لبنان
17 أيار 2022, 08:45

يوحنّا العاشر من مصر: نحن مسيحيّي هذا المشرق باقون ومتجذّرون فيه كأرز لبنان

تيلي لوميار/ نورسات
خلال مشاركته في افتتاح الجمعيّة العامّة لمجلس كنائس الشّرق الأوسط الثّانية عشرة، في وادي النّطرون- مصر، كان لبطريرك أنطاكية وسائر المشرق للرّوم الأرثوذكس كلمة أكّد فيها أنّ ما يجمع المسيحيّين هو أكثر ممّا يفرّقهم، وأنّهم باقون ومتجذّرون في هذا الشّرق.

وفي تفاصيل الكلمة، قال يوحنّا العاشر بحسب إعلام البطريركيّة: "يطيب لي أن أخاطبكم من ههنا من هذه الأرض المقدّسة. من مصر التّاريخ والحاضر ومن وادي النّطرون الّذي يختصر بين ثناياه تاريخ المسيحيّة الأصيلة في هذا البلد الأصيل مصر. إنّها لبركة كبيرة أن نكون ههنا بين إخوتنا وأحبّتنا في أرضٍ تعمّدت تاريخيًّا بإسم المسيح يسوع. في أرضٍ تمسحنت فمسحنت الدّنيا بذكرى المسيح أبرارًا وقدّيسين ورهبانًا وشهداءَ رافقوا النّيل مذ وجد. أقول كلّ هذا لنؤكّد أنّنا كمسيحيّين أبناء هذا الشّرق لا بل وركن أساسٌ من هويّته وكينونته التّاريخيّة.

الشّكر لقداسة البابا تاوضروس الثّاني وللكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة الّتي تستضيفنا في هذا المكان التّاريخيّ الّذي يشهد لحضور مسيحيّ عريق على أرض مصر الغالية.

تجمعنا اليوم الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة ويجمعنا اليوم مجلس كنائس الشّرق الأوسط في هذا المكان. ويجمعنا لا بل يضمّنا تاريخٌ عريقٌ فيه من الصّواعد والنّوازل الكثير. تجمعنا الشّهادة ليسوع المسيح ربًّا وإلهًا ومخلّصًا. تشديدنا الأوّل والأخير هو أنّ ما يجمعنا كمسيحيّين أكثر بكثير ممّا يفرّقنا. لم نصل إلى وحدةٍ كاملة. لكن لقاؤنا هذا كما غيره من اللّقاءات لهو خير دليلٍ أنّنا عائلةٌ واحدةٌ ملتحمةٌ رغم كلّ رواسب التّاريخ الّتي لا تخلو أبدًا من الأخطاء والضّعفات البشريّة ولا من الظّروف الأخرى الّتي أُلبست في كثيرٍ من الأحيان الزّيّ العقائديّ اللّاهوتيّ. أقول كلّ هذا وترتسم أمامي آية بولس الرّسول "الكلّ أخطأوا وأعوزهم مجد الله" .

وكمسيحيّين في هذا الشّرق تجمعنا هذه الجغرافية المقدّسة وتجمعنا الشّهادة الواحدة ليسوع المسيح. ومن إيماننا أنّ ما يجمعنا هو أكثر بكثير ممّا يفرق كان مجلسُ كنائس الشّرق الأوسط في سبعينيّات القرن الماضي ويبقى ويستمرّ. دعوتنا اليوم أن ننظر بشيء من التّجرّد إلى مسيرة هذا المجلس الّتي تقترب من عمر النّصف قرن. دعوتنا أن ننبذ جميعًا كلّ اقتناصٍ يتلطّى تحت حرّيّة البشارة وتحت كيس الطّحين. دعوتنا أن نترفّع عن السّكر بأمجاد الماضي وعن المغالاة بالفئويّة اللّغويّة والتّاريخيّة، هذه المغالاة الّتي تبني أسوار التّقوقع بدلاً من جسور الانفتاح والمحبّة. دعوتنا أن نقارب وجودنا المسيحيّ في هذا الشّرق من منطلق الدّور والرّيادة وليس من منطلق العدد وأن نتعاضد ونتآزر بما يقوّي هذا الوجود في هذه الأرض الّتي شاءنا المسيح الإله منثورين على رباها منذ فجر المسيحيّة. ومن على هذا المنبر، أشدّد أنّنا نحن مسيحيّي هذا المشرق باقون ومتجذّرون فيه كأرز لبنان. ألفت ههنا إلى قضيّة مطراني حلب يوحنّا إبراهيم وبولس يازجي الّتي دخلت عامها العاشر والّتي تختصر نذرًا يسيرًا ممّا تعرّض له إنسان هذا المشرق عامّةً والمسيحيّ خاصّةً من قتل وتهجيرٍ وإرهابٍ تلطّى بالدّين والدّين منه براء.

صلاتنا من أجل شهداء المسيحيّة المشرقيّة ومن أجل أهلنا في مصر الّذين نتشاطر وإيّاهم شهادةً واحدة للمسيح المصلوب والقائم من القبر. صلاتنا من أجل مصر قيادةً وجيشًا وشعبًا. نستنكر أيّ عملٍ إرهابيّ يطال أوّلاً وأخيرًا كرامة الإنسان والإنسانيّة. كفانا إرهابًا وقتلاً وإيديولوجيّاتٍ لفظها الكلّ وتبرّأ منها الدّين دومًا وأبدًا. صلاتنا من أجل هذا الشّرق بكلّ بلدانه.

صلاتنا من أجل مجلس كنائس الشّرق الأوسط ومن أجل كلّ الأحبّة الّذين سهروا وعملوا ليكون اجتماعنا في هذه الأرض الحبيبة. لمصر السّلام ولكم جميعًا الخير والمحبّة."