لبنان
12 حزيران 2023, 13:20

ميناسيان زار زحلة والمناسبة؟

تيلي لوميار/ نورسات
لمناسبة زيارته الأبويّة واليوبيل السّبعين لكنيسة سيّدة فاطيما في زحلة، ترأّس كاثوليكوس بطريرك بيت كيليكيا للأرمن الكاثوليك البطريرك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان القدّاس الإلهيّ في كنيسة سيّدة فاطيما- حوش الزّراعة- زحلة، عاونه فيه لفيف من الكهنة والشّمامسة وذلك بحضور المعاون البطريركيّ ومطران بيروت لكنيسة الأرمن الكاثوليك جورج أسادوريان، رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم، راعي أبرشيّة زحلة للسّريان الأرثوذكس المطران بولس سفر، رئيس دير مار فرنسيس في زحلة الأب الياس مرسوانيان، وزير الصّناعة في حكومة تصريف الأعمال النّائب جورج بوشكيان، النّوّاب: جورج عقيص، سليم عون، الياس اسطفان وجان طالوزيان، النّائب والوزير السّابق إيلي ماروني، رئيس تجمّع الصّناعيّين في البقاع نقولا أبو فيصل، ممثّلي الأحزاب في زحلة وحشد من المؤمنين.

وبحسب إعلام البطريركيّة، "استهلّ القدّاس بكلمة ترحيبيّة ألقاها خادم الرّعيّة الخوري أليشان أبارتيان جاء فيها: "بفرحٍ روحيٍّ عميق يسرُّني أن أرحِّب بكم يا صاحب الغبطة، باسمِ هذا الجمع الحاضر، وبخاصّة أبناء رعيّتنا، ونحن نلتقي معكم وحولكم في هذا اليوم المبارك، وقد حللتم في ما بيننا، حاملين البشرى الحلوى باسم يسوع المسيح الّذي فرزكم راعيًا وأبًا ومدبّرًا لنا جميعًا.

"طوبى للآتي باسم الرّبّ". كان هذا أوّل ردّ فعل عفويّ لنا حينما علمنا أنّكم قرّرتم زيارة رعيّتنا في زحلة، لتفقُد أبنائها والوقوف إلى جانبهم والاستماع إلى همومهم ورَبَتِ كتِفهم كما يفعل الأب الحنون لأولاده. فالرّاعي الصّالح يذهب وراء خرافه كما تفعلون أنتم اليوم. فبدأنا على الفور وبفرح التّحضير لهذه الزّيارة المُباركة. وها هوذا اليوم المُنتظر، حيث يلتقي فيه الرّاعي برعيّته، وها هي أصوات أجراس زحلة عروس البقاع وعاصمة الكثلكة في الشّرق تصدح مُهلّلةً، وذلك تعبيرًا عن الفرحة العارمة لهذه المناسبة. إنَّ زيارتكم اليوم يا صاحب الغبطة لرعيّة "سيّدة فاطيما" في زحلة، هي لنا محطّة تاريخيّة مجيدة ستلهج بها الأجيال إلى زمنٍ بعيد. هذه المدينة الّتي احتضنت أبناء الجالية الأرمنيّة منذ أكثر من مئة عام، بعدما تهجّرت من وطنها الأمّ بسبب الاضطهاد العثمانيّ، فوجدت فيها الملاذّ الآمن والاستقبال الحارّ، فاندمجت سريعًا في هذا المجتمع وأصبحت جزءًا فاعلاً فيه. ونحن ككنيسة أرمنيّة كاثوليكيّة في زحلة، وبرغم قلّة عددنا، عملنا ونعمل وسنبقى نعمل على تفعيل وتمكين دورنا فيها وتوطيد العلاقات مع كافّة أبنائها، وذلك لخير المجتمع الزّحليّ عامّة، وأبناء الطّائفة الأرمنيّة خاصّة. إنّنا إذ نحتفل اليوم باليوبيل السّبعين لكنيستنا، وبعيد الطّوباويّ إغناطيوس مالويان، نشكر الرّبّ على هذا النّهار المبارك، ومريم العذراء "سيّدة زحلة والبقاع" على احتضانها لنا. نشكركم يا صاحب الغبطة على دعمكم واهتمامكم الدّائم برعيّتنا، ولهذه الزّيارة الّتي ستُطبَع في قلوبنا ونفوسنا. نشكر كلّ الحاضرين لمشاركتنا فرحة اللّقاء هذا. أودُّ أن أنوّه أمامكم جميعًا بروح التّعاون العالي الّذي ساد بين أبناء رعيّتنا، وبخاصّة أعضاء اللّجنة المُنظّمة، وذلك أثناء الإعداد لهذه الزّيارة الرّاعويّة وفي مراحل تحقيقها في أدقّ التّفاصيل لإنجاحها. نشكر كلّ الجمعيّات والفعاليّات والعناصر الأمنيّة والبلديّة والكشفيّة ولكلّ من ساهم في تنظيم هذه الزّيارة. الشّكر موصول أيضًا إلى كلّ الوسائل الإعلاميّة وبخاصّة إلى قناة تيلي لوميار ونورسات الّتي تنقل هذا الاحتفال مباشرة على الهواء. صاحب الغبطة، إنّ أبناء رعيّة "سيّدة فاطيما" في زحلة تغمرهم فرحة عارمة باستقبالكم اليوم، وهم يعتبرون حضوركم فيما بينهم نعمة كبيرة من الله. وفي الختام لا يسعنا إلّا أن نعبّر لكم عمق خضوعنا لسلطتكم الكنسيّة وتمسّكنا بأهداب أرمنيّتنا العريقة، آمين. "

بعد الإنجيل المقدّس، ألقى البطريرك ميناسيان غطة قال فيها:  

"أخوتي وأخواتي الأحبّاء،

إنّني سعيد بزيارتي هذه في (مثل هذا الوقت) وفي هذا الشّهر المبارك المكرّس لقلب يسوع الأقدس الّذي يلي الشّهر المريميّ المخصّص لتكريم العذراء مريم أمّ الله وأمّنا.

إنّي سعيد بزيارتي هذه لأنّها مناسبة جوهريّة توقظنا من سبات عميق لنتطلّع على حقيقة قد تبنّيناها كواجب بدون فهم ولا إحساس بجوهرها، لدعوة ورسالة ربّانيّة أضحت في حياتنا بلا معنى، حقيقة أخذناها كعادة أوتوماتيكيّة فارغة الفحوى وخالية من القناعة.

فما هي هذه الحقيقة؟ هذه الحقيقة هي يسوع المسيح المخلّص السّاكن معنا في سرّ القربان في صورة خبزٍ نتناوله ونلتجأ إليه ولكنّنا كالعميان نسير ولا نرى، نسير ولا ندري أين نحن وإلى أين نحن ذاهبون.

يسوع المخلّص، يسوع ابن الله، الإله الحيّ، الاله القدّوس معَنا ونحن نتجاهله ونتناساه حتّى حين نتناوله تحت شكل الخبز والخمر، نعم هذا هو خبز الحياة الّذي من يأكله يحيا ولا يموت. هو الفادي الّذي قال لتلاميذه ولمجتمعه في تلك الأيّام وحتّى يومنا هذا، "مَن يأكل من هذا الخبز النّازل من السّماء لا يموت. أنا هو الخبز الحيّ الّذي نزل من السّماء مَن أكل مِن هذا الخبز يحيا إلى الأبد والخبز الّذي أعطيه هو جسدي أبذله من أجل حياة العالم" (يوحنّا 6، 52).

هنا تقف العقول والمعرفة، هنا يبدأ اللّاهوت، هنا الإله الّذي يتكلّم، خالق الكون يحادثك قائلاً:" إن كنتم لا تأكلون جسد ابن الإنسان ولا تشربون دمه فلن تكون فيكم الحياة". (يوحنّا 6، 53).

نعم، إخوتي الأحبّاء الرّبّ أعطانا جسده ودمه لنحيا به إلى الأبد، ولكنّنا قد تجاهلنه ولا نزال نتجاهله وجوده في حياتنا. لو كنّا أمناء لفهمنا معنى هذا العطاء ولتعلّقنا به كما يجذب المغناطيس المعادن إليه فيصبحا الإثنان واحدًا، جسدًا واحدًا وهذا ما قاله يسوع بوعد من قبله "من أكل جسدي وشرب دمي يثبت هو فيّ، وأثبت أنا فيه. وكما أنا أحيا بالآب الحيّ الّذي أرسلني، فكذلك يحيا بي مَن يأكل جسدي" (يوحنّا 6، 56).

فماذا ننتظر أيّها الاخوة بعد كلّ هذا العطاء وهذا الوعد الإلهيّ؟ وليس فقط وعد وإنّما حقيقة تاريخيّة وآنيّة تتحقّق يوميًّا في الذّبيحة الإلهيّة من خلال الكلام الجوهريّ. فماذا ننتظرُ أمام هذه العجيبة الإلهيّة الّتي تحدث يوميًّا في حياتنا؟

إخوتي الأحبّاء هذه هي حقيقة لا تُرفض والّتي أردت أن أذكّركم بها، هذا هو الطّريق. أين يجتمع المؤمنون ويشهدون على انتمائهم بإيمانهم وبوحدتهم لخير أنفسهم ومجتمعهم ولنجاح وديمومة أوطانهم وخاصّة في هذه الأيّام العصيبة الّتي يمرّ بها وطننا العزيز لبنان.

نعم، أذكر اسم الوطن لأنّه جزء لا يتجزّأ من حياتنا اليوميّة. وقد تركناه وحيدًا مهملاً بلا رئيس وبلا مسؤولين ليخدموه بأمانة وتضحية، لقد أهملناه وهو الوسيلة الوحيدة ليؤمّن لنا العيش المشترك والمبادئ الرّوحيّة والزّمنيّة. الوطن هو الرّحم الّذي يحمل في داخله أبناءه ويؤمّن لهم شروط الحياة، وهنا أعني الحياة الاجتماعيّة والتّضامن الأخويّ، وهنا أتكلّم عن الضّمير الإنسانيّ بشكل عامّ، الّذي يحترم ذاته ومجتمعه أيّ الضّمير الحيّ الموجود فينا نحن المسيحيّين، الّذين من واجبهم المقدّس أن يعيشوا ويعطوا المثل الصّالح للحقيقة الّتي هي يسوع المخلّص الّذي ضحّى بنفسه من أجلنا، وهو الحقيقة الّذي رسم لنا طريق الخلاص فهو اليوم يوفي ما وعد به عندما قال "أنا معكم طوال الأيّام حتّى انقضاء الدّهر (متّى 28، 20).

أقول هذه الكلمات وأمام عينيَ العجائب العدّة الّتي ظهرت أكثرَ من مرّة في سرّ القربان المقدّس الّذي فجأةً أمام الشّكّ البشريّ تحوّل أثناء الذّبيحة الإلهيّة من قطعة خبزٍ إلى قطعة لحمٍ تنبض بالدّم الحيّ وعند فحص هذه القطعة في المخابر المختصّة، أبهرت عيون العلماء وردّتهم إلى الإيمان بصاحب هذه القطعة اللّحميّة الّتي كانت ولا تزال قطعة حيّة مأخوذة من قلبِ شخصٍ لا يزال على قيد الحياة، ودمها من الفصيلة (A – B) النّوع الّذي يتقبّل جميع أنواع وفصائل دماء البشر.  

نعم، في هذه الصّورة تثبتُ صورة الإله القادر على كلّ شيء والرّحوم الّذي ينتظرنا ليجذبنا إلى قلبه النّابض في سرّ القربان.

ها هو معنى قلبَ يسوع اليوم معنا في هذه الزّيارة الرّعويّة، حيث أقدّم أمنيتي لكم طالبًا منكم بأن تنذروا أنفساكم له ولوالدته العذراء مريم شفيعة كنسيتكم الّتي رافقته من الولادة إلى الصّليب حتّى القيامة، فهي اليوم الأمّ الوسيطة الّتي ستؤمّن وتحرس طريقنا، إلى إبنها الوحيد بشرط أن نكون أمناء على الوعد بانتمائنا إليه."

بعد القدّاس افتتح البطريرك روفائيل الصّالون الجديد للكنيسة وأزاح السّتار عن اللّوحة التّذكاريّة الّتي تؤرّخ لزيارته التّاريخيّة."