ثقافة ومجتمع
12 تشرين الثاني 2015, 22:00

"فاو" تحذّر: الأمطار الغزيرة والأعاصير الأخيرة قد تعيد فورة الجراد

حذّرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) اليوم من أن الغزارة غير الاعتيادية للأمطار الواسعة النطاق التي سقطت مؤخراً في شمال غرب إفريقيا، والقرن الإفريقي، واليمن من الممكن أن تساعد على تكاثر الجراد الصحراوي مؤكدةً أن هنالك حاجة إلى الرصد الدقيق على مدى الأشهر الستة المقبلة لمنع هذه الحشرات من تشكيل أسراب مدمرة.

وقال خبراء المنظمة أن الحالة العامة في البلدان المتأثرة عادةً بالجراد الصحراوي ظلّت هادئة على الأكثر خلال اكتوبر/تشرين الأول ولم يُكتشف سوى نشاط تكاثر محدود النطاق. لكنهم لاحظوا أيضاً أن الوضع قد يتغير، ويُعزى ذلك جزئياً إلى تأثير ظاهرة "النينيو" في إفريقيا والإعصارين المداريين "شابالا" "وميغ" في شبه الجزيرة العربية والقرن الإفريقي.

وأكد الخبير كيث كريسمن، كبير أخصائيي تنبؤات الجراد لدى "فاو"، أن "الظواهر الجوية المتطرفة، بما في ذلك الأمطار الغزيرة لديها القدرة على إحداث طفرة هائلة في تزايد الجراد، حيث يوفر المطر تربة رطبة لوضع بويضات الجراد، التي تحتاج بدورها إلى امتصاص الماء في حين تساعد الأمطار على نمو النباتات كغذاء ومأوى".

وأضاف أن" الآثار التي يمكن أن تترتب على تفشي الجراد قد تصبح مدمرة للمحاصيل والمراعي، وأن تهدد بالتالي الأمن الغذائي وسبل المعيشة الريفية".

وما أن يصل الجراد إلى مرحلة الطيران حتى تضم أسرابه عشرات الملايين من الحشرات المكتملة النمو، القادرة على قطع مسافات تصل إلى 150 كم يومياً في اتجاه الرياح. وتقوى الجرادة الأنثى الواحدة على وضع 300 بيضة خلال دورة حياتها، في حين أن الجراد الصحراوي المكتمل النمو يلتهم يومياً ما يعادل وزنه تقريباً من الغذاء الطازج- نحو غرامين يومياً- ويستهلك سرب ضئيل نسبياً من الجراد في اليوم الواحد نفس كمية الغذاء التي يتطلبها نحو 35000 شخص.

تأثير "النينيو" والإعصارات المدارية

في تلك الأثناء، واصلت منظمة "فاو" مراقبة الأوضاع في شمال غرب إفريقيا حيث هطلت أمطار غزيرة على نحو غير معتاد في أواخر اكتوبر/تشرين الأول فوق مساحة واسعة من شمال موريتانيا، وبالمناطق المتاخمة للصحراء الغربية وفي جنوب المغرب وغرب الجزائر وجنوب غرب ليبيا.

وفي القرن الإفريقي يُتوقَّع أن تهطل أمطار أعلى من المتوسط تحت التأثير القوي لظاهرة "النينيو" الجوية، فوق شمال الصومال خلال الشتاء الجاري والربيع القادم. وفي تلك الحالة، فلسوف تصبح الظروف البيئية مواتية لتكاثر الجراد في الساحل الشمالي الغربي والهضبة الصومالية.

كذلك، هطلت أمطار غزيرة مرتبطة بإعصار "شابالا" المداري بالمناطق الساحلية والداخلية من جنوب اليمن في مطلع اكتوبر/تشرين الثاني، وليتبعه عقب أسبوع واحد إعصار "ميغ" المداري الذي أثر أيضاً على شمال شرق الصومال. وتسببت سيول الأمطار الغزيرة في هذه المناطق والتي تجاوزت بكثير متوسط التهطل السنوي، في فيضانات وأضرار طيلة العام.

وفي مناطق التكاثر الشتوي على جانبي البحر الأحمر، بدأت الامطار الموسمية تسقط في مطلع اكتوبر/تشرين الأول، أي في فترة أبكر قليلاً من المعتاد. وإن تواصلت الأمطار سيصبح هنالك وقت كاف لتكاثر جيلين من الجراد خلال العام الجاري بالمناطق الساحلية من السودان، وشمال إريتريا، وجنوب شرق مصر، والمملكة العربية السعودية، واليمن.

التغيّر المناخي والوقاية من الجراد ومكافحته

وتُعدّ الوقاية، أساساً من خلال الإنذار والاستجابة مبكراً، مفتاح الحد من مدى التهديد الممكن للجراد الصحراوي على المناطق الزراعية. والمعتاد عقب هطول الأمطار الغزيرة أن تجري البلدان المتأثرة عمليات مسح ميدانية على نحو منتظم، لرصد ظروف التكاثر روتينياً وتقييم إمكانيات حدوث غزو جرادي. وفي حالة اكتشاف مناطق موبوءة ذات دلالة، لا بد من تنفيذ عمليات المكافحة تجنباً للمزيد من التصعيد في أعداد الجراد. ومن الأهمية بمكان الإبلاغ عن نتائج عمليات المسح والمكافحة الجارية بسرعة بالغة ودقة عالية، لكي يتسنى اتخاذ قرارات فورية من جانب البلدان المجاورة منعاً لتواصل انتشار الجراد وتوسعه.

وبينما يُعتقد أن هذه التدابير لعبت دوراً مهماً في خفض وتيرة ومدة فاشيات الجراد منذ الستينات، فإن تغير المناخ يؤدي اليوم إلى تبدلات في حالة الطقس لا يمكن التنبؤ بها... كما يفرض تطرف الأحوال المناخية تحديات مستجدة بالنسبة لكيفية مراقبة النشاط الجرادي.

وإذ تنخفض أعداد الجراد خلال فترات الجفاف، فغالباً ما يتبع وقوع الفيضانات والأعاصير حالاتُ تفش للجراد. وإن لم تُواجَه هذه الفاشيات فمن الممكن أن تفضي إلى اجتياح وبائي. ومن ناحية أخرى، تؤثر درجات الحرارة على نمو الجراد ويمكن أن يُقصّر ارتفاع درجة الحرارة من فترات الحضانة والنضج، ويؤدي إلى زيادة عدد أجيال الجراد في السنة الواحدة.

دور "فاو"

وتعتمد منظمة "فاو" على خدمة معلومات الجراد الصحراوي لديها لتلقي بيانات حول حالة الجراد من البلدان المتضررة. ويجري تحليل هذه المعلومات بانتظام، إلى جانب معطيات الطقس، والمواطن البيئية، وصور التوابع الفضائية (الأقمار الصناعية) بهدف تحديث مسوح الجراد، وإصدار تنبؤات تغطي فترات تصل إلى ستة أسابيع مسبقاً؛ وإن لزم الأمر إصدار تنبيهات وتحذيرات للجهات المعنية.

كما توفر المنظمة تدريباً، وتنفِّذ زيارات التقييم الميداني والتنسيق والمسح وعمليات المكافحة، فضلاً عن تقديم المساعدة الميدانية في حالات الطوارئ الجرادية.


المصدر : منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة