لبنان
29 كانون الأول 2015, 14:40

نشاط البطريرك الراعي - بكركي - الثلاثاء 29 كانون الاول 2015

إستقبل البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي قبل ظهر اليوم الثلاثاء 29 كانون الأول 2015، في الصرح البطريركي في بكركي، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي قدم التهاني بالأعياد. واكد سلامة على "الإستقرار النقدي في لبنان، مشيرا الى ان "وضع الليرة اللبنانية ممتاز، والودائع ازدادت بنسبة 4% والتّحاويل الى لبنان لا تزال مستمرّة وإستناداً إلى ذلك، يمكننا القول أنّناقادرون على تأمين الإستقرار النّقدي وثبات اللّيرة."

ثم التقى غبطته النّائب أحمد فتفت، الذي تمنّى "للبنان ولغبطته سنة خير"، آملا أن "تحصل الإنتخابات الرّئاسيّة في أسرع وقت ممكن". واشار فتفت الى انه لمس من غبطته حرصه الشديد على ضرورة ان يكون هناك رئيسا للبلاد لأنّ البلد لم يعد يحتمل ما يحصل من وضع شروط وشروط مضادّة." 

واضاف فتفت:" الرّئاسة هي استحقاق دستوري يجب فصله عن كل الملفات، لأنّ البلد بحاجة بأسرع وقت إلى رئيس، وإذا حصل اعتراض على أي اسم مرشّح،فهذا ليس بمشكلة، ولكن المشكلة تكمن في أنّ لا يكون هناك اسم بديل؛ طرح البديل هو الأساس إذا كان هناك اعتراض على أي اسم، ولكن لا يجب أن نتوقّف على فكرة أنا أو لا أحد." 

وختم فتفت: "لقد سمعت من غبطته كلاما وطنيا دعا فيه الى ايجاد حل للخروج بأسرع وقت ممكنمن هذه الأزمة لمصلحة البلد. كذلك ادركت وجود تلاقٍ كبير في وُجُهات النّظر وتحديداً في موضوع الرئاسة واعتباره موضوعا دستوريا يجب ان يبقى بمعزل عن السلاّت السياسيّة، وإلاّ لن نتمكّن من الخروج من هذه الدوّامة. هذه هي النّقطة المفصليّة في حديثنا اليوم، والتي اعرب عنها سيدنا في رسالة الميلاد، وهذا هو رأي تيّار المستقبل أيضاً."

ثم استقبل غبطته وزير العدل أشرف ريفي، الذي اعتبر ان "تزامن عيدي الميلاد المجيد والمولد النّبوي الشّريف رسالة سماويّة، لأنّ إرادة الله هي أن نتعايش بإخاء وسلام. ولبنان في تعايشه هو نموذج فريد في العالم أجمع. وهو نموذج نفتخر وتعتزّ به ويجب أن نحافظ عليه." 

وتابع ريفي: "لقد عرضنا لغبطته المراحل المتقدمة لمشروع بناء قصر عدل جونية، ونحن نأمّل أن ينتهي هذا الملف في خلال الأسابيع المقبلة ومن ثم نستعرضها معصاحب الغبطة لنحدّد موعداً لوضع حجر الأساس بعد تأمين التّمويل للإنطلاق بإنشاء قصر عدل جونية. فالمنطقة بحاجة إلى بناء قصر عدل لمنع الإكتظاظ في بعبدا وتسهيل أمور النّاس وتحريك الملف القضائي."

وختم ريفي:" اما على المستوى السياسي، فلقد تطرّقنا إلى ضرورة إجراء الإستحقاق الرّئاسي بمعزل عن الإسم، وليتّفق اللّبنانيّون على أي اسم يجدونه مناسباً والجميع يباركونه." 

واستقبل البطريرك وفدا من المكتب السياسي في حزب الله برئاسة السيد ابراهيم امين السيد، يرافقه الحاج محمود قماطي، الدكتور علي ضاهر، الشيخ محمد عمرو، الحاج حسن المقداد، والشيخ علي برو بحضور المطران سمير مظلوم والأمير حارث شهاب، في زيارة تهنئة بالأعياد تم في خلالها البحث في موضوع الإنتخابات الرئاسية والمبادرة التي طرحت في هذا الإطار. 

بعد اللقاء قال السيد:" لقد تشرفنا بزيارة غبطة البطريرك بمناسبة الأعياد المباركة  في عيد ميلاد السيد المسيح، ورأس السّنة. هذه المناسبة تدفع دائماً إلى التّلاقي والزّيارات وهي في حدّ ذاتها مباركة. وبطبيعة الحال، هذه اللّقاءات حتّى ولو كانت في إطار القيام بواجب التبريك في الأعياد، هناك قضايا وملفات أساسيّة وكبرى تفرض نفسها على أيّ لقاء يحصل. ومن هذا المنطلق تم التطرّق إلى مواضيع متعدّدة، وفي مقدّمتها موضوع انتخاب الرّئيس وما يمكن أن نطلق عليه بالمبادرة التي طُرحت لإنتخاب الرئيس. واستمرّينا في نقاش هذا الأمر مجدّداً وأعطينا رؤيتنا ورأينا في هذا الأمر. وطبعاً غبطة البطريرك من موقع مسؤوليّته الدينيّة والوطنيّة تجاه لبنان هو حريص على أن يتمّ التّعاطي مع هذه المبادرة بما يحقٌّق الحماية للبنان ومدخل الحماية يتمثّل بانتخاب الرّئيس وإعادة تكوين السّلطات بما يحمي لبنان واللّبنانيّين جميعاً." 

وردا على سؤال حول اذا ما كان هناك تطابق في الرؤية، أجاب السيد: "نحن متّفقون في المقاربة المبدئيّة للموضوع وهي ضرورة أن يُصار إلى انتخاب الرّئيس لما لهذا الإنتخاب من أهميّة وتأثير على صعيد لبنان، سواء كان في الدّاخل أو بما يعنيه من أوضاع أو تهديدات من الخارج. ولكن هذه المبادرة التي تُسمّى مبادرة، هي ليست فقط مسألة مبدئيّة وإنّما تحمل قضايا تفصيليّة أو بنوداً تفصيليّة." 

وأضاف السيد: "بالنّسبة لنا السّياسة هي أخلاق وليست كذباً ومناورات، وبالتّالي، عندما التزمنا مع الجنرال عون في ترشيحه للرّئاسة، بالنّسبة لنا، لا نستطيع أن نتحلّل أمام أي معطيات جديدة أو أمام أي مفرق سياسي جديد، وأن نتخلّى عن التزامنا بهذا الأمر. وهذا الإلتزام هو التزام أخلاقيّ يتضمن شرطين: الشّرط الأوّل هو أن يكون الإلتزام اختياريا،  فنحن لم يُلزمنا أحد أن نلتزم مع الجنرال عون، فكان التزاماً إختياريّاً ونابعا من إرادة حرّة. والشّرط الثاني هو اننا عندما نلتزم لا يُفهم من هذا الإلتزام  أنّنا نمنّن الجنرال عون به. هذا الأمر بالنّسبة لنا معيب، ولذلك فإنّ الطّروحات الموجودة والمبادرات الموجودة، كي تؤدّي دورها اوتصل إلى نتائجها المقبولة، أو كما يُقال نتائجها السّعيدة، هذا الأمر يجب أن يتم من خلال قبول الجنرال عون بهذا الموضوع." 

وتابع السيد: "الأمر الثّاني، هو أنّنا لسنا الطّرف الذي عليه هو أن يبادر ليُزيل هذه العَقَبة أمام هذه المبادرة أو هذه التّسوية أو هذا الطّرح أو هذه الفكرة. لسنا معنيّين بهذا الأمر ولا نقبل أصلاً أن تقوم الأطراف كلها بأدوارها في ما يخصّ التّسوية في موضوع الرّئاسة، ثمّ يكون دورنا الوحيد هو أن نُقنع ميشال عون بالتّنحّي عن ترشيحه لرئاسة الجمهورية. هذا الأمر لم يكن ولن يكون. هذه الرؤية يتفهّمها صاحب الغبطة، ولكنّه لا يطلب منّا أن نتحلّل من التزامنا وأخلاقنا، ولكنّه يطلب أن يكون لنا دورا، باعتبار أن لحزب الله دور وتضحيات، ويجب على هذه التّضحيات أن تكون في سبيل حماية لبنان وحفظ لبنان وقوة لبنان، وعلى الأقل أن نلعب دورا في موضوع وصول الأمور في لبنان إلى النّتائج في انتخاب رئيس للجمهوريّة. لقد تفهّم غبطته موقفنا الأخلاقيّ، لكن برأيه هو، لا يمانع أن يكون لنا دور ما في هذا الأمر. وبالتّأكيد، كما قلت في أوّل الأمر، لن يكون هذا الدّور في إقناع الجنرال عون بأن يتخلّى عن ترشيحه للرّئاسة." 

وعن اعتبار البعض بأنّ حزب الله لا يريد إجراء الإستحقاق الرّئاسي، أجاب السيد: "هذه من الإستنتاجات التي يتسلّى بها السّياسيون في لبنان والتي لا قيمة لها، فليجرّبوا، وليصلوا مع الجنرال عون الى موقف يقول فيه أنهّ لا يريد الإستمرار في ترشحه، عندها فليختبروننا  إذا كنا نريد ان يكون هناك رئيسا ام لا."

وعما اذا كان التقارب الاميركي الإيراني سيؤدي بدوره الى زيادة الضغوط المالية على حزب الله اوضح السيد:" لنسمّيها العقوبات أو الإجراءات الأميركيّة، فهي ليست الأولى، وربّما هي الرّابعة أو الخامسة أو السّادسة، وهذه إجراءات لا تطالنا لأنّه ليس عندنا أموالاً لها علاقة بالتّحويلات المصرفيّة من الدّاخل والخارج، وهذه نُقطة بُحثت في اللّقاء. أودّ أن أركّز هنا وأقول إنّ موقفنا من هذا الأمر يتمثّل في الدّولة اللّبنانيّة، التي عليها أن تتحمل مسؤوليّتها في حماية حقوق المواطنين اللّبنانيّين، وأن لا تقبل في أن تُفرض عليها إملاءات خارجيّة، وهي التي تحدّد الملفّات الماليّة أو المصرفيّة لأيّ مواطن لبنانيّ. والمطلوب من الدّولة الّلبنانيّة أن تُرسل رسالة رسميّة إلى الإدارة الأميركيّة، وتطلب ملفّ أيّ مواطن لبناني عليه إشارة أميركيّة في الموضوع المالي والدّولة اللّبنانيّة في مؤسّساتها القضائيّة، هي التي تنظر في هذا الأمر وتحدّد ما إذا كان هذا الشّخص أو المواطن اللّبناني، عنده ما يُخالف القوانين اللّبنانيّة المصرفيّة وتتعاطى معه بحسب ما تتطلّب هذه القضيّة، من إجراءات قضائيّة من عقوبات وغيرها  ولا تأتي هذه الأمور من طرف اسمه الولايات المتّحدة الأميركيّة، لأنّ هذه الإجراءات في أساسها، هي إجراءات سياسيّة وعدائيّة، وبالتّالي، من يصدر عنه إجراءات عدائية-سياسيّة، لا يمكن أن نثق به ولا بملفّاته. هناك دولة عليها أن تتولّى القيام بمسؤوليّتها في ملفّات من هذا النّوع." 

ومن زوار الصرح الوزير السابق جان عبيد ثم سفير لبنان في فنزويلاّ وجزر الكاريبي الياس لبّس، الذي شدد على "ضرورة دعم مواقف صاحب الغبطة التي تصبّ دائما في مصلحة الكنيسة ومصلحة لبنان،" مثنياً على "الزيارة التاريخيّة التي قام بها غبطته للجالية اللّبنانيّة في فنزويلاّ، والتي لا تزال اصداؤها الإيجابية حتى اليوم تتردّد وتتفاعل." ونحن نثمّن نشاطه وحركته واهتمامه برعايانا في كلّ الأماكن ولجمع اللّبنانيين من كلّ الطّوائف." 

وأشار لبس الى ان "رئيس جمهوريّة فنزويلاّ نيكولاس مادورو كان قد قدم للجالية اللبنانية في خلال زيارة البطريرك الى فنزويلا  قطعة أرض كبيرة جدا ليتم بناء مركز للمطرانيّة المارونية عليها، واليوم بحثنا مع نيافته في تفاصيل متعلقة بالأمر ولقد لمسنا منه حماسة كبيرة واستعدادا لتقديم كل مساعدة."

هذا واستقبل غبطته وفداً من فعاليّات وأهالي منطقة دير الأحمر والقرى المجاورة برئاسة المطران حنّا رحمة للتّهنئة بالعيد، وكانت كلمة لغبطته رحّب فيها بالوفد مشددا على "اننا بحاجة أن نبقى متّحدين لمنع دخول النّزاعات بيننا، وقال:" يمكن للمجتمع المدني أن يلعب دوراً كبيراً جدّاً بوحدته وتضامنه بقيادة المطران حنّا رحمة إبن المنطقة، كما كنتم دائما مع المطران عطالله والكهنة ورؤساء البلديّات والمخاتير والمنظّمات والهيئات والأخويّات، وكل هذه الهيئات الموجودة معنا اليوم. وإذا كانلدينا أزمة على المستوى السياسيّ يجب ان لا تتحوّل إلى أزمة على المستوى الإجتماعي. نحن قادرون أن نتكاتف ونتعاون كي تمرّ العاصفة. لنكون هذه القصبة اللينة، التي لا تقف بوجه الرّيح كي لا تنكسر، بل تلتوي مع العاصفة وتتركها تمر ومن ثم تعود وترتفع."

وتابع غبطته: "اشكركم على زيارتكم واقدر مشقة المشوار ولكني اؤكد لكم ايضا ان البطريركية تعتمد عليكم وتساندكم وتدعمكم. فأنتم السياج، وعندما تكونون بخير نكون نحن بخير. نحن مستعدّون أن نتعاون بكل القضايا التي تساعد المنطقة إنمائيّاً وإجتماعيّاً. أطلب من أجيالنا الطّالعة ألاّ يخافوا من المستقبل، ليحافظوا على رجائهم  ويحبّوا لبنان الذي أعطانا هوية لبنانية ونحن نفتخر بها، ولكن ما أريد أن أكرّره هو أن نحافظ على وحدتنا وتضامننا، ونعمل معاً لحماية المنطقة التي تنتمون إليها؛ لما لها من تاريخ وثقافة وحضارة، وهي أعطت الكثير للبنان لذلك لا يجب ان نستسلم."

بدوره وجّه المطران حنا رحمة كلمة باسم الوفد، وقال:" لقد أحبّ رؤساء البلديّات والمخاتير والكهنة والمؤمنون من كافّة بلدات منطقة دير الأحمر، أن يهنّئوكم بالأعياد ويأخذوا بركتكم، وأن يؤكّدوا لكم أنّهم إلى جانبكم ومنكم نأخذ كل عزيمة وكل قوة وكل حضور للشهادة المسيحية في كلّ الأوساط التي نحن فيها."

وأضاف رحمة: "صحيح أنّ لدينا صعوبات أمنيّة وعسى أن تحزم الدّولة أمرها، ولكن عدا ذلك، نحن متمسّكون بأرضنا، ونحن نشتري أراضٍ وبيوتاً والشّعب يعود إلى أرضه، وشبابنا معنويّاتهم مرتفعة للعودة إلى روحانيّة الضّيعة والمنطقة، ولكن دائماً نحن بحاجة إلى بركتكم وطلّتكم وصلاتكم من أجلنا. شبابنا متحمّسون للعودة إلى أراضيهم وللعيش مع إخوتنا المسلمين بكل سلام. وكلّ المسلمين من كل الفئات جاؤوا إلى معايدتنا في دار المطرانيّة ووضعوا أيدهم بايدنا وهم يريدون السّلام، لأنّهم يتضرّرون أكثر منّا؛ إذا سُرقت مثلاً سيّارة من عندنا، يُسرق خمس سيارات من عندهم، وإذا سُرق بيت عندنا، يُسرق عشرة بيوت من عندهم. ولذلك فالمشكلة عندنا هي مشكلة أقليّات خارجة عن القانون، ونتمنّى أن تحزم الدّولة أمرها في هذا الشّأن." 

 

المصدر : الصرح البطريركي