ثقافة ومجتمع
05 تشرين الأول 2016, 10:00

هل ينجح الفاتيكان في تحويل الرّياضة إلى خدمة الإنسانيّة؟

ريتا كرم
بين رياضة الرّوح ورياضة الجسد "حركة" و"بركة"، وفي النّوعين تكامل وحياة. هما غذاء يرفع النّفس من كبوتها وهلاكها، ويحصّن الجسد ضدّ الهوان والمرض. هما يمدّان الإنسان بطاقة كبيرة تعكس لياقة وقوّة، مرونة وتوازنًا، حيويّة ونشاطًا... وأكثر من ذلك الرّياضة- الرّوحيّة أو الجسديّة- تؤدّي خدمة للإنسانيّة يضيء عليها الكرسيّ الرّسوليّ اليوم في مؤتمر عالميّ يمتدّ لغاية بعد غد الجمعة، ويترأّس جلسته الافتتاحيّة البابا فرنسيس بحضور أمين عام الأمم المتّحدة بان كي مون ورئيس اللّجنة العالميّة الأولمبيّة توماس باخ وأبطال رياضيّين عالميّين، وبمشاركة مسؤولين في مجال الرّياضة والدّين والاقتصاد من أجل "ترك أثر إيجابيّ وملموس في المجتمع".

 

ولتحقيق ذلك، يشير المروّجون لهذا المؤتمر، بحسب موقع لاكروا (la-croix)، أنّهم يتحرّكون "من أجل تطوير القدرات البشريّة، والطّباع الإنسانيّة وإغناء الحياة من خلال الرّياضة، ويحضّون الجمعيّات والأفراد للعيش على ضوء المبادئ السّتّة التّالية: الرّحمة، الاحترام، الحبّ، الإلهام، التّوازن والفرح"، وتلك مستوحاة من التّقاليد الدّينيّة الكبرى للإنسانيّة، وفق حديث وكيل المجلس البابويّ للثّقافة ومنظّم المؤتمر المونسنيور ميلكور توكا.  

إذًا، الدّين والرّياضة يترافقان ويتوافقان، وهي ليست المرّة الأولى الّتي تبدي الكنيسة اهتمامًا كبيرًا بها، حتّى أنّ بابوات كبارًا أبدوا تعلّقهم بأنواع معيّنة من الرّياضة، وأبرزهم البابا يوحنّا بولس الثّاني الّذي ما أخفى على أحد هوايته، فكان يمارس التّزلّج والرّقص وكرة القدم والمشي والسّباحة؛ وكبير الأحبار البابا فرنسيس الّذي يتحدّر من القارّة اللّاتينيّة النّابضة عشقًا لكرة القدم بشكل خاصّ، هو من أكبر مشجعّي المنتخب الأرجنتينيّ، لا يفوّت فرصة ليعبّر عن تعلّقه بهذه اللّعبة. ففي افتتاح كأس العالم لكرة القدم عام 2014 في البرازيل، سجّل الأسقف رأيه في رسالة معبّرًا أنّها "تتجاوز بطبيعتها الحدود العرقيّة، اللّغويّة والوطنيّة وتخلق جوًّا من التّضامن بين الشّعوب... هي في الوقت عينه لعبة، وفرصة للحوار، للتّفاهم وللمشاركة بالغنى المتبادل"، فـ"الرّياضة هي مدرسة سلام تعلّمنا على بناء السّلام". وكان الفاتيكان قد نظّم مرّتين، في 2014 و2016، مباراة كرة قدم من أجل تشجيع السّلام بين الأديان شارك فيهما لاعبون عالميّون من أجل تحقيق "ثقافة الالتقاء"؛ فهل تحقّق الرّياضة ما لم تحقّقه السّياسات وتنجح الكنيسة عبر مساعيها الرّياضيّة في بثّ ثقافة السّلام وخدمة الإنسانيّة؟