لبنان
30 تموز 2021, 10:13

هذا ما أوصى به البطريرك الرّاعي مطران أبرشيّة قبرص المارونيّة الجديد!

تيلي لوميار/ نورسات
ترأّس البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي قدّاس سيامة مطران أبرشيّة قبرص المارونيّة الجديد المطران سليم صفير، في كرسيّ المطرانيّة في عشقوت.

وللمناسبة ألقى الرّاعي عظة قال فيها:

"صاحب غبطة البطريرك يوسف الأوّل يونان،

سعادة الأستاذ EPIZOFOROS ELIA ممثّل رئيس جمهوريّة قبرص ‏Nikos Anastasiades،

سعادة السّفير البابويّ وإخواني السّادة المطارنة والرّؤساء العامّين والعامّات والآباء والرّاهبات،

سعادة النّائب القبرصيّ الأستاذ YANNAKIS MOUSSA وعقيلته،

أصحاب المعالي الوزراء والسّعادة النّواب والسّفراء  والقناصل ورئيس مجلس القضاء الأعلى، والقضاة ورؤساء البلديّات والمخاتير.

أيّها الإخوة والأخوّات الأحبّاء،

1. ثلاثًا تأكّد ربّنا يسوع من بطرس من أنّه يحبّه حبًّا شديدًا، وثلاثًا سلّمه رعاية الخراف. ثمّ أنبأه عن واجب التّفاني حتّى الاستشهاد. وبعد ذلك، "قال له: اتبعني" (يوحنّا 21: 19)

"إتبعني" في محبّة النّفوس الّتي اقتنيتها بدمي! "إتبعني" في رعايتها على مثالي "أنا الرّاعي الصّالح" (يو 10: 11 و 14)! "إتبعني" في التّفاني وبذل الذّات في سبيل هذه النّفوس.

لقد أدركتَ، أيّها الأخ العزيز الأسقف الجديد سليم، هذه الدّعوة وهذه الرّسالة، فاخترتَ شعارًا لخدمتك الأسقفيّة كلمة الرّبّ يسوع: "أنا هو الطّريق والحقّ والحياة" (يو 14: 6). على طريق محبّة المسيح تسير، حاملاً لأبناء أبرشيّتك قبرص العزيزة، حقيقة الإنجيل، وسائرًا بهم إلى ينابيع الحياة، المتفجّرة من موت المسيح وقيامته، والمرموز إليها في سفر الرّؤيا بتلك النّابعة من الحمل المذبوح (رؤيا 5: 11).

2. كم يسعدني مع اخواني السّادة المطارنة، أعضاء سينودس كنيستنا المارونيّة المقدّس، المتمثّلين بالإخوة الحاضرين، أن نضع عليك اليد الإلهيّة الّتي اختارتك راعيًا لأبرشيّة قبرص، باختيار الرّوح القدس وآباء السّينودس المقدّس، وبالشّركة الكنسيّة الّتي منحك إيّاها قداسة البابا فرنسيس، الممثّل بيننا بشخص سيادة السّفير البابويّ المطران Joseph Spiteri الّذي نحمّله لقداسته عاطفة شكرنا وولائنا ومحبّتنا، مع صلاتنا الدّائمة من أجله.

3. أنت، أيّها الأخ الجليل، الأسقف الثّالث على أبرشيّة قبرص العزيزة، بعد انفصال أبرشيّة أنطلياس عنها سنة 1988، فيما ترقّى أبرشيّة قبرص بجزئيها الجزيرة وأبرشيّة أنطلياس اليوم إلى القرن الثّالث عشر، وقد بدأ توالي الأساقفة عليها منذ سنة 1357، وإذ كان كرسيّها في لبنان، بات من الواجب إرساء كيانها الجديد والكرسيّ الأسقفيّ في نيقوسيا، وتنظيم الرّعايا، وتفعيل العلاقات المسكونيّة مع رئيس أساقفة الجزيرة، ومع السّلطات المدنيّة. فأرسى الأساسات كبنّاء حكيم سيادة أخينا المطران بطرس الجميّل، أطال الله بعمره، طيلة عشرين سنة، وأعلى البنيان من بعده خلفه سيادة أخينا المطران يوسف سويف من سنة 2008 حتّى انتخابه مطرانًا لأبرشيّة طرابلس في تشرين الأوّل 2020. وكنتَ في عهده نائبًا قضائيًّا من سنة 2009 حتّى اليوم، وخدمت في بعض الرّعايا القبرصيّة من مثل كاتدرائيّة سيّدة النّعم في نيقوسيا، ومار يوسف في لارنكا، ومار جرجس في كورماكيتي، والصّليب المقدّس في كارباشا، ومار ميخائيل في أسوماتوس. وقد بدأت هذه الخدمة لمدّة سنة في آخر عهد سيادة المطران بطرس الجميّل. فأحبّك أبناء هذه الرّعايا، وطالبوا مرارًا بأن تظلّ معهم. وإزداد تعلّقهم بك عندما عينّاك مدبّرًا بطريركيًّا للأبرشيّة في تشرين الأوّل الماضي، وقد شغر كرسيّها بانتخاب مطرانها سيادة أخينا المطران يوسف سويف لكرسيّ طرابلس، وها أنت تعود إليهم بحسب رغبة قلوبهم.

4. يجعلك الرّوح القدس اليوم، بدعوة خاصّة ونعمة مجّانيّة، في مصاف خلفاء الرّسل الإثني عشر، كراعٍ للنّفوس، مؤتمن على مواصلة عمل المسيح، الرّاعي الأزليّ، الّذي باسمه وبشخصه ترأّس القطيع في أبرشيّتك كمعلّم للعقيدة، وكاهن للعبادة المقدّسة، ومدبّر لتدبير الكنيسة (الدّستور العقائديّ في الكنيسة، 20). فالرّوح القدس الّذي اختارك هو ينير دربك بإلهاماته، ويرشد رعايتك بمواهبه الّتي يفيضها عليك في هذه الرّسامة المقدّسة؛ وهو بالنّعمة يشدّد عزيمتك في الضّعف، ويعزّيك في الصّعوبات والمعاكسات، ويجدّد فيك حرارة اليوم الأوّل، ويوجّهك في حالة الضّياع، ويبقى لك في كلّ حال المعلّم والمرشد إلى الحقيقة كلّها.

5. لا شكّ أنّ سيادة أخينا الأسقف الجديد، يضع كلّ ذاته في خدمة "راعي الرّعاة العظيم" ربِّنا يسوع المسيح. إنّه يأتي من عائلة مسيحيّة مارونيّة أصيلة، في ريفون الّتي أعطت وجوهًا مشرقة مدنيّة وكنسيّة توّجها الوجه الألمع في كنيستنا المارونيّة وفي الكنيسة الجامعة المثلّثُ الرّحمة البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير، مثال الكاهن والأسقف والبطريرك. رأى سليم في فتوّته وشبابه هذا الوجه، ولبّى الدّعوة إلى الكهنوت متأثّرًا بمثله.

تهيّأ في إكليريكيّة غزير لمقتضيات الدّعوة المقدّسة، ونما فيها في الفضائل الكهنوتيّة وازدادها أثناء دراسته الفلسفة واللّاهوت في كلّيّة اللّاهوت الحبريّة في جامعة الرّوح القدس- الكسليك، حتّى رسامته الكهنوتيّة في 22 أيّار 1988 في كنيسة مار روكس ريفون بوضع يد راعي الأبرشيّة المثلّث الرّحمة المطران ميخائيل ضوميط الّذي سبق ومنحه درجة الشّمّاسيّة هنا في كنيسة اهتداء القدّيس بولس- الكرسيّ الأسقفيّ عشقوت. وفي كنيسة هذا الكرسيّ أيضًا منحه باسمنا رتبة الخورأسقفيّة سيادة أخينا المطران بولس روحانا نائبنا البطريركيّ العامّ على منطقة صربا في 11 تشرين الثّاني 2020.

6. توسّم فيه سيادة أخينا المطران جي- بولس نجيم، نائبنا البطريركيّ العامّ السّابق في منطقة صربا، موهبة العلم، والفضيلة والخصال الكهنوتيّة، فأرسله إلى ذروما ليتابع اختصاصه في مجال الحقوق الكنسيّة والمدنيّة ودعاوى القدّيسين ودراسات محكمة الرّوتا الرّومانيّة، فتخرّج فيها بشهادة دكتورا في القانونين المدنيّ والكنسيّ من جامعة اللّاتران الحبريّة، وإجازة في الحقّ القانونيّ الشّرقيّ من الكلّيّة الحبريّة الشّرقيّة للآباء اليسوعيّين، وديبلوم في دعاوى القدّيسين من المجمع المختصّ.

وفور عودته إلى لبنان بدأ نشاطه القانونيّ والرّاعويّ والأبرشيّ المتنوّع مع سيادته، وبالثّقة إيّاها واصل هذه النّشاطات مع سيادة أخينا المطران بولس روحانا الّذي محضه هو أيضًا ثقته الكاملة. وفوق ذلك وجد الوقت للتّأليف والكتابة. نذكر منها "مخطوطات ومطبوعات رعايا نيابة صربا بأجزائها الثّلاثة"، وكتابه "قراءة رعائيّة وروحيّة في الشّرع الخاصّ بالكنيسة المارونيّة، وآليّات تطبيقه التّدبيريّة والتّقديسيّة والتّعليميّة" (1385 صفحة)، وسواها من مقالات قانونيّة، وقوانين تنظيميّة.

تسرّ اليوم عائلة المطران الجديد وآل صفير الكرام بهذه النّعمة، وتبتهج نيابة صربا بابنها المطران سليم صفير وعلى الأخصّ رعيّة ريفون حيث ترعرع وتربّى، والرّعايا الّتي خدمها على التّوالي: رعيّة كاتدرائيّة مار جرجس صربا، ورعيّة سيّدة المعونات زوق مكايل، ورعيّة مار يوحنّا المعمدان عشقوت.

7. أيّها الأخ الجليل، المطران سليم، فيما الرّوح القدس يأتمنك على رعيّة المسيح المارونيّة في قبرص، فإنّ الرّبّ يسوع يقول لك اليوم: "اتبعني". إنّك إلى الآن تبعته كاهنًا في كلّ نشاطاتك، ومن كلّ قلبك، أمّا اليوم فبصيغة جديدة، إذ تقتضي منك الأسقفيّة المزيد من النّموّ بالفضائل الكهنوتيّة وبالرّوحانيّة وبخاصّة: روح الصّلاة، مدركًا أنّ قدّاسك اليوميّ هو مصدر قوّتك الرّوحيّة والمعنويّة والحسّيّة، وأنّ صلاة السّاعات المعروفة بالفرض الإلهيّ تقدّس نهارك. فإذا كانت الأسقفيّة الّتي تقبلها اليوم ملءَ الكهنوت، فإنّها أيضًا ملءُ الفضائل والصّفات الرّوحيّة والإنسانيّة والخلقيّة.

أجل، "اتبع" الرّبّ يسوع الرّاعي الصّالح، في رعاية أبرشيّة قبرص، تعضدك النّعمة الإلهيّة، الّتي اختارتك واستقرّت عليك، ترافقك صلاتنا وصلاة إخواننا المطارنة والكهنة والرّهبان والرّاهبات والشّعب المؤمن، وبخاصّة صلاة والدتك وشقيقك وشقيقتيك وعائلاتهم، وصلاة كلّ محبّيك، وتشفُّع المرحوم والدك جان والمرحوم شقيقك سامي من سمائهما. وليتمجّد دائمًا الثّالوث القدّوس، الآب والإبن والرّوح القدس، الآن وإلى الأبد. آمين."