دينيّة
25 كانون الأول 2019, 15:00

خاصّ- في الميلاد، عن أيّ سلام نتكلّم؟

غلوريا بو خليل
عظيمٌ هو "الكلمة" الذي صار بشرًا، عظيمٌ هو مشروعه الخلاصيّ، عظيم هو سلامه! في عيد ميلاد سيّدنا يسوع المسيح، وأمام كلّ هذه العظمة المتواضعة المملوءة سلامًا وفرحًا سؤال يطرح ذاته لماذا لا يسود السّلام العالم؟ لماذا يزداد القلق والخوف عامًا بعد عام؟ إنطلاقًا من هذه التّساؤلات كان لكاهن رعيّة مار جرجس ومار ساسين - بيت مري الخوري بيار الشّماليّ وصفٌ وتأمّل ميلاديًّان خصّهما لموقعنا فكتب:

 

"منذ أكثر من ألفي سنة ونحن ما زلنا نردّد نشيد الملائكة الذي رنّمته يوم ميلاد المخلّص يسوع المسيح. ولكن أيّ مجدٍ، وأيّ سلام؟!  أيّ مجدٍ لإله نشتمه كلّ يومٍ، وننكره في كلّ مناسبة! وأيّ سلامٍ في الأرض وبيت لحم مكان ولادة المخلّص، باتت بؤرة نزاعٍ وعنفٍ واقتتال! إنّنا نعيش في زمنٍ تخطّت فيه البشريّة الإلحاد لتصل إلى مستوى اللّامبالاة في موضوع الإيمان بحضور الله ووجوده. وفي زمننا المعاصر يزداد الشّرّ والإرهاب ليتخطّى الأفراد ويصبح على مستوى شعوب. فعن أيّ مجدٍ وعن أيّ سلامٍ نتكلّم؟!  

الاعتقاد أنّه بمجرّد ميلاد المسيح قد حلّ السّلام على الأرض هو وهمٌ، لأنّه في الواقع هذا الطّفل الإلهيّ بميلاده أعلن عن مشروع عمله: ومشروعه هو أن يصنع السّلام وذلك من خلال إظهار مجد الله للعالم. وهذا ما فعله حقًا طيلة حياته. ففي كلّ قولٍ وكلّ موقفٍ وكلّ عملٍ قام به، بشّر وصنع سلامًا لا مثيل له. وأمّا الصّورة الأوضح لكلّ عمله فتبقى الصّليب: هناك أظهر كلّ المجد الإلهيّ- صانع السّلام الحقيقيّ – من خلال عطيّة ذاته.

وما زال اليوم هناك رجال ونساء وشبّان وشابّات وشيوخ وأطفال يؤمنون ويعملون من أجل إحلال السّلام في الأرض من خلال إعلاء المجد الإلهيّ. فالحقيقة أنّ السّلام الذي تحقّق بميلاد يسوع المسيح لن يسود الأرض كلّها من تلقاء ذاته، إن لم يحمله أناس يؤمنون به حتّى النّهاية. لن يطال السّلام قلوب البشر ويغيّر مجريات العالم والكون لمرّة واحدة فقط وللأبد، بل علينا نحن المؤمنين به أن نحمله في وسط التّحدّيات وننقله لكلّ إنسان وفي كلّ يوم.

تعالوا اليوم نسجد أمام المغارة في كنائسنا وفي بيوتنا، ولندع سلام الطّفل الإلهيّ يلمس قلوبنا ويقوّي الإيمان فينا، ليصبح مشروعه مشروع كلّ واحدٍ منّا."