الفاتيكان
23 أيلول 2025, 08:45

من هنّ النّساء اللّواتي حيّا البابا شجاعتهنّ؟

تيلي لوميار/ نورسات
منطلقًا من السّؤال الوارد في سفر الأمثال "من يجد المرأة الفاضلة؟ إنّ قيمتها فوق اللّآلئ"، (مثل 9، 10)، توجّه البابا لاون الرّابع عشر إلى الرّاهبات الكرمليّات في الأرض المقدّسة إلى جانب المشاركات في المجامع العامّة لكلٍّ من راهبات القدّيسة كاترين، مرسلات سيّدة الحبل بلا دنس السّاليزيانيّات وراهبات القدّيس بولس من شارتر، اللّواتي التقاهنّ الإثنين في الفاتيكان، ورأى أنّ الإجابة تكمن في تاريخهنّ، وقال:

"ففيه وجد الله لا امرأة بل نساء كثيرات قويّات وشجاعات لم يتردّدن عن تحمّل المخاطر ومواجهة المشاكل من أجل معانقة مشاريعه والإجابة بـ"نعم" على دعوته. وليس هذا فقط بل قد فتحن الطّريق أمام نساء أخريات كثيرات مثلكن، واصلن عملهنّ في عفّة وطاعة وصولًا إلى الاستشهاد في بعض الحالات. إنّنا نتحدّث عن نساء استثنائيّات انطلقن في رسالات في حقبات صعبة وانحنين على البؤس المعنويّ والمادّيّ في أوساط المجتمع المتروكة بمفردها بشكل أكبر. نساء، وكي يكن بالقرب ممّن هم في عوز، قبلن بالمخاطرة بحياتهنّ وصولًا إلى فقدانها ضحايا لعنف أزمنة الحرب."

وعاد البابا لاوُن الرّابع عشر في هذا السّياق- بحسب "فاتيكان نيوز"- إلى نشيد في ليتورجيّة السّاعة يتحدّث عن مثل هؤلاء النّساء وكيف يسيطرن على الجسد بالصّوم ويغذّين الذّهن بغذاء الصّلاة العذب وكيف يتعطّشن إلى فرح السمّاء. وقال: "إنّ هذه كلمات حكيمة وعميقة تشير إلى جذور حياتكنّ كمكرّسات سواء فيما يتعلّق بالحياة التّأمّليّة أو بالنّشاط الرّسوليّ. إنّ قوّة الأمانة على هذين الصّعيدين تأتي من الينبوع ذاته، المسيح، وإنّ الوسائل للاستنباط من ثراء هذا الينبوع هي، وحسبما تُعلِّم خبرة الكنيسة الطويلة، الزّهد، الصّلاة، الأسرار والعلاقة الحميمة مع الله وكلمته، مع الأمور الّتي في العلى حسبما يذكر القدّيس بولس في رسالته إلى أهل قولسي."

أمّا عمّا قدّمت الجمعيّات والمعاهد ولا تزال تقدّم، أضاف: "إنّ كلّ هذا كان ممكنًا فقط بفضل القوّة الّتي تأتي من الله. إنّ هذا ما نختبر بشكل يوميّ، فعملنا هو بيد الرّبّ وما نحن سوى أدوات صغيرة، "خدم لا خير فيهم" حسبما جاء في الإنجيل. ولكن إن أوكلنا أنفسنا إلى الله وإن بقينا متّحدين به فستحدث أشياء عظيمة من خلال فقرنا تحديدًا."

وذكّر البابا بما كتب القدّيس أغسطينوس حاثًّا العذارى على "التّوجّه على العلى بأقدام التّواضع، فالله يحمل إلى الأعلى مَن يتبعه بتواضع. كما ودعاهنّ القدّيس إلى أن يوكلن إلى الله المواهب الّتي وُهبهن إيّاها كي يحفظها وأن يضعن فيه قوّتهنّ."

ذكَّر الأب الأقدس من جهة أخرى "بحديث البابا القدّيس يوحنّا بولس الثّاني، خلال تأمّله حول الحياة الرّهبانيّة في ضوء تجلّي المسيح، عن صعود الجبل والنّزول منه مشيرًا إلى أنّ التّلاميذ الّذين نعموا بألفة المعلّم يظلّلهم للحظة بريق الحياة الثّالوثيّة وشركة القدّيسين وأفق الأبديّة قد أعيدوا فورًا إلى الواقع اليوميّ حيثما لا يرون سوى يسوع وحده في تواضع الطّبيعة البشريّة، قد دُعوا إلى العودة إلى الأسفل كي يعيشوا معه تعب تصميم الله والسّير بشجاعة على درب الصّليب.

وواصل البابا لاوُن الرابع عشر مشيرًا إلى النّظر في هذا النّور إلى مؤسّسي الجمعيّات والمعاهد كأشخاص في وحدة وثيقة مع الله، ولهذا هم مكرَّسون لخدمته ولخير الكنيسة وملتزمون في ترسيخ وتعزيز في نفوس الأخوة ملكوت السّموات الّذي شعروا به حيًّا في داخلهم، وفي نشره في كلّ جزء من الأرض. وتابع قداسته قائلًا للرّاهبات إنّ هذا هو الإرث الّذي تلقّينه والّذي يجعل وجودهنّ هامًّا جدًّا، ففي أيّامنا هذه أيضًا هناك حاجة إلى نساء سخيّات. وأراد البابا هنا أن يوجّه تحيّة خاصّة إلى راهبات الأرض المقدّسة الكرمليّات، وتحدّث عن أهمّيّة ما يقمن به بحضورهنّ اليقظ والصّامت في أماكن يمزّقها مع الأسف الكراهيّة والعنف، بما يقدّمن من شهادة لتسليم الذّات بثقة لله، وبتضرّعهنّ المتواصل من أجل السّلام. وأضاف الأب الأقدس قائلًا لراهبات الأرض المقدّسة: إنّنا جميعا نرافقكنّ بصلاتنا، ومن خلالكن أيضًا نصبح قريبين ممّن يعانون".

وإختتم البابا كلمته شاكرًا جميع الرّاهبات على ما يعملن من خير في الكثير من بلدان العالم في أطر مختلفة، ثمّ باركهنّ مؤكّدًا تذكّره لهنّ في صلاته.