ثقافة ومجتمع
13 تموز 2014, 21:00

مياه لبنان... آخر الدواء الاستيراد

(البلد أون لاين) إنها الكارثة المائية التي تنبّأ الخبراء بحدوثها في العام 2020، بدأت مؤشراتها تظهر اليوم، فالجفاف والعطش هما آخر ما كان يتوقع اللبناني حدوثهما بسبب فكرة راسخة في عقله وهي أن لبنان بلد المياه الذي يتمتع بثروة مائية تُبعد عنه شبح الجفاف مئات السنين. ولكن صدّق او لا تصدّق، نحن امام كارثة مائية حقيقية.
أوصت "لجنة الأشغال العامة والنقل والمياه" بالتعاطي مع أزمة الجفاف على أساس مواجهة كارثة طبيعية، مطالبة الحكومة بـإعلان حالة طوارئ مائية. وكان أن بحثت اللجنة في جلسة موسعة، برئاسة النائب محمد قباني، موضوع مواجهة مخاطر كارثة شح المياه المتوقعة، أذاع قباني توصياتها فجاء في مقدمتها "محاولة استيراد المياه من تركيا بالاساليب الممكنةاضافة الى ترشيد استهلاك المياه من خلال وقف ري المزروعات الموسمية لقاء التعويض على المزارعين وتخصيص المياه للاستعمال المنزلي فتتولى مؤسسات المياه وضـع لائحـة بالآبـار الواجب مصادرتها لقاء تعويضات، واستعمال المياه المخصصة أصلاً للمزروعات الموسمية من أجل الاستعمال المنزلي.
 
هطول الأمطار
ويشهد لبنان منذ سنوات تراجعاً كبيراً في نسبة هطول الأمطار وتوزعها على مدار العام، وصلت إلى حدود الخطر خلال السنتين الماضيتين، وخصوصاً ان معدل الأمطار هذا العام لم يتخط ثلث كمية متساقطات العام الماضي التي كانت في الأساس أقل من المعدل العام المطلوب، ولكن المشكلة ليست هنا فقط بل في عدم وجود سياسة رشيدة وعقلانية لاستهلاك واستغلال المياه. ومما لا شك فيه بأن تداعيات هذه الأزمة ستنعكس على الزراعة والري وكذلك على كميات استهلاك المياه لدى المواطنين.
 
بلد المياه يستورد المياه
فكان لبنان حتى الأمس مصنفاً كثالث بلد عربي في غزارة المياه، أما اليوم فسيصنّف بأنه البلد المستورد للمياه، فأن نسمع بأن لبنان سيستورد المياه لري الأراضي وإشباع ظمأ اللبنانيين من تركيا هذا يعني أن ناقوس الخطر قد دق باب كل لبناني، مسلطاً الضوء على الفشل والعجز اللذين تعيشهما الدولة اللبنانية وتمارسهما بفخر على كل الاراضي اللبنانية وامام جمهورها، فهل حقاً بات آخر الدواء الكي بنيران الاستيراد ، وهل بات بلد المياه عاجزاً على أن يسترد جزءاً من ثروته المائية من خلال سياسة الترشيد وتخزين المياه في الآبار؟.
 
أزمة مياه حقيقية
في هذا السياق تؤكد مستشارة وزير الطاقة رندة نمر لـ"البلد" أن لبنان أمام أزمة مياه حقيقية، "لأن البلد يعاني منذ سنوات طويلة من الـتأخير بتنفيذ المنشآت المائية المطلوبة لتفادي أزمات الجفاف، مثل إنشاء السدود وحصر الينابيع والآبار، بالإضافة إلى أعداد النازحين الكبيرة التي أدت إلى تفاقم استهلاك المياه، والهدر بالبنى التحتية التي تحتاج إلى التحديث، وجاءت المشكلة الطبيعية الأكبر التي (زادت الطين بلّة) وهي معدلات هطول الأمطار المتدنية جداً مقارنةً بالمعدلات العامة. وهذه المشكلات مجتمعة جعلت من نقص المياه يتضاءل تدريجياً إلى أن تحول إلى كارثة حقيقية".
 
أمل؟
وطمأنت نمر اللبنانيين أنه "طالما أن محطات الوقود ما زالت تقوم بغسل السيارات، والصهاريج ما زالت تبيع المياه في الطرقات فهذا يعني أننا ما زلنا نستطيع تفادي المشكلة ومعالجة الأزمة. على الرغم من أن المياه السطحية وكمية الينابيع قليلة أو معدومة، ولكن المياه الجوفية بوضعٍ يتراوح بين الضعيف والجيد ببعض المناطق". وأعطت مثالاً على الآبار الجوفية التي ما زالت بوضع جيد جداً في لبنان مثل "المضيق بكسروان الذي ما زال يعطي 80 ألف متر مكعب يومياً، وبعض الآبار في المتن الأعلى".
 
الصيانة ثم الصيانة ثم الصيانة
وعن الخطط المستقبلية التي يجب القيام بها لمعالجة أزمة المياه تقول نمر "المطلوب إدارة الأزمة بتقنين المياه بالتحويل من مصدر لمصدر، أي إجراءات داخلية، والمعالجة لا تتم إلا بالصيانة ثم الصيانة ثم الصيانة، وتوقيف الهدر والتوعية وترشيد استهلاك وتأمين المحروقات للآبار وحل مشكلة الكهرباء التي تقلّص من تشغيل الآبار وعملها".
 
مشروع قباني
أما مشروع استيراد المياه من تركيا فتعلّق نمر على الموضوع باستغراب "أنا مهندسة مياه وأتمنى أن يقوم أحد المهندسين المشرفين على هذا المشروع بتفسير كيفية استيراد المياه من تركيا إلى بحر لبنان ثم يقومون بضخّها إلى محطة الديشونة بالمنصورية".
إذاً هناك إشارات استفهام كبيرة من وزارة الطاقة حول مشروع رئيس لجنة الأشغال العامة والمياه النائب محمد قباني، والذي هو مشروع لتغطية بيروت دون التطلّع للشمال أو الجنوب أو البقاع إضافة إلى أن تطبيقه يتطلّب أكثر من سنة لأنه يحتاج إلى بنى تحتية خاصة، كما أشارت مستشارة وزير الطاقة.
وسيعلن وزير الطاقة أرتور نازاريان خلال مؤتمر في "جامعة الحكمة- فرن الشباك" يوم الثلثاء المقبل عن حملة ترشيد المياه وعن الخطط العملية التي ستقوم بها الوزارة لإبعاد شبح الجفاف عن لبنان.