العراق
07 آذار 2022, 10:30

هذا ما يقوله البطريرك ساكو في الذّكرى السّنويّة الأولى لزيارة البابا فرنسيس إلى العراق!

تيلي لوميار/ نورسات
في الذّكرى السّنويّة الأولى لزيارة البابا فرنسيس إلى العراق، احتفل بطريرك الكلدان مار لويس روفائيل ساكو بالقدّاس الإلهيّ في كاتدرائيّة مار يوسف- بغداد، بحضور فعاليّات سياسيّة وحكوميّة وعدد من السّفراء والسّلك الدّبلوماسيّ، فضلاً عن شخصيّات عسكريّة ومدنيّة، بمشاركة السّفير البابويّ في العراق رئيس الأساقفة متيا ليسكوفار، والأساقفة: شليمون وردوني وباسيليوس يلدو وغطّاس هزيم ولفيف من الكهنة والأخوات الرّاهبات وعدد من رجال الدّين من مختلف المذاهب.

وللمناسبة، ألقى البطريرك ساكو كلمة جاء فيها بحسب موقع البطريركيّة: "زيارة البابا فرنسيس التّاريخيّة كانت بركة لجميع العراقيّين. لقد شحنتنا بما يكفي من الدّعم والأمل لتحقيق ما نطمح اليه من حياة إنسانيّة تضامنيّة متعاطفة وكريمة.

في أوّل زيارة لنا إلى روما هذا العام، نحن رؤساء وممثّلي الكنائس في العراق لتقديم الشّكر لقداسته على التفاتته الكريمة بزيارة بلدنا الحبيب، استضافنا في مقرّه يوم الاثنين 28 شباط 2022. عبّرنا خلال اللّقاء عن شكرنا وتثميننا لمجيئه إلينا كحمامة سلام ورسول أخوّة ومحبّة. قال لنا بتأثّر ملحوظ: "إني لن أنسى زيارتي للعراق. إنّي أحمله في قلبي".

سؤالي للعراقيّين هو هل نحمل العراق في قلبنا واهتمامنا كما يحمله البابا؟ هل العراق لنا هو فعل هويّة وانتماء.

سنة مرّت على الزّيارة ولا يزال يرن في ذاكرتنا إيقاع كلمات الأخوّة، والتّنوّع، والسّلام، والوئام، ولتخرس الأسلحة، وحلاوة العيش المشترك، والاحترام والتّعاون والتّضامن. هذه بلاغات أخلاقيّة ووطنيّة ودينيّة محترمة، ينبغي التّواصل معها واستثمارها.

أعلن دولة رئيس الوزراء السّيّد مصطفى الكاظمي السّادس من آذار من كلّ عام يومًا للتّسامح الوطنيّ والعيش المشترك، إنّه فرصة لمناقشة هذه المحاور مع مجموعات عمل لتصبح اختلاجًا إنسانيًّا ووطنيًّا ودينيًّا تمس نفوسنا وتؤثر فيها أبعد تأثير. لا الحياة ولا الدّين هما أداة للعنف والقتل والسّرقة، بل هما أداة لإشاعة القيم الإنسانيّة والرّوحيّة: واحترام كرامة وحقوق كلّ إنسان كأخ ومواطن.

من المؤسف أنّنا بعد 19 عامًا لا نزال أمام فوضى اللّادولة الّتي سبّبها أنّ كلّ شيء مرهون بالطّبقة السّياسيّة والمصالح. لذا ومن أجل إيجاد حلول جيّدة لوضعنا هذا أقترح أن نستثمر هذه الزّيارة بالتّركيز على المحاور الرّئيسيّة الآتية:

1. بما أنّ تنوّع التّقاليد والتّراث الثّقافيّ واللّغويّ والدّينيّ في العراق هو ينبوع للحوار والوحدة بين مكوّناته، لذا ينبغي الاعتراف به وقبوله وحمايته وتسليمه للأجيال القادمة.

2. من المهمّ أن تنطلق التّربية البيتيّة والمدرسيّة من القيم الإنسانيّة المشتركة بين المواطنين فضلاً عن أنّ رسالة الأديان هي للتّسامح والاحترام والمحبّة والتّعاون ممّا يحثّ الشّباب على الالتزام بفعل الخير وممارسة المحبّة وترسيخ العدل والحرّيّة.

3. الحاجة إلى فرص الحوار واللّقاءات بين مختلف التّقاليد الثّقافيّة والدّينيّة من أجل تقوية أواصر الأخوّة وتغليب منطق السّلام واعتماد لغة الحوار لإيجاد حلول متكاملة لتلافي المشاكل الكارثيّة.

4. إنشاء مركز للتّسامح والمصالحة والسّلام من أجل التّغلب على المشاكل وتعزيز الشّراكة، واعداد قادة محلّيّين قادرين على حلّ النّزاعات والعنف الأسريّ والتّواصل مع كذا حالات.

نحن المسيحيّين، جزء من هذا المشروع الوطنيّ النّبيل، ينبغي أن نخرج من العقليّة الاتّكاليّة والتّشكّي والهجرة وأن نتحمّل مسؤوليّتنا ونتعاون مع مواطنينا في ترسيخ العلاقات وتوطيد التّعاون لخير بلدنا ومواطنينا.

قال البابا لنا: "يَجِبُ أَلَّا تُتْرَكَ أَيَّةُ وَسِيلَةٍ مُتاحَةٍ حَتَى يَسْتَمِّرَ المَسِيحِيُّونَ بالشُعُورِ بِأَنَّ العِراقَ هُوَ وَطَنُهُم، وَأَنَّهُم مُواطِنُونَ كامِلُو الحقوق، وَمَدْعُوُّونَ إلَى تَقْدِيمِ مُساهَمَتِهِم في الأَرْضِ التِي عاشُوا فِيها دائِمًا".

بمناسبة مرور سنة على الزّيارة أضمّ صوتي إلى صوت البابا فرنسيس لأدعو جميع الكنائس إلى مواصلة السّير معًا في طريق الأخوّة والوحدة كتلاميذ المسيح. تأثيرنا سيكون أكبر بوحدتنا وشهادة إيماننا وأخلاقنا وإعطاء صورة إيجابيّة لنا.

قال لنا البابا فرنسيس: أَوَدُّ أَنْ أُشَجِّعَكُم علَى الاسْتِمْرارِ فِي هذا الطَّرِيق، حَتَّى تَتِمَّ الخَطَواتُ نَحْوَ الوَحْدَةِ الكامِلَةِ مِنْ خلِالِ مُبادَراتٍ مَلْمُوسَةٍ وَحِوارٍ مُسْتَمِرٍّ والمَحَبَّةِ الأَخَوِيَّة، وَهَذا الأَهَّم. فِي وَسَطِ شَعْبٍ تَأَلَّمَ كَثِيرًا مِنَ التَّمَزُّقاتِ والخِلافات، لِيَتَأَلَّقِ المَسِيحِيُّونَ عَلامَةً نَبَوِيَّةً لِلْوَحْدَةِ فِي التَّنَوِع".

في هذا القدّاس لنصلِّ من أجل بلدنا وتشكيل حكومة وطنيّة سريعًا، حكومة مقتدرة على إنهاض البلد وتوفير الخدمات. كذلك لنصلِّ من أجل السّلام في العالم، وخصوصًا بانتهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، المقلقة للسّلام العالم. من المؤسف أن تكون هذه الحرب انتحارًا سياسيًّا بدل أن يلجأ الطّرفان للحوار الحضاريّ لحلّ المشاكل."