لبنان
19 حزيران 2023, 10:20

يونان في افتتاح دير مار أفرام- الشّبانيّة: لبنان اليوم أحوج ما يكون إلى قلوب متّحدة وإلى إخوة وأخوات يحبّون أن يعيشوا معًا

تيلي لوميار/ نورسات
في عيد مار أفرام السّريانيّ ملفان الكنيسة الجامعة، افتتح بطريرك السّريان الكاثوليك مار إغناطيوس يوسف الثّالث يونان دير مار أفرام التّاريخيّ الّذي قام بترميمه بعد أكثر من 160 سنة من الهجرة والتّهجير، وأعاد إليه الحياة الرّهبانيّة بانتقال الرّهبان الأفراميّين للعيش فيه، وذلك في بلدة الشّبانيّة- المتن الأعلى، خلال قدّاس إلهيّ ترأّسه السّبت، وقد عاونه فيه المطران متياس شارل مراد، ورئيس الرّهبان الأفراميّين الأباتي حنّا ياكو، ولفيف من آباء الرّهبانيّة، بحضور إكليروس وعلمانيّين.

في عظته بعد الإنجيل المقدّس، استهلّ غبطة أبينا البطريرك كلامه بتلاوة بيتين من الشّعر للقدّيس مار أفرام السّريانيّ، "هذا الملفان أيّ المعلّم، الرّاهب النّاسك من القرن الرّابع الميلاديّ

"ܐܶܢܳܐ ܠܺܝ ܥܶܒܕܶܬ ܥܺܕܬܳܐ ܠܰܡܫܺܝܚܳܐ܆ ܘܩܰܪܒܶܬ ܠܶܗ ܒܓܰܘܳܗ̇ ܒܶܣܡ̈ܶܐ ܘܗܶܪ̈ܽܘܡܶܐ܆ ܥܰܡܠܳܐ ܕܗܰܕ̈ܳܡܰܝ. ܡܰܕܒܚܳܐ ܗܘܳܐ ܪܶܥܝܳܢܝ̱ ܘܟܳܗܢܳܐ ܗܘܳܐ ܨܶܒܝܳܢܝ̱܆ ܘܰܐܝܟ ܐܶܡܪܳܐ ܕܰܟܝܳܐ ܕܶܒܚܶܬ ܐ̱ܢܳܐ ܠܰܩܢܽܘܡܝ̱̱܆ ܘܩܰܪܒܶܬ ܩܽܘܪܒܳܢܳܐ". وترجمته بالعربيّة: "يقول مار أفرام: جعلتُ ذاتي بيعةً (أيّ كنيسةً) للمسيح، وفيها قرَّبتُ له بخورًا وعطرًا، ثمرة أعضائي (أعضاء جسمي). فكري أضحى مذبحًا وإرادتي كاهنًا، وكحملٍ نقيٍّ ذبحتُ ذاتي، وقرَّبتُ قربانًا".

وتابع قائلاً بحسب إعلام البطريركيّة: "تملأنا جميعًا الفرحة، أن نحتفل اليوم بعيد مار أفرام، وبشكل خاصّ بافتتاح هذا الدّير بعد أكثر من ١٦٠ سنة على الهجرة والتّهجير الّذي أُرغِم عليهما الرّهبان، وتهدّم، وبنعمته تعالى استطعنا أن نرمّمه كما ترون، وعلى أمل أن نستطيع إكمال ترميمه، لأنّه كما نعلم في القسم الشّرقيّ كان هناك طابقان، ونأمل أن نرمّم الطّابق الثّاني، والمهمّ أنّ هذا الدّير فتح أبوابه لحياة رهبانيّة أفراميّة، على مثال مار أفرام السّريانيّ.

إنّ هذا الدّير، أحبّاءنا، هو ديركم، يا أهل الشّبانيّة والمنطقة، ونعلم يقينًا كم تعتزّون بهذا الدّير وتكرّمونه، وترغبون أن تعود إليه الحياة، ويرجع عامرًا بالرّهبان، ويقصده المؤمنون للزّيارة من كلّ المذاهب والطّوائف. وجميعنا نعرف أنّ إخوتنا الدّروز كانوا دائمًا مكرّمين لهذا الشّفيع، مار أفرام، والبعض منهم ساعدونا في التّرميم بكلّ أريحية. ولبنان اليوم أحوج ما يكون إلى قلوب متّحدة، وإلى إخوة وأخوات يحبّون أن يعيشوا معًا، ليس فقط بالقول، ولكنّهم يُظهِرون هذا العيش الواحد بكلّ أبعاده، رغم كلّ الصّعوبات والتّحدّيات.

نفرح اليوم لأنّ إخوتنا وأعزّاءنا الرّهبان الأفراميّين موجودون بقسم منهم هنا في هذا الدّير، وقسم آخر منهم في دير مار بهنام التّاريخيّ في العراق. لقد قرّر هؤلاء الرّهبان أن يعيدوا إحياء الحياة الرّهبانيّة في هذا الدّير، وبالتّأكيد يجب أن يذكّرهم هذا الأمر أنّهم من دون الرّبّ لا يقدرون أن يحقّقوا أمنياتهم ومشاريعهم.

ما سمعناه من الإنجيل المقدّس: بدوني لا تستطيعون أن تعملوا شيئًا، بمعنى شيئًا صالحًا، كلّ صلاح يأتينا من الله تعالى، وعلى الرّهبان الأفراميّين، مثلما على راهباتنا الأفراميّات الحاضرات معنا اليوم، أن يتّكلوا جميعًا على الرّبّ يسوع بشكل كلّيّ وتامّ، حتّى يستطيعوا أن يعيشوا حياتهم الرّهبانيّة، عاملين بقول مار بولس الرّسول إلى أهل غلاطية، بحسب ثمار الرّوح، وهي المحبّة والسّلام والتّواضع واللّطف والوداعة والصّبر والحكمة والفهم والعلم والمشورة والشّجاعة والتّقوى ومخافة الله إذ من دون هذه الفضائل لا يمكنهم أن يحيوا معًا حياةً رهبانيّةً مشتركةً، ولا يستطيعون أن يشهدوا أمام محيطهم، لأنّ الرّبّ دعاهم كي يسعوا إلى الكمال، مكرّسين ذواتهم من أجل ملكوت السّموات".

وشكر البطريرك يونان "جميع الحاضرين، بدءًا بصاحبي السّيادة المطرانين أنطوان بيلوني وشارل مراد، والآباء الكهنة والرّهبان والرّاهبات، وفعاليّات المنطقة، وأبناء رعايا أبرشيّة بيروت البطريركيّة، وجوق التّرتيل، والحركات الشّبابيّة، والأخويّات"، مشدّدًا على أنّ "هذا الدّير هو لكم أحبّاءنا، أهالي بلدة الشّبانيّة العزيزة وبلدات المتن الأعلى، حيث سيعيش رهباننا الأعزّاء تكرُّسهم حسب قلب الرّبّ يسوع".

وأشار إلى "احتفال الكنيسة السّريانيّة والكنيسة الجامعة بمئويّة إعلان مار أفرام السّريانيّ ملفانًا أيّ معلّمًا للكنيسة الجامعة، بفم الطّيّب الذّكر البابا بنديكتوس الخامس عشر عام ١٩٢٠، بناءً على طلب من الطّيّب الذّكر البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثّاني رحماني، وقد وضعنا بهذه المناسبة نصبًا تذكاريًّا لمار أفرام أمام المدخل الرّئيسيّ لجامعة اللّاتران الحبريّة في روما، ودشّنّاه في حفل روحيّ مهيب في ١٩ نيسان المنصرم".

وفي الختام، ضرع يونان "إلى الرّبّ يسوع، بشفاعة أمّه وأمّنا مريم العذراء، سيّدة النّجاة وسيّدة لبنان، ومار أفرام السّريانيّ ملفان الكنيسة الجامعة، أن يبارك لبنان، ويعيد إليه المحبّة الحقيقيّة والسّلام والرّجاء الفاعل، كي يبقى شبّاننا وشابّاتنا متمسّكين بلبنان الوطن وراسخين فيه".

وكان الأباتي حنّا ياكو قد ألقى كلمة شكر فيها البطريرك الذي بادر بروحه الأبويّة الرّعويّة على ترميم الدّير وإنعاش الحياة الرّهبانيّة فيه. وشكر الحضور جميعًا، مشجّعًا إيّاهم على زيارة الدّير، وحاثًّا الّذين يرغبون في تكريس ذواتهم للرّبّ بالانضمام إلى الرّهبانيّة الأفراميّة.