ثقافة ومجتمع
17 شباط 2016, 12:59

من يحيا في الثّقة.. الثّقة نفسها تحييه

يُبنى العالم على مبادئ أساسيّة تساهم في تكوين حياة النّاس وتحديد تصرّفاتهم، ومن بينها مبدأ "الثّقة"؛ فالحياة مجموعة مواقف يختبر فيها المرء الآخرين بإمتحانات يوميّة تكون فيها الثّقة سبيلَ النّجاح.

تدخل الثّقة بأغلبيّة تفاصيل حياة المرء، وتلعب أدوراها البطوليّة من الولادة حتّى الوفاة.

في المرض، يؤتمن الطّبيب ويسلَّم كامل المسؤوليّة في إعطاء الدّواء السّليم للشّفاء.

تنتقل الثّقة فتشارك التّلميذ مقاعد دراسته، فهم المعلّمون من يهتمّون بنجاح الولد على المستوى الأكاديميّ.

الثّقة تشارك المرء في عمليّة إختيار أصدقائه أيضًا والتّعامل مع زملائه في العمل. فالأصدقاء آبار عميقة تحفظ في قعورها أسرارًا كثيرة وأحداثًا عديدة؛ والثّقة في محيط العمل أساسيّة تنقّي التّواصل مع الزّملاء والمدراء، وتساهم في زيادة الإنتاجيّة والحيويّة في العمل.

يعتمد المرء على الثّقة في عمليّة إختيار شريك حياته، وهنا الملعب الذي يُظهر قوّتها بشكل واضح، فزواج أبديّ لا بدّ من أن يبنى على الثّقة، فهل معقول أن يعيش المرء طوال العمر مع شخص واحد تحت سقف واحد وأن يسلّمه حياته ونفسه وممتلكاته، من دون أن يثق به؟

الثّقة أساسيّة في القيادة أيضًا، وفي تعلّم السّباحة مع رياضيّ متخصّص، وفي جلسات العلاج النّفسيّ، وفي تناول الطّعام خارج المنزل في مطعم ما، وفي رحلات السّفر على متن الطّائرة أو الباخرة، وغيرها من المواقف اليوميّة التي تُرسم بريشة الثّقة.

على المرء أن يثق بالآخرين، وإلّا أصبحت الحياة مستحيلة، يحتلّها الخوف الدّائم ويسيطر عليها الحذر والخشية، فالمخافة من الآخر تشلّ الإنسان جسديًّا ونفسيًّا وتعيق أفعاله وتحرّكاته.

الثّقة هي جسر الحياة الصّحيح التي نمضي عليه، لنعيش ونكبر ونستمرّ.

الثّقة شعور ثمين فطريّ يمتاز به الإنسان، تنمّيها التّجارب حينًا و تزيلها الخبرات حينًا آخرًا، ولكن من يحيا في الثّقة، الثّقة نفسها تحييه...