ثقافة ومجتمع
26 أيلول 2017, 13:00

هروب من الزّواج أو انفصال.. فما رأي علم النّفس والكنيسة؟

ماريلين صليبي
الزّواج سرّ من أسرار الكنيسة يُقدم عليه الثّنائيّ بقناعة لتتويج علاقة الحبّ بعائلة تمجّد اسم الرّبّ وتعكس الشّراكة والاحترام. غير أنّ الزّواج في عصر الفساد الحاليّ بات خطوة يهرب منها الشّباب أو يُقدم عليها بطَيش وقلّة مسؤوليّة فتتغلغل المشاكل في تفاصيل حياته.

 

لهذا، ناقش موقع "نورنيوز" هذه الظّاهرة مع الاختصاصيّة في علم النّفس د. مونيك قطّار الّتي ذكرت جملة من الأسباب التي تُبعد شباب اليوم عن الزّواج.

ردّت قطّار السّبب الأوّل والأساسيّ إلى الوضع الاقتصاديّ المتدهور الذي يمرّ به البلد بشكل عامّ وقلّة فرص العمل وغلاء المعيشة، وبالتّالي فإنّ الزّواج بمسؤوليّاته المتعدّدة خطوة لا بدّ من التّحضّر لها وحساب نتائجها جيّدًا.

كذلك، يعتبر عمل المرأة واندماجها في القطاع الوظيفيّ سببًا إضافيًّا لبعدها عن الزّواج، فالمرأة باتت مستقلّة مادّيًّا ومعنويًّا، وواثقة بنفسها وبقدرتها على الاتّكال على نفسها، ما يمنعها من أن تكون تحت سلطة الزّوج.

ولأنّ مجتمعاتنا تميل إلى السّرعة والسّهر والحرّيّة شبه المطلقة، أصبح الالتزام عند الشّباب أمرًا مخيفًا وغير مرغوب فيه. فالاقتران بشخص بات نوعًا من القيود المفروضة وحبسًا أبديًّا يعجز المرء عن تحمّله.

وكثيرًا ما تكون الخبرات السّابقة عائقًا أمام فتح أبواب لعلاقات جديدة، فالإنسان الذي اختبر حبًّا ماضيًا جارحًا قد يهرب من حبّ جديد. كما أنّ المشاكل العائليّة والأخبار المقرّبة قد تُنفِر الشّباب من فكرة نموذجيّة خاطئة عن الزّواج.

أمّا إذا اعتبرنا أنّ الزّواج خطوة يطيح بها الكثيرون، فإنّ نسبة من الشّباب تُقدم عليه، إلّا أنّ الانفصال بات نهاية محتّمة لما يقارب غالبيّة الحالات، فما هي أسبابه؟

تقول قطّار إنّ عدم الوعي والنّضج متغلغلان في شباب اليوم، ما يؤدّي إلى عدم إدراك متطلّبات الزّواج ومسؤوليّاته، فيكتفي الشّباب بالانبهار بالمرحلة الأولى من العلاقة، أيّ بالحبّ الأعمى الذي قلّما يدوم.

هذا وقد يشكّل اختلاف العمر عائقًا أساسيًّا أمام الثّنائيّ، إذ يتفاجأ المرء بشريكه بعد مرور السّنين لتَغَيُّر مبادئه وتطلّعاته وطموحاته.

كما أنّ المعاشرة القصيرة تمهّد الطّريق أمام مشاكل الزّوجين، فلا يتعمّق الأوّل ببيئة الثّاني ولا يدقّق بطينة أهله ومجتمعه.

وأمام ارتفاع نسبة المشاكل بين الأزواج وسير العلاقات الزّوجيّة الحاليّة صوب الانفصال شبه الأكيد، تنصح قطّار الثّنائيّ باعتماد بعض المفاتيح الأساسيّة لنجاح العلاقة، كالمغفرة للآخر عند الخطأ، الاتّفاق على قوانين معيّنة، اللّجوء إلى اختصاصيّ، أخذ الدّعم من العائلة والمحيط، إيجاد أمور مشتركة في العلاقة، اعتماد قدرة أكبر للاستيعاب، اعتماد الصّداقة إلى جانب الحبّ، التّحلّي بالنّضج والمسؤوليّة واعتماد الانفصال الدّاخليّ المبنيّ على الاحترام خصوصًا إذا ما كان للزّوجين أولاد.

من جهة أخرى، وبالتّطرّق إلى المنحى الكنسيّ لهذا الموضوع، يقول الكاهن في أبرشيّة صيدا المارونيّة الأب ريمون بو صالح في حديث لموقع "نورنيوز" الإخباريّ إنّ نجاح الزّواج يأتي من جذور مترسّخة بالإيمان، فالتّربية الصّالحة أساسيّة لنشأة الشّابّ أو الشّابّة.

فعلى الأهل تربية ابنهم وابنتهم على التّضحية والحبّ والعطاء والكرم وعلى مبدأ الشّراكة مع الرّبّ، ليكبران على فكرة التّخلّي عن المادّيّات فيعيشان زواجًا ناجحًا لا ينخره الضّجر أبدًا.

إذًا، إنّ الأرضيّة المسيحيّة ضروريّة لتحضن زواجًا ناجحًا مبنيًّا على مبدأ العطاء لا الأخذ، وعلى أساس العمق في الحياة الرّوحيّة ليتعمّق النّجاح بدوره فيها.

واستذكر الأب بو صالح مثل الزّارع "اَلزَّارِعُ يَزْرَعُ كَلِمَةَ الله. فمن كانوا بجانب الطَّرِيقِ حَيْثُ زُرعت الْكَلِمَةُ، فهم الذين يسمعونها، فيَأْتِي الشَّيْطَانُ لِوَقْتِه وَيذهب بالْكَلِمَةَ الْمَزْرُوعَةَ فِهم." (مر 4:14-20).

كما نصح أخيرًا الشّباب باعتماد الآية التّالية سلاحًا لحماية الزّواج وتأمين ديمومة الفرح والتّركيز على المشاركة بالخلق: "لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يبذل نَفْسَهُ في سبيل أَحِبَّائِهِ." (يو 15:13).