكورات العقدية من المجموعة باء، المعروفة أيضا بالبكتيريا المكوّرة البكتيرية، وهي السبب الرئيسي للإصابة بالتهاب السحايا عند حديثي الولادة والرضع.