لبنان
22 حزيران 2022, 05:55

يونان في قدّاس افتتاح السّينودس: نحن مدعوّون ألّا نخاف ونذهب إلى العمق

تيلي لوميار/ نورسات
إفتتح بطريرك السّريان الكاثوليك مار إغناطيوس يوسف الثّالث يونان، مساء الإثنين، السّينودس السّنويّ العاديّ لأساقفة كنيسته بقدّاس إلهيّ ترأّسه في كنيسة دير سيّدة النّجاة البطريركيّ- الشّرفة، عاونه فيه الأكسرخوس الرّسوليّ في فنزويلا تيموثاوس حكمت بيلوني، والأكسرخوس الرّسوليّ في كندا فولوس أنطوان ناصيف، فيما شارك المطارنة آباء السّينودس المقدّس، والرّاهب اللّبنانيّ المارونيّ الأب أيّوب شهوان الّذي كان قد ألقى مواعظ الرّياضة الرّوحيّة، إضافة إلى لفيف من الآباء والكهنة والشّمامسة والإكليريكيّين والرّهبان والرّاهبات الأفراميّين.

في عظته بعد الإنجيل المقدّس، تحدّث يونان عن نصّ إنجيل القدّيس لوقا الّذي تُلِيَ، والّذي يروي صيد السّمك على بحيرة جنشار، "فقد قضى التّلاميذ الأوّلون اللّيل كلّه في البحيرة يصطادون، ولكنّهم لم يصطادوا شيئًا. واللّيل، كما تعلمون، يحمل الكثير من المخاطر، كما أنّهم تعبوا كلّ الليل ورجعوا نوعًا ما خائبين. أمّا يسوع، المعلّم الإلهيّ، فسأل سمعان أن يبعد إلى العمق ويصطاد في النّهار. تعجّب سمعان لأنّهم كانوا عادةً يصطادون في اللّيل، إلّا أنّه سمع كلمة يسوع وابتعد إلى العمق، أبعدَ عن الشّاطئ، وكانت الأعجوبة بتكثير السّمك".  

وأشار إلى أنّ "التّلاميذ عادوا بالسّفينتين مملوءتين سمكًا، وكم كانت دهشة الجميع، لاسيّما سمعان (شمعون) الّذي نسمّيه بطرس- الصّخرة- كيفا، والّذي عرف أنّ يسوع هو المسيح المنتظَر، فخرّ على ركبتيه أمام يسوع، طالبًا منه أن يبتعد عنه لأنّه رجل خاطئ. فجعل منه يسوع صيّادًا للنّاس."

ونوّه إلى أنّ "الشّبكة، شبكة الصّيد، مذكورة في الكتاب المقدّس في العهد القديم بمعنى سلبيّ، فالشّبكة هي الفخّ الّذي ينصبه الأعداء، إن كان للأفراد أو للشّعب العبرانيّ المُختار. والشّبكة مذكورة مرّات كثيرة في العهد الجديد، ومن معانيها أنّها ترمز إلى الكنيسة الّتي تجمع أولادها إلى ملكوت السّماء."  

ولفت إلى أنّه "يُنسَب إلى مار أنطونيوس الكبير أب الرّهبان هذا القول: "رأيتُ جميع الشّباك الّتي ينصبها العالم، فقلتُ متنهّدًا: ماذا أستطيع أن أفعل كي أخرج من هذه الفِخاخ؟ وسمعتُ صوتًا يقول: التّواضع!". فالتّواضع صفة الأسقف الرّاعي الصّالح والأمين، وجميعنا مدعوّون أن نتّضع أمام الله، ونطلب منه أن يقبل ضعفنا ومحدوديّتنا ونقائصنا، وأن يكمّل ضعفنا حتّى نكون حقيقةً رسلاً له وخلفاء للرّسل الإثني عشر".  

وتناول يونان النّصّ الّذي تُلِي من رسالة مار بولس إلى أهل كورنثوس، حيث يذكر مار بولس أنّه هو وتيموثاوس يتوجّهان إلى أهل كورنثوس وكلّ ولاية أخائية بالقول: "نعرف معاناتكم كما تعرفون معاناتنا. ولكن تذكّروا، في هذه المعاناة نتعزّى بنعمة الرّبّ، وأنتم أيضًا تتعزّون. ونعرف هذه المعاناة الّتي نعيشها وتعيشونها كلّكم في هذه الأيّام، ليس فقط في لبنان، بل أيضًا في سوريا والعراق وسائر بلدان الشّرق الأوسط، لكن في هذه البلدان الثّلاثة أضحت المعاناة مخيفةً جدًّا وتهدّد وجودنا المسيحيّ، وللأسف لا تعطي أملاً لشبابنا الّذي يفتّش على سبيل للهجرة."

وذكّر بكلام "البابا القدّيس يوحنّا بولس الثّاني، في رسالته الرّاعويّة الّتي وجّهها إلينا مع بداية سنة الألفين، حيث ذكر قداسته هذا المقطع من الإنجيل القائل: "أبعِد إلى العمق". نحن مدعوّون جميعًا، أيّها الأحبّاء، كإخوة وأخوات، ألّا نخاف ونذهب إلى العمق. صحيحٌ أنّ عمق البحر يشكّل تهديدًا وتحدّياتٍ وأخطارًا، لكنّنا متّكلون على الرّبّ لأنّه يرسلنا لنبشّر باسمه، وننقل بشارة الخلاص والفرح والمحبّة إلى العالم."  

وإختتم عظته بالقول: "معًا نتذكّر أنّ الله، ولو أنّه يسمح بالتّجارب والضّيقات، فهو يملأ قلوبنا أيضًا بالتّعزية. نضرع إليه كي يباركنا في هذا السّينودس الأسقفيّ الّذي نعقده هذا العام هنا في دير الشّرفة. نشكركم جميعًا، أنتم الّذين تصلّون من أجلنا، كي ينجح مجمعنا ويحمل الثّمار الّتي نرجوها. ونسأل الله أن يهب عطيّة السّلام لجميع بلداننا، مع إحقاق الحقّ والعدل لكلّ مواطن ومواطنة. نطلب منه، هو أبو ربّنا يسوع المسيح، أبو الرّأفة وإله كلّ تعزية، الّذي يعزّينا في كلّ ضيقنا، بشفاعة أمّنا مريم العذراء سيّدة النّجاة، شفيعة هذا الدّير المبارك، وجميع قدّيسينا وشهدائنا."  

وفي نهاية القدّاس، منح البطريرك يونان البركة الرّسوليّة إلى الكنيسة السّريانيّة الكاثوليكيّة في العالم، أساقفةً وإكليروسًا ومؤمنين، وعَهِد باجتماع السّينودس المقدّس إلى هدي أنوار الرّوح القدس وشفاعة أمّنا مريم العذراء سيّدة النّجاة.