ثقافة ومجتمع
14 تموز 2016, 08:59

يا بيتي يا بْوَيْتاتي...

ماريلين صليبي
"سوا ربينا، سوا مشينا، سوا قدّينا ليالينا".. بهذا نستذكر بيتنا العائليّ، هذا البيت الذي "ربينا" فيه و"مشينا" في أرجائه و"قدّينا" فيه أيّامًا ملوّنة بياضًا حينًا وسوادًا حينًا آخرًا.

 

هو شرارة الدّفء والحضن المريح، هو البيت العائليّ الذي بحيطانه الحامية يختبئ حنان فريد يبعث اطمئنانًا مُفرحًا. سقفه استدامةٌ للرّاحة وكمالٌ للسّلام، بابه مدخلٌ إلى عالم واسع ترقص في أديمه الأحلام والحقائق في آن. تتربّع في داخله غرفٌ عديدة، لكلّ منها حكاية خاصّة ومميّزة، تشكّل باقة عطف معطّرة فوّاحة.

هو منبع الإصغاء والبئر العميق، هو البيت العائليّ الذي يشهد على كلّ الأحداث التي تطبع أيّامنا فيه حسنًا أو سوءًا، هو الذي يرانا بكلّ حالاتنا النّفسيّة والعاطفيّة والصّحّيّة الإيجابيّة أو السّلبيّة، هو كاتم أسرارنا المحكيّة وصائن تخيّلاتنا الفكريّة. يضجّ البيت بأصداء الضّحك والحيويّة والنّشاط تارةً وتعصف فيه رياح الغضب والتّعب واليأس الهائجة تارةً أخرى، ليبقى ثابتًا في تراب غمره أبدًا، سيّد المواقف وملك السّاحة.

البيت شبيه العائلة متمثّلًا بأفرادها؛ هو مثيل الأمّ بالحنان والعطف والدّفء، يغمر أبناءه بحبّ دائم، ينتظر بصمت صارخ عودتهم بأمان وسلامة. هو نظير الأب بقوّة حمايته وصلابة أساساته وعنفوان وقفته، يشدّد المحافظة على أبناءٍ يلفّهم بحزمه. هو كالأطفال مزيَّن بالجمال والتّجدّد المستمرّ، يُدلَّل من قبل القاطنين فيه نظافةً واهتمامًا وترميمًا دائمًا.

جميلٌ الكلام عن البيت العائليّ الذي يترك في داخل أبنائه محبّة سامية تجاهه، إلّا أنّنا اليوم، وفي عالم يضجّ بالحرب والعنف، نستذكر كلّ المشرّدين والمهجّربن الذين فقدوا بيوتهم وتركوها حتّى إشعار آخر، على أمل أن يزيّن الأمل قلوبهم، أمل العودة إلى الدّفء المنزليّ الذي بغيابه يغيب الفرح والأمان.