أميركا
08 آب 2023, 06:30

يونان اختتم زيارته إلى أبرشيّة سيّدة النّجاة- أميركا بقدّاس عيد التّجلّي في جاكسونفيل

تيلي لوميار/ نورسات
وسط حضور غفير من المؤمنين، وعلى مذبح كنيسة سيّدة السّلام في جاكسونفيل- فلوريدا، احتفل بطريرك السّريان الكاثوليك مار إغناطيوس يوسف الثّالث يونان بقدّاس عيد التّجلّي، عاونه فيه القيّم البطريركيّ العامّ وأمين سرّ البطريركيّة المونسنيور حبيب مراد، وكاهن الرّعيّة الأب نعمة الله عجم، وكاهن رعيّة مار أفرام السّريانيّ- جاكسونفيل الأب فادي مطلوب، وأمين السّرّ المساعد في البطريركيّة الأب كريم كلش، بحضور ومشاركة النّائب العامّ لأبرشيّة سيّدة النّجاة في الولايات المتّحدة الخوراسقف روسّو، وكاهن رعيّة أمّ الزّنّار للسّريان الأرثوذكس في جاكسونفيل الأب رامي معمّر، وكاهن الرّعيّة المارونيّة في جاكسونفيل الأب ريمون مخلوف.

في عظته بعد الإنجيل المقدّس، أعرب يونان عن فرحه "بالاحتفال بهذا القدّاس في ختام زيارتنا إلى أبرشيّة سيّدة النّجاة، وبالطّبع نحيي هذا القدّاس بالحضور الرّوحيّ لسيادة أخينا الحبر الجليل المطران مار برنابا يوسف حبش راعي هذه الأبرشيّة المباركة، والّذي رافقَنا في زياراتنا إلى عدّة مدن، وفي الاحتفالات في رعايانا المنتشرة في الولايات المتّحدة. ونحن نمتلئ بالفرح لأنّنا معكم ونعاين الوحدة، وحدة القلب ووحدة النّفوس ما بين رعيّتينا هنا، مار أفرام الّتي قدّسنا فيها الأحد الماضي، وسيّدة السّلام، ولا تنسوا أنّنا نشهد للرّبّ يسوع بمحبّتنا. جميعنا لدينا ظروفنا وصعوباتنا ونقائصنا، لكن لا يقدر أحد منّا أن يقول إنّه لا يحبّ، فالمحبّة هي نعمة من الرّبّ، والرّبّ يعطيها ويوزّعها على الجميع.

نحن فخورون لأنّنا في هذه المدينة جاكسونفيل، حيث كان حضورنا منذ عشرات السّنين بدءًا بالمرحوم الخوراسقف أندراوس شاشي، ومَن تلاه مِن الكهنة، نفتخر بأنّ حضورنا هو حضور مسيحيّ حقيقيّ، ونشهد للرّبّ في كلّ ظروف حياتنا، عالمين أنّ هذه الظّروف ليست سهلة أبدًا، بالأخصّ في هذه السّنوات الأخيرة الّتي تمّ فيها تهجيرنا ونزوحنا، لاسيّما نزوح الشّباب اليوم من بلادنا الشّرقيّة.  

قبل تسع سنوات، في هذا اليوم ذاته، مساء عيد التّجلّي، في السّادس من شهر آب عام ٢٠١٤، تمّ تهجير عشرات الآلاف من أولادنا من قرى وبلدات سهل نينوى، بعدما تمّ تهجير أولادنا من مدينة الموصل. ونعرف جيّدًا أنّه قبل عشر سنوات في سوريا جرى التّعدّي والغزو على صدد، وقدّمت هذه المدينة السّريانيّة العريقة الشّهداء. كما تمّ قبل عشر سنوات أيضًا غزو المتطرّفين الّذين يدّعون إيمانهم بالله لقرى الخابور في الجزيرة السّوريّة، واليوم فرغت أكثريّتها من المسيحيّين. لا نتذكّر هذه كلّها كي نندم ونتشكّى، ولكن كي نتيقّن أنّ الرّبّ يسوع يريدنا أن نتبعه على طريق الآلام، كي نستطيع أن نتمجّد معه.

إستمعنا من الإنجيل المقدّس إلى حدث التّجلّي الرّائع، تجلّي الرّبّ يسوع على جبل تابور، فقد أراد يسوع أن يتجلّى أمام البعض من تلاميذه، لأنّه كان متّجهًا نحو الآلام، كي يقوّي فيهم الإيمان بأنّه هو الله المتجسّد. صحيحٌ سيتألّم الرّبّ يسوع ويُصلَب، لكنّ هذه الآلام والصّلب والموت هي لفدائنا، كي يعلّمنا أنّ علينا جميعًا أن نتطلّع نحو السّماء حيث مسكننا الحقيقيّ.

إنّ الرّسل الّذين كانوا موجودين مع الرّبّ يسوع في حدث التّجلّي الرّائع هذا، لم يدركوا ماذا يحصل بينهم أو معهم، وبطرس يسأل الرّبّ يسوع قائلاً: يا ربّ جيّد أن نكون ههنا، فلنصنع ثلاث مظالّ، واحدة لكَ يا يسوع معلّمنا، وواحدة لموسى، وواحدة لإيليّا. المظلّة أيّ الخيمة تشير إلى هيكل الله، والخيمة في الكتاب المقدّس هي على الدّوام دلالة على وجود الله، لأنّهم كانوا يحفظون تابوت العهد والوصايا العشر في الخيمة، وهي تدلّ أيضًا على أنّ بطرس، وبدون وعي، يجمع بين الأرض والسّماء.  

إنّ السّماء، كما قلنا لكم، هي هدف مسيرتنا على الأرض، مهما كنّا ناجحين أو فرحين بشريًّا على هذه الأرض، فلنتذكّر أنّ سعادتنا الحقيقيّة هي عندما نلتقي بالرّبّ يسوع ووالدته الطّوباويّة مريم العذراء، وبالقدّيسين والشّهداء، والآلاف من أهلنا وذوينا، من آبائنا وأجدادنا الأبرار الّذين شهدوا للرّبّ يسوع بإيمان حقيقيّ وقويم وثابت. وها هو مار بولس رسول الأمم يؤكّد على أنّ قوّتنا هي من الله، فمهما كنّا نظنّ أنّنا أقوياء، علينا أن نتذكّر دائمًا أنّ ذلك ليس منّا، لأنّ الله هو الّذي يعضدنا ويقوّينا".

وتضرّع البطريرك يونان "إلى الرّبّ يسوع، بشفاعة والدته مريم العذراء، سيّدة السّلام، أن يحلّ أمنه وسلامه الحقيقيّين في بلادنا في الشّرق، أكان في سوريا والعراق ولبنان والأراضي المقدّسة ومصر والأردنّ وتركيا وسائر بلدان الشّرق الأوسط، حيث لا يزال أهلنا يعانون الكثير. نبتهل إلى الرّبّ يسوع أن يقوّيهم في هذه الفترة العسيرة والصّعبة الّتي يجتازونها، وجميعكم عالمون بالأخبار الّتي تصلكم من هناك."  

وأنهى سائلاً "الرّبّ يسوع أن يجعلهم ويجعلنا جميعًا ثابتين بالإيمان والرّجاء مثل آبائنا وأجدادنا الّذين علّمونا أنّ سعادتنا الحقيقيّة هي الرّبّ يسوع، وأنّنا كلّنا إخوة وأخوات متّجهون ومرافقون ليسوع والعذراء إلى السّماء، مسكننا الحقيقيّ".

وكان الأب نعمة الله عجم قد ألقى كلمة بنويّة ترحيبيّة قال فيها بحسب إعلام البطريركيّة: "نجتمع اليوم لنحتفل مع غبطة أبينا البطريرك بعيد تجلّي الرّبّ يسوع بفرح البنين الّذين يستقبلون أباهم وراعيهم، كيف لا وأنتم يا صاحب الغبطة الأب والرّأس والرّاعي لكنيستنا السّريانيّة الأنطاكيّة الكاثوليكيّة. لذلك، باسم سيادة راعي أبرشيّتنا مار برنابا يوسف حبش، وباسمي الشّخصيّ، وباسم جميع أبناء وبنات كنيسة سيّدة السّلام في جاكسونفيل- فلوريدا، نرحّب بكم يا صاحب الغبطة أحرّ التّرحيب في هذه الكنيسة المباركة، الّتي تباركونها اليوم بزيارتكم لها، وكنتم قد كرّستموها ودشّنتموها عام ٢٠١٦، هذه الكنيسة الّتي نمت وترعرعت بهمّة أبنائها المؤمنين الغيارى.

نحن اليوم سعداء أن تأتي زيارة هذه الكنيسة في ختام زيارة غبطتكم إلى الولايات المتّحدة الأميركيّة وكندا. فكما رحّبنا بكم يوم استقبالكم الرّسميّ، يوم السّبت الماضي في ٢٩ تمّوز، نرحّب بكم اليوم، وأنتم تختمون زيارتكم الرّسميّة لكلّ الرّعايا والإرساليّات، ونحن نعرف جيّدًا مدى التّعب والجهد الّذي بذلتموه في هذه الزّيارة الّتي تُعتبَر من الزّيارات الطّويلة في عهد بطريركيّتكم. فما أكبر المثل الّذي تعطونه لنا في الخدمة الكهنوتيّة الّتي تتطلّب منّا أن نعطي دون أن نطلب، وأن نخدم دون أن نفكّر بتعبنا الجسديّ. فهنيئًا لكلّ الرّعايا الّتي زرتموها، وهنيئًا لنا لأنّ كنيستنا هي محطّتكم الأخيرة في هذه الزّيارة.

تستقبلكم رعيّتنا اليوم، كاهن ومجلس رعيّة، ولجان عاملة، مع الشّعب المؤمن، بفرح عظيم وحماس في القلوب، فمباركة لنا جميعًا هذه الزّيارة. ومع أنوار عيد تجلّي ربّنا يسوع المسيح، نطلب أن ينير الرّبّ المسيح عقول وقلوب الّذين لم يعرفوه بعد، ولم يكتشفوا عذوبة محبّته ورحمته. ومع فرحتنا الكبيرة باستقبالكم، نرحّب بالمونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركيّ العامّ وأمين سرّ البطريركيّة، وبالأب كريم كلش أمين السّرّ المساعد في البطريركيّة، وبالكهنة الحاضرين معنا اليوم.

شكرًا لكم، يا صاحب الغبطة، وصلواتنا ترافقكم وأنتم تعودون يوم غدٍ إن شاء الله إلى مقرّ كرسيكم البطريركيّ في بيروت– لبنان. دمتم بالصّحّة والعافية، ولسنين مديدة".

وبعد البركة الختاميّة، انتقل الجميع إلى قاعة الكنيسة حيث التفّوا حول بطريركهم معبّرين له عن عمق محبّتهم البنويّة ولهفتهم لرؤيته ونيل بركته، وتمنّوا له عودة سالمة إلى مقرّ كرسيه البطريركيّ في لبنان.

وكان يونان قد زار صباح السّبت، كنيسة السّيّدة العذراء مريم في مدينة سانت أوغستين التّاريخيّة في فلوريدا، حيث رفع الصّلاة من أجل ثبات المؤمنين في الغرب عامّة وفي الولايات المتّحدة الأميركيّة خاصّة بإيمانهم بالرّبّ يسوع، وتعزيز التزامهم بكنيستهم، بالرّغم من التّحدّيات الإيمانيّة والأخلاقيّة. كما صلّى من أجل إحلال السّلام والأمان في الشرق، ومن أجل راحة نفوس الشّهداء الّذين سقطوا في انفجار مرفأ بيروت.

ثمّ جال على متحف الكنيسة وبعض المعالم الأثريّة والتّاريخيّة في المدينة.