تساعيّة لمساعدة النفوس المطهريّة

 

مقدمة

من سدّ أذنه عن صراخ الكسير فهو أيضاً يصرخ ولا يُسمع له. (أمثال 13:21(
وُضعت هذه التساعية بإذن الرؤساء:

  1. للتخفيف من آلام النفوس المطهريّة وتخليصها من آلامها في السرعة الممكنة بقوة استحقاقات قلب يسوع الأقدس، واستحقاقات ذبيحة القداس الطاهرة الدائمة. وتقديس نفوس المشتركين بهذه العبادة. وارتداد الخطأة الى التوبة، والتماس النّعم الضرورية الروحية الزمنية.
  2. هي صندوق توفير أجور يقدّمها أمامه المصلّي من هنا فيلاقيها امام الله بعد الموت.
  3. إقامة النفوس المطهرية شفعاء للمُصلّي الى الأبد.

أوحى الروح القدس الى الأقدمين منذ أجيال ان الصلاة لأجل الموتى فكرة مقدّسة وخلاصية. ويسوع لم يحبس دموعه امام قبر ليعازر حبيبه. والكنيسة المستنيرة بعواطف قلب معلّمها الإلهي لم تأل جهداً في تحريض بنيها على مساعدة الموتى بالصلاة وأعمال المحبّة والإحسان. والقديس توما العظيم شمس المدارس الكاثوليكية قال: “إن الصلاة لأجل الموتى أفعل أنواع الصلوات وأشدّها قبولاً أمام الله. وهذا النوع من الصلاة يشتمل على جميع أفعال المحبّة الجسدية والروحية. لكن الكثيرين من المسيحيين يجهلون أن محبّة الأنفس المطهرية مفيدة جداً للأحياء والأموات على السواء. وهذا التعليم ألقاه على العالم الكاثوليكي عظام العلماء مثل القديس ألفونس دي ليغوري والقديس روبرت بلرمين وسواريز وتوما اللاهوتي وغيرهم كثيرين.

فقد قررهؤلاء القديسون باجتماع الرأي ان من العدل كل العدل، ومن المفيد جداً ان نحصل من الله على النِّعم والمواهب الروحية والجسدية. قال بلرمين: “إن باستطاعة الأنفس المطهرية الشفاعة لمن يسأل حاجاته، وعون الله له. نستغيث بالأنفس المطهريّة نلتمس شفاعتها وغفران خطايانا، والإنتصار على التجارب، والحصول على النِّعم الروحية والجسدية بواسطة شفاعتها. قالت القديسة كاترينا دي بولونيه لراهباتها: “عندما أحبّ الحصول على نعمة من الأب الأزلي، التجئ الى النفوس المطهريّة لتلتمسها لي منه بإسمي. وبقوّة شفاعتها أحصل دائماً على ما أبتغي.” وهي تؤكّد انها حصلت على نِعم لم تحصل عليها بشفاعة القديسين أنفسهم. والقديسة تريزيا الطفل يسوع ايضاً قالت انها حصلت على جميع النّعم التي كانت تلتمسها بشفاعة النفوس المطهرية.

ومن الإيحاءات التي حصلت عليها القديسة بريجيتا، أنّ ملاكاً اقتادها يوماً الى المطهر، فسمعت نفساً حصلت على مساعدة كبرى تقول :”كافئ يا رب الذين ساعدونا في حاجتنا الى المساعدة. وأعطِ بدل الواحد مئة، الذين نهضوا بنا بصلواتهم الى مشاهدة نور لاهوتك”. وقديس الله خوري آرس، قال يوماً لأحد الكهنة: لو عرف الناس قوة شفاعة الأنفس المطهرية، وفيض النّعم التي تحصل عليها من سخاء الله، لما كانوا ينسونها، او يهملون مساعدتها. فلأجلها ينبغي ان نصلّي لتشفع لنا أمام الله ليرحمنا. واذا استقرّت هذه النفوس في نعيم الله، فمن له ان يدرك عظمة تحمّسها امام عرشه لخلاص الذين بمساعداتهم خلّصوها؟ فهذه النفوس السعيدة التي نخلّصها بصلواتنا من نيران مطهرها تنحدر كل ساعة من مقام مجدها الى حيث الذين ساعدوها لتقودهم في حياتهم هنا الى نهاية صالحة في جميع نواحي الحياة الزمنية والروحية.

كان للقديسة مارغريت ماري عبادة خاصة لمساعدة الأنفس المطهريّة، وبوحي اليها من القلب الإلهي قد تألمت أكثر من مرة من اجل تلك النفوس. لقاء ذلك قد أنعم الله عليها بتعزية كبرى وهي تأكّدها من خلاصها ورؤيتها تلك النفوس صاعدة الى سمائها، وهي تنظر اليها نظرات الشكر. ومن المأثور عنها قولها: لو كنتم تعرفون كم كانت سكرات نفسي بالفرح عظيمة، عندما كنت أرى تلك النفوس عائمة في بحار أنوار مجدها! فقد كنت أراها كسبّاح يجيد السباحة في عباب بحر خضم في ذلك المجد. وكم سألتها ان تتذكّرنا امام عرش عريسها السماوي. وما ألذّ جوابها لي وهو: ليس لنكران الجميل أثر في السماء. فلا يخيب طلبنا، ولا يطول انتظارنا النعمة اذا كانت فينا محبّة صادقة للأنفس المطهريّة. وبالإختبار نلمس هذه الحقيقة لمس اليد. اذا أردنا الحصول على نعمة ما، فلنُصلّ من أجل تلك النفوس القديسة، وهي بدورها تبدي لنا معرفة الجميل، بعرضها حاجاتنا على أبيها وأبينا السماوي.

 

اليوم الأول

صلاة استعدادية
يا يسوع الغير متناهية استحقاقاته ومحبّته، نحن الآن جاثون أمامك نضرع إليك لأجل الأنفس التي أحبّتك وأنت أحببتها، وإن كان قصاصها عدلا لتجعلها أهلاً لإمتلاكها إياك، فأنت ترغب شديد الرغبة ان نستغيث برحمتك من أجلها. فتنازل واستمع واقبل صلوات نوجّهها اليك عنها. ولا تدعها زماناً طويلاً محرومة من سعادتها بمشاهدتك، يا يسوع الحبيب. فهي عزيزة على قلبك الإلهي. وبهذا القلب نسألك ان تجعلها مالكة في سعادتك التي رغبت فيها، وعملت لها طوال حياتها، وانت استحققتلها تلك السعادة بسفك دمك الثمين. آمين

المطهر موجود
موجود محل للتكفير يدعى المطهر وفيه يُكمل الأبرار تطهيرهم قبل دخولهم السماء، والكنيسة المقدسة تعلّمني هذه الحقيقة، وانا أومن بتعليمها إيماناً راسخاً يا إلهي! وعلى ضوء نيران المطهر أرى لمعان قداستك وعدلك ورحمتك. إلهي من له ان يصعد سماء سماواتك السامية، ويدنو من أعتاب مقدسك؟ النقي الكفّين في أعماله، والطاهر القلب الذي لم يحمل قلبه الى الباطل ولم يحلف بالغشّ. (مزمور 24: 3 و4) ليس لدنسٍ ان يدخل ملكوت السماوات لأنك أنت قدّوس، قدوس، قدوس يا الله، فاملأني خوفاًُ من الخطيئة، وامنحني نعمة التكفير هنا عما اقترفته هنا.

عادل انت يا الله وأحكامك مستقيمة. أقول لله، لا تؤثمني، أعلمني على أي شيء تحاكمني. إليك وحدك خطئت وأمام عينيك صنعت الشر، وقد استحققت العذابات الأبدية. لكن رحمتك تأثرت خطواتي حتى الى ظلال الموت وخلّصتني. فيا أيها المطهر مملكة الرجاء، إنّ من أعماقك تصرخ النفوس القديسة مع النبي في الضيق رحّبت لي. فارحمني واسمع صلاتي. فلو لم تكن موجوداً، أين كان الله يجمع النفوس الفاترة، والمهملة، والتي لم تمارس الإماتات. فلتكن مباركاً يا الله، يا أبا المراحم، وإله كل تعزية، يا تعزيتنا في جميع ضيقاتنا.

الإسعاف الروحي – حالة النعمة
هي بحال النعمة، والسماء بانتظارها. وهي بواجب التكفير، الواجب عليها عدلاً، تتألّم في سجنها المحرق، وتصرخ إلينا راجية منا بأنّاتٍ لا توصف: “إرحمونا، إرحمونا! أقلّه انتم يا أحبّاءنا! فإنّ يد الله قد ثقلت علينا!” إستغاثة ملحّة، وعن ألمٍ شديد ومرّ، صاعدة من بحيرة المطهر، وموجّهة الى أحبّاء أحياء متدينين، لهم من إيمانهم وسائل قوية وفعّالة للتخفيف من آلام تلك الأنفس المتألّمة بل ولخلاصها. وهذه الوسائل انما هي صلوات وأعمال بِرّ وتقوى وقداديس ومناولات، ولكل منا حرية الإختيار من هذه الوسائل بحسب اختياره. والأحياء على الأرض هم غالباً أبناء وأهل وأقارب وأصدقاء. ورغم روابط الصداقة وصلات القرابى، يبقون خرساً وصمّاًً فلا يسمعون استغاثات تلك النفوس المتألمة ولا ينطقون بكلمة جواب. وقد يكونون هم سبب آلامها المرّة، ولا يأتون بحركة مساعدة لها.

وقد يأتي بعضهم ببعض المساعدة الغير مثمرة، بحيث يكونون بحال الإثم المميت، فلا يستفيدون ولا يفيدون، رغم اعتقادهم بحقيقة آلامه الفادحة الغير محتملة، والكثيرون يفكّرون بتلك النفوس العزيزة، تكفّر عن هفوات هذه الحياة في هاوية المطهر، في جوف نيرانه الحامية، وقليلون جداً الذين يندفعون لمساعدتها بصلاة او بعمل تقوى لها. وقد تكون أعمالهم بدون فائدة، كشجرة بلا مائية، فهي ميتة ولا يُرجى منها ثمرة. وهذه هي صورة النفس التي ليست فيها النعمة المبرّرة، فهي ميتة ميتة ايضاً أعمالها. فلا قوة فيها على تخفيف من آلام النفوس المتألّمة. اما النفس التي هي بحال النعمة، فهي وحدها بقوة صلواتها تبرّد لظى نيران المطهر، بندى مساعدتها واستحقاقاتها. فلنفكّر بهذه العقيدة الأساسية، ولنقدّم منذ بدء هذه التساعية عونا سريعاً وفعّالاً لتلك النفوس العزيزة المتألّمة، ولنكن بحالة طهارة يقتضيها منا العدل الإلهي.

صلوات تتلى في نهاية كل يوم من التساعية:

  1. يا يسوع الممتلئ قلبه رحمة ترأّف على الأنفس المحبوسة في المطهر، تنازلتَ لأجل خلاصها، فتجسّدتَ، واحتملتَ أشدّ الميتات ألمًا، فتنازل إذًا وأمل أذنك إلى صراخها، وانظر دموعها تجري. فبحقّ آلامك المقدّسة خفّف العذابات التي استحقّتها خطاياها، يا يسوع الرحوم جدًّا دع دمك الثمين يجري إلى المطهر فيبرّد تلك الأنفس الأسيرة المسكينة، أمدد إليها ذراعيك القادرتين وانتشلها من اللجّة وخذها إلى محلّ الراحة والنور والسلام، آمين.
  2. من الأعماق صرخت إليك يا ربّ، يا ربّ استمع صوتي. لتكن أذناك مصغيتين إلى صوت تضرّعي أن كنت للآثام راصدًا يا ربّ، يا ربّ من يثبت، فإنّ عندك المغفرة، لكي يكون الإكرام. انتظرتُ الربّ، انتظرته نفسي، ورجوت كلمته، انتظار نفسي للربّ أشدّ من انتظار الرقباء للصبح والساهرين للفجر، ليكن إسرائيل راجيًا للربّ، فإن عند الربّ الرحمة وعنده فداء كثير وهو يفتدي إسرائيل من كلّ آثامه.

          الراحة الدائمة اعطهم يا ربّ. ونورك الأبديّ فليضئ لهم. – ليستريحوا بالسلام. آمين.

  1. أيّها الإله خالق جميع الناس ومخلّصهم، تنازل وامنح نفوس عبيدك وخدّامك مغفرة خطاياهم لكي يحصلوا على الغفران الذي تاقوا إليه دائمًا بواسطة هذه التضرّعات التقويّة، أنت الذي تحيا وتملك إلى دهر الداهرين آمين.
  2. يا مريم ليس من وسيطة أقوى من شفاعتك للحصول من قلب يسوع على تخفيف عذاب الأنفس المطهريّة المسكينة وخلاصها. فالقدّيس برنردوس يدعوك الكليّة القدرة، وأنت بذاتك صرّحت للقدّيسة بريجيتا: بأنّك أمّ لكلّ الأنفس الرحومة، وصلاتك تسكن آلامها، فلا عجب بذلك. ألست أنتِ يا سيّدة القلب الأقدس أمّ الأيتام، ومعزيّة الحزانى، وملجأ التاعسين، ومحامية كلّ المتألّمين والتائبين؟ ومن الذي يتألّم أكثر من النفوس المطهرية؟ ومن الذي يستحقّ حنانك الوالديّ أكثر منها؟ فارمقيها إذًا بنظرك العطوف، خصوصًا أنفس والدي والمحسنين إليّ وأصدقائي وكلّ أعضاء أخويّتك.

أذكري يا مريم أنّ تلك النفوس أحبّتك على الأرض، وأنّها كانت عروسات ابنك الإلهيّ، ومعدّة للسعادة الأبديّة، قدّمي للعدل الإلهيّ بدل ألمها استحقاقات القلب الإلهيّ الغير المتناهية، واستحقاقاتك، واستحقاقات جميع القدّيسين. أسألك يا سيّدة القلب الأقدس أن تستجيبي صلاتي الحقيرة، وتحصلي من قلب ابنك الإلهيّ على تعزية تلك الأنفس، حتّى تتمتّع بأقرب وقت بفرح السعادة الأبديّة في السماء. آمين.

 

اليوم الثاني

الإنفصال الأليم عن الله
لندع ملاكنا الحارس يقودنا الى المطهر حيث يطهّر عدل الله النفوس قبل دخولها السماء. فنجد هناك أهلنا وأصدقائنا. فإذا لم يكن للمطهر من فائدة إلا احياء ذكرى موتانا فينا، وإن كان يُمحى ذلك الذكر بسرعة من ذاكرتنا، فعلينا ان نشكر الله على إيفائه هذا الدواء لطيشنا. فيا والديّ، وإخوتي، وأخواتي، وأصدقائي، أنا شاعرٌ بكم تتنهّدون وتتألّمون وتسألوني المساعدات! وعالمٌ أني أهملتكم من مساعداتي فيما مضى. فكم تتألّمين أيتها النفوس العزيزة! وما يجب عليّ ان أعمل لأخلّصك من تلك العذابات الأليمة؟! فلا ريب تقولين، عذاباتنا لا يمكن وصفها، فنحن منفصلون عن أجسادنا، نشاهد الله في غمرة مجده، وهو خيرنا السامي ونعيمنا الأبدي، وبحر ومجموعة كل كمال! نقوم لنترامى بين يديه! فيقف بوجهنا عدله ويمنعنا. وتبعدنا عنه ذراعه القديرة. أما أنتم فيستحيل عليكم فهم آلام نفس مفصولة عن الله! وما غمومكم وأحزانكم وآلامكم إلا ظلٍّ لآلامنا. كل ذلك بسبب هفوة منا! آواه لو كان مستطاع عندنا رجوعنا الى الأرض لنكفّر عن هفواتنا! فأنتم يا أحبّاءنا لكم أن تلمسوا قلب الله، وأن تحنّنوا عدله علينا فعجّلوا أدخلونا السماء حيث نمكث عارفين جميلكم الى لأبد.

المساعدة الروحية – ثروتنا العجيبة
مسكينة النفوس المطهريّة!… ما أبلغ حزنها في مطهرها! وما أمرّ عذاباتها، التي تعجز الخلائق عن وصف مرارتها! فهي عاجزة كل العجز عن ان تحصل على أدنى تخفيف وليس لها ان تنظر الى السماء، ولو نظرة إستغاثة خاطفة. ولا أمل لها منها بأقلّ مساعدة. فالقديسون والعذراء والفادي نفسه الذي فداها بدمه وموته، مقيّدون بناموس العدل. فلا تستطاع مساعدتهم لها بشيء، فجميع هؤلاء يوحون الينا مساعدة هذه النفوس. وينتظرون منا هذه المساعدة لتلطّف من عذاباتها وتقصّر مدّتها فتصل بسرعة الى أخدار سعادتها. ومن هناك تستمطر علينا غيوث النّعم والبركات. وتشفع لنا لدى عريسها يسوع مدى الدهور.

فما هو استعدادنا الذي تريده منا الكنيستان ، المنتصرة والمتألّمة. وتدعوانا للتوسّط لهذه النفوس بأعمالنا المثمرة والممتازة؟ – استعدادنا ان نعلم اننا وحدنا، دون سوانا قادرون على مساعدتها، فاستماع القداس يجعل تحت تصرّفنا استحقاقات آلام وموت الفادي الغير المتناهية… وأعمال البِرّ تفتح أمامنا كنوز الكنيسة المقدّسة، والصلوات تجعل قدرة الله في خدمتنا. ومائيّة النعمة الإلهية الجارية في نفوسنا تحوّل وترفع وتُألّه أعمالنا التي نعملها سحابة يومنا. ومنها نصوغ عملة روحية تقبلها السماء إستحقاقا به نقوم أمام العدل الإلهي بجرأة، وبه نفتح أمامها باب السماء، وبه نُدخلها الى نعيمها الأبدي. فهل نفكّر بهذه الثروة السامية التي هي نحن، وبها نجعل الله والعذراء والقديسين وسطاء بيننا وبين النفوس المتألّمة ؟ فلنعطِ، فلنعطِ؟ عن يد سخيّة فلنعطِ.

صلوات تتلى في نهاية كل يوم من التساعية:

  1. يا يسوع الممتلئ قلبه رحمة ترأّف على الأنفس المحبوسة في المطهر، تنازلتَ لأجل خلاصها، فتجسّدتَ، واحتملتَ أشدّ الميتات ألمًا، فتنازل إذًا وأمل أذنك إلى صراخها، وانظر دموعها تجري. فبحقّ آلامك المقدّسة خفّف العذابات التي استحقّتها خطاياها، يا يسوع الرحوم جدًّا دع دمك الثمين يجري إلى المطهر فيبرّد تلك الأنفس الأسيرة المسكينة، أمدد إليها ذراعيك القادرتين وانتشلها من اللجّة وخذها إلى محلّ الراحة والنور والسلام، آمين.
  2. من الأعماق صرخت إليك يا ربّ، يا ربّ استمع صوتي. لتكن أذناك مصغيتين إلى صوت تضرّعي أن كنت للآثام راصدًا يا ربّ، يا ربّ من يثبت، فإنّ عندك المغفرة، لكي يكون الإكرام. انتظرتُ الربّ، انتظرته نفسي، ورجوت كلمته، انتظار نفسي للربّ أشدّ من انتظار الرقباء للصبح والساهرين للفجر، ليكن إسرائيل راجيًا للربّ، فإن عند الربّ الرحمة وعنده فداء كثير وهو يفتدي إسرائيل من كلّ آثامه.

          الراحة الدائمة اعطهم يا ربّ. ونورك الأبديّ فليضئ لهم. – ليستريحوا بالسلام. آمين.

  1. أيّها الإله خالق جميع الناس ومخلّصهم، تنازل وامنح نفوس عبيدك وخدّامك مغفرة خطاياهم لكي يحصلوا على الغفران الذي تاقوا إليه دائمًا بواسطة هذه التضرّعات التقويّة، أنت الذي تحيا وتملك إلى دهر الداهرين آمين.
  2. يا مريم ليس من وسيطة أقوى من شفاعتك للحصول من قلب يسوع على تخفيف عذاب الأنفس المطهريّة المسكينة وخلاصها. فالقدّيس برنردوس يدعوك الكليّة القدرة، وأنت بذاتك صرّحت للقدّيسة بريجيتا: بأنّك أمّ لكلّ الأنفس الرحومة، وصلاتك تسكن آلامها، فلا عجب بذلك. ألست أنتِ يا سيّدة القلب الأقدس أمّ الأيتام، ومعزيّة الحزانى، وملجأ التاعسين، ومحامية كلّ المتألّمين والتائبين؟ ومن الذي يتألّم أكثر من النفوس المطهريّة؟ ومن الذي يستحقّ حنانك الوالديّ أكثر منها؟ فارمقيها إذًا بنظرك العطوف، خصوصًا أنفس والدي والمحسنين إليّ وأصدقائي وكلّ أعضاء أخويّتك.

أذكري يا مريم أنّ تلك النفوس أحبّتك على الأرض، وأنّها كانت عروسات ابنك الإلهيّ، ومعدّة للسعادة الأبديّة، قدّمي للعدل الإلهيّ بدل ألمها استحقاقات القلب الإلهيّ الغير المتناهية، واستحقاقاتك، واستحقاقات جميع القدّيسين. أسألك يا سيّدة القلب الأقدس أن تستجيبي صلاتي الحقيرة، وتحصلي من قلب ابنك الإلهيّ على تعزية تلك الأنفس، حتّى تتمتّع بأقرب وقت بفرح السعادة الأبديّة في السماء. آمين.

 

اليوم الثالث

المنفى المؤلم
طال سبي شعب الله فجلسوا على ضفاف نهر بابل، وبكوا على ذكر صهيون. (مزمور1:136) فكيف نتمثّل آلام وتنهدّات النفوس المطهرية، تتأوه مشتاقة الى أفراح وطنها السماوي، وقد رأت عن بعد غبطته وبهائه؟ وبما أنها بسبب بعض عواطف وهفوات الأرض، ستُحرم من ملكوت السماء زمانا طويلاً. فتتمثّل امام عينيها جميع نواقص حياتها تسدّ بوجهها مداخل مجدها؟ فكم تتألم امام هذه المشهد المؤلم؟ وكم يوبّخها ضميرها على تفضيلها بعض رغائب عابرة على غبطة سماوية ومجد لا يزول.

وبما ان الله منحنا القدرة على إيفاء ديون النفوس المطهرية بواسطة أفعالنا الصالحة فلا يجوز ان نهمل هذه المنحة الثمينة. فكم يكون لذيذاً على قلب شريف تخفيفه عن فقير وتعزيته لحزين. وكونه أباً ليتيم ، وتوفيره السلام والسعادة لعيلة ذات مصيبة! فالصلاة للنفوس المطهريّة تحتوي على هذه التعزيات، لأنها تخوّلنا القدرة على إخراج تلك النفوس من سجن عذاباتها، حيث أذبلت نضارتها النيران الحامية، وعلى فتح أبواب الأبدية السعيدة أمامها. قال يسوع “كل ما فعلتم مع أحد إخوتي هؤلاء الصغار فبي قد فعلتموه.” فإذا خفّفنا عن الأنفس المطهرية فنحن متأكدون من الحصول على جزائنا من يد الله نفسه. وقد أوحى سيدنا يسوع المسيح للقديسة جرترودة قال: “ان النفس التي تخلص بصلواتك، تبتهج جداً، وانا أشعر بنفس الإبتهاج كما لو كنت أنا نجوت بقوة صلواتك من ذلك الأسر. وإني أعدّ لك أجراً عظيماً لقاء ذلك في حينه.”

المساعدة الروحية – عمل سامٍ
إنّ قلوباً سخيّة تقدّم لله بواسطة العذراء جميع استحقاقاتها الإرضائية مساعدة للنفوس المتألّمة، متأثّرة بالإستغاثات الملحّة الواردة اليها من السماء والمتصاعدة من المطهر! وتقول لله: “ايها الآب الأزلي إقبل مني كل ما هو نافع لتخفيف عذابات الأنفس المطهريّة، اي الإستحقاقات التي ربحتها والتي سأربحها بنعمتك، والصلوات التي تتلى لأجلي في حياتي وبعد مماتي. فمثل هذه التقدمة فعل سامٍ. وهو ألطف وأطهر زهرة تقطفها يد مسيحية محبّة. وهي تكفل لكنوزنا الروحية ازدياداً سريعاً وأكيداً وفائقاً. وقد منحت الكنيسة المقدسة إنعامات روحية بسخاء تشجيعاً لهذه الأعمال. فقد علّقت على المذابح الإنعامية فيض البركة لكل كاهن يُقدّس على أحدها كل يوم من أيام السنة ، ومنحت نفس الإنعام لكل مؤمن 1- كل مرة يتناول. 2- ويسمع القداس كل يوم إثنين من كل أسبوع لأجل الأنفس المطهريّة شرط أن يزور الكنيسة في ذلك النهار ويصلّي على نيّة الحبر الأعظم.

صلوات تتلى في نهاية كل يوم من التساعية:

  1. يا يسوع الممتلئ قلبه رحمة ترأّف على الأنفس المحبوسة في المطهر، تنازلتَ لأجل خلاصها، فتجسّدتَ، واحتملتَ أشدّ الميتات ألمًا، فتنازل إذًا وأمل أذنك إلى صراخها، وانظر دموعها تجري. فبحقّ آلامك المقدّسة خفّف العذابات التي استحقّتها خطاياها، يا يسوع الرحوم جدًّا دع دمك الثمين يجري إلى المطهر فيبرّد تلك الأنفس الأسيرة المسكينة، أمدد إليها ذراعيك القادرتين وانتشلها من اللجّة وخذها إلى محلّ الراحة والنور والسلام، آمين.
  2. من الأعماق صرخت إليك يا ربّ، يا ربّ استمع صوتي. لتكن أذناك مصغيتين إلى صوت تضرّعي أن كنت للآثام راصدًا يا ربّ، يا ربّ من يثبت، فإنّ عندك المغفرة، لكي يكون الإكرام.انتظرتُ الربّ، انتظرته نفسي، ورجوت كلمته، انتظار نفسي للربّ أشدّ من انتظار الرقباء للصبح والساهرين للفجر، ليكن إسرائيل راجيًا للربّ، فإن عند الربّ الرحمة وعنده فداء كثير وهو يفتدي إسرائيل من كلّ آثامه.

          الراحة الدائمة اعطهم يا ربّ. ونورك الأبديّ فليضئ لهم. – ليستريحوا بالسلام. آمين.

  1. أيّها الإله خالق جميع الناس ومخلّصهم، تنازل وامنح نفوس عبيدك وخدّامك مغفرة خطاياهم لكي يحصلوا على الغفران الذي تاقوا إليه دائمًا بواسطة هذه التضرّعات التقويّة، أنت الذي تحيا وتملك إلى دهر الداهرين آمين.
  2. يا مريم ليس من وسيطة أقوى من شفاعتك للحصول من قلب يسوع على تخفيف عذاب الأنفس المطهريّة المسكينة وخلاصها. فالقدّيس برنردوس يدعوك الكليّة القدرة، وأنت بذاتك صرّحت للقدّيسة بريجيتا: بأنّك أمّ لكلّ الأنفس الرحومة، وصلاتك تسكن آلامها، فلا عجب بذلك. ألست أنتِ يا سيّدة القلب الأقدس أمّ الأيتام، ومعزيّة الحزانى، وملجأ التاعسين، ومحامية كلّ المتألّمين والتائبين؟ ومن الذي يتألّم أكثر من النفوس المطهريّة؟ ومن الذي يستحقّ حنانك الوالديّ أكثر منها؟ فارمقيها إذًا بنظرك العطوف، خصوصًا أنفس والدي والمحسنين إليّ وأصدقائي وكلّ أعضاء أخويّتك.

أذكري يا مريم أنّ تلك النفوس أحبّتك على الأرض، وأنّها كانت عروسات ابنك الإلهيّ، ومعدّة للسعادة الأبديّة، قدّمي للعدل الإلهيّ بدل ألمها استحقاقات القلب الإلهيّ الغير المتناهية، واستحقاقاتك، واستحقاقات جميع القدّيسين. أسألك يا سيّدة القلب الأقدس أن تستجيبـي صلاتي الحقيرة، وتحصلي من قلب ابنك الإلهيّ على تعزية تلك الأنفس، حتّى تتمتّع بأقرب وقت بفرح السعادة الأبديّة في السماء. آمين.

 

اليوم الرابع

النيران الثائرة
قال معلّمو الكنيسة إن النفوس المطهريّة تتحمّل ألم النيران، نعم ليس قول القديسين من باب الإيمان، ولكن ما أجمع عليه رأي العلماء الكبار هو رأي صحيح. ومن الجسارة شذوذنا عن رأيهم. قال القديس أوغسطينوس: “لا تختلف نيران المطهر عن نيران جهنّم إلا بالزمان”. وقال القديس توما: “ليست نيران الأتون الحامية، ولا النيران التي أحرقوا بها الشهداء سوى ظل للنيران المطهريّة حيث تُكفّر تلك النفوس عن هفواتها، من منا لا يرتعد عند سماع هذه الكلمة “الى النار” وهل أقسى من نار تعذب من فيها قلباً وقالباً وتستقرّ وتستمرّ في قرارة نفسه؟ ومن منا يستطيع تحمّل جمرة متوقّدة على يده دقيقة واحدة! أما النار الزمنية هنا فتحرق الجسد لا غير، أما نيران المطهر فتحرق وتحرق النفس عينها، وتتغلغل في قرارات حسّها وذاكرتها وعقلها. فليست نارنا هنا شيئاً بالنظر الى نار المطهر. فهناك نيران ثأر وعقاب يضرمها العدل الإلهي، فتحرق النفس لتنقّيها وتحفظها ولا تفنيها. وإذا رأينا حريقاً أمامنا هالنا منظره ودفعتنا روح المفاداة لنقتحم قلب اللهيب لتخليص من هو بجوفه يحترقون. فهل نبقى بموقف المتفرّجين حابسين شعورنا إزاء تلك النفوس المعذّبة بالمطهر وهي تستغيث بنا: إرحمونا، إرحمونا ولا نرحمها بشيء من المساعدات الروحيّة.

المساعدة الروحية
إن أعمالنا حقيرة، ونحن أغصان ضعيفة عالقة بشجرة نعمة يسوع. ورغم حقارة أعمالنا وضعفنا الذاتي لنا نفوذ قوي لدى العدل الإلهي، ولأعمالنا تأثير في حنانه الأبوي، اذا قدّمناها عملاً عملاً، وجدّدنا نيّتنا عند كل عمل منها، او شملناها بنيّة عامة بواسطة عملنا السامي فنخلّص نفوساً كثيرة من نيران حمّامها السماوي بواسطة هذه الأعمال. فأولى بالأغصان القوية في شجرة يسوع كالعذراء أمّنا والقديسين شفعائنا أن يخلص من تلك النفوس ما لا عدّ له. أما أعمال يسوع، الكرمة الإلهي فمنها تفيض حياة النعمة في النفوس، وبها تخلص النفوس الخاطئة بالتعزية والنفوس المطهريّة من آلامها تخلص بها. والى هذه إستحقاقات المسيحيين الأطهار، واستحقاق القديسين، وااستحقاقات العذراء القديسة أمّنا فهي كلّها كنوز غنية وينابيع فيّاضة تحت تصرّف وحراسة الأم الكنيسة المقدّسة وتوزّع منها على المحتاجين، وأوّل المحتاجين النفوس المطهريّة، وهذا ميراث العائلة المسيحية العظيم تستغلّه لمحو خطاياها وإبقاء ما فُرض عليها من قصاص زمني هنا او في المطهر. فلنوجّه إذاً كل ما نحصل عليه من هذا الميراث الى مساعدة النفوس المطهريّة ونحن قادرون، أما تلك النفوس فهي عاجزة عن أن تربح شيئاً لأجل ذاتها.

صلوات تتلى في نهاية كل يوم من التساعية:

  1. يا يسوع الممتلئ قلبه رحمة ترأّف على الأنفس المحبوسة في المطهر، تنازلتَ لأجل خلاصها، فتجسّدتَ، واحتملتَ أشدّ الميتات ألمًا، فتنازل إذًا وأمل أذنك إلى صراخها، وانظر دموعها تجري. فبحقّ آلامك المقدّسة خفّف العذابات التي استحقّتها خطاياها، يا يسوع الرحوم جدًّا دع دمك الثمين يجري إلى المطهر فيبرّد تلك الأنفس الأسيرة المسكينة، أمدد إليها ذراعيك القادرتين وانتشلها من اللجّة وخذها إلى محلّ الراحة والنور والسلام، آمين.
  2. من الأعماق صرخت إليك يا ربّ، يا ربّ استمع صوتي. لتكن أذناك مصغيتين إلى صوت تضرّعي أن كنت للآثام راصدًا يا ربّ، يا ربّ من يثبت، فإنّ عندك المغفرة، لكي يكون الإكرام .انتظرتُ الربّ، انتظرته نفسي، ورجوت كلمته، انتظار نفسي للربّ أشدّ من انتظار الرقباء للصبح والساهرين للفجر، ليكن إسرائيل راجيًا للربّ، فإن عند الربّ الرحمة وعنده فداء كثير وهو يفتدي إسرائيل من كلّ آثامه.

          الراحة الدائمة اعطهم يا ربّ. ونورك الأبديّ فليضئ لهم. – ليستريحوا بالسلام. آمين.

  1. أيّها الإله خالق جميع الناس ومخلّصهم، تنازل وامنح نفوس عبيدك وخدّامك مغفرة خطاياهم لكي يحصلوا على الغفران الذي تاقوا إليه دائمًا بواسطة هذه التضرّعات التقويّة، أنت الذي تحيا وتملك إلى دهر الداهرين آمين.
  2. يا مريم ليس من وسيطة أقوى من شفاعتك للحصول من قلب يسوع على تخفيف عذاب الأنفس المطهرية المسكينة وخلاصها. فالقدّيس برنردوس يدعوك الكليّة القدرة، وأنت بذاتك صرّحت للقدّيسة بريجيتا: بأنّك أمّ لكلّ الأنفس الرحومة، وصلاتك تسكن آلامها، فلا عجب بذلك. ألست أنتِ يا سيّدة القلب الأقدس أمّ الأيتام، ومعزيّة الحزانى، وملجأ التاعسين، ومحامية كلّ المتألّمين والتائبين؟ ومن الذي يتألّم أكثر من النفوس المطهريّة؟ ومن الذي يستحقّ حنانك الوالديّ أكثر منها؟ فارمقيها إذًا بنظرك العطوف، خصوصًا أنفس والدي والمحسنين إليّ وأصدقائي وكلّ أعضاء أخويّتك.

أذكري يا مريم أنّ تلك النفوس أحبّتك على الأرض، وأنّها كانت عروسات ابنك الإلهيّ، ومعدّة للسعادة الأبديّة، قدّمي للعدل الإلهيّ بدل ألمها استحقاقات القلب الإلهيّ الغير المتناهية، واستحقاقاتك، واستحقاقات جميع القدّيسين. أسألك يا سيّدة القلب الأقدس أن تستجيبـي صلاتي الحقيرة، وتحصلي من قلب ابنك الإلهيّ على تعزية تلك الأنفس، حتّى تتمتّع بأقرب وقت بفرح السعادة الأبديّة في السماء. آمين.

اليوم الخامس

مدة عذاب المطهر
كم يدوم عذاب المطهر؟ هذا ما لا يعلمه غير الله، او من أنعم الله عليه بمعرفته من القديسين. وهذا قليل ونادر. وهل يجوز ان نتشكّى من جهلنا هذا الأمر؟ كلا، لأنه دافع لنا على مواصلة المساعدات للأنفس المطهرية فتستفيد هي، ونحن نستفيد. لكن بكل أسف نقول: اننا نتعب كثيراً بسبب صلاة وجيزة لأجل الموتى! واذا مات عزيز علينا تفجّعنا عليه، وخنقنا حزننا، وربما استمر هذا الحجزن شهراً او سنة او أكثر. فهل يكون ذلك كافياً للميت، وبه يبلغ سمواته، ولم يعد بحاجة الى صلاة او الى خير مساعدة له؟ آه! لو فكّرنا بمبلغ الطهارة الواجب ان تتجلّى بالنفس قبل امتلاكها الله، وقابلنا خطايانا العرضية بقلّة التذكّر والندامة على الخطايا المميتة، وإن كنا اعترفنا بها، لكان تفكيرنا غير ما هو الآن.

ففي يوم القضاء يفتح السجلّ المسطّرة فيه ديوننا، ونسأل عن حساب وكالتنا بدقّة وعدل. أليس من الطيش ان نهمل  التفكير هنا عن نقائصنا، ونهمل مساعدات النفوس المطهريّة، أن نستخفّ بالأمرين معاً، ولا نذكر ان ذلك إثم علينا؟! إنّ القديس أوغسطينوس مكث يصلّي عن نفس والدته القديسة مونيكا، وهو متأكد من كونها قديسة، مسافة عشرين سنة بعد موتها! فكم من الزمان ساعدنا موتانا؟ بل كم من الأوقات أهملنا ذكرهم في صلواتنا وأعمالنا الخيرية؟ وهب ان موتانا القريبين خلصوا، أليس من الواجب علينا ان نذكر جميع الموتى المعذّبين في المطهر؟ اليسوا من الطينة التي نحن منها؟ أليسوا إخوة يسوع وإخوتنا؟ أليسوا مفتدين بدمه الإلهي؟ ألا نسمع صوتها يرنّ في آذاننا ليلاً نهاراً: إرحمونا… إرحمونا… فهي تنتظر من كل واحد منا ان يذكرها ولو بعاطفة واحدة في يومه، وكثير من هذه النفوس من تبقى في منقع عذابها الى يوم القيامة. فإذا صلّينا لأجلها، وخلّصناها قبل ذلك الحين، فكم تكون شافعة لنا الى الله، وكم ترغب في خلاصنا هنا من الخطيئة على أنواعها! وكم يهمّها أمر نجاتنا من النيران المطهريّة، وقد خبرت مرارتها بذاتها!

المساعدة الروحية
اذا أردنا تقصير زمن المطهر، وجب علينا أن نفرّق من كنز أسرار الكنيسة ما طاب لنا واستطعنا، قاصدين ان نربح منها ما أمكن ربحه متوجّهين به الى الأنفس المطهريّة. وبذلك نربح ونربّح غيرنا. فتلك النفوس تخلص، ونحن نكنز لأنفسنا كنزاً نلاقيه محفوظاً لنا يوم الدين. والطريقة في ذلك هيّنة، وهي: كوننا بحال النعمة وإتمامنا ما تأمرنا به أمنا الكنيسة المقدسة من صلوات وأفعال خير. لكن بعلمنا أنه ليس للغفّارين حركة ميكانيكية تدور على أدرناها او لم ندرها. فالغفران الذي تربحه النفوس المطهريّة قياسه سخاءنا وتقوانا وأتعابنا التي نبذلها لربح الغفران، ولا يفوت علمنا ان النِّعم كاملة وجزئية، فالكامل منها من وفى الدين كله، والجزئي منه ما وفى بعض الدين. وليس الله مقيّداً بتسميتها ولا بقسمتها. فهو جوّاد وسخي، وهو يوزّعها بعطفه الأبوي مبتهجاً باستخدامها في سبيل تلك النفوس حبيباته. هلّا نُكثر من هذه التقدمات الثمينة نضعها بسخاء بين يديه تعالى؟ إذاً فلنُكثر من تقدماتنا هذه، فنُكثر من أجرنا، ونكثر من الشفعاء لنا، ونُقصّر ونحن هنا، زمان مطهرنا في المستقبل.

صلوات تتلى في نهاية كل يوم من التساعية:

  1. يا يسوع الممتلئ قلبه رحمة ترأّف على الأنفس المحبوسة في المطهر، تنازلتَ لأجل خلاصها، فتجسّدتَ، واحتملتَ أشدّ الميتات ألمًا، فتنازل إذًا وأمل أذنك إلى صراخها، وانظر دموعها تجري. فبحقّ آلامك المقدّسة خفّف العذابات التي استحقّتها خطاياها، يا يسوع الرحوم جدًّا دع دمك الثمين يجري إلى المطهر فيبرّد تلك الأنفس الأسيرة المسكينة، أمدد إليها ذراعيك القادرتين وانتشلها من اللجّة وخذها إلى محلّ الراحة والنور والسلام، آمين.
  2. من الأعماق صرخت إليك يا ربّ، يا ربّ استمع صوتي. لتكن أذناك مصغيتين إلى صوت تضرّعي أن كنت للآثام راصدًا يا ربّ، يا ربّ من يثبت، فإنّ عندك المغفرة، لكي يكون الإكرام. انتظرتُ الربّ، انتظرته نفسي، ورجوت كلمته، انتظار نفسي للربّ أشدّ من انتظار الرقباء للصبح والساهرين للفجر، ليكن إسرائيل راجيًا للربّ، فإن عند الربّ الرحمة وعنده فداء كثير وهو يفتدي إسرائيل من كلّ آثامه.

          الراحة الدائمة اعطهم يا ربّ. ونورك الأبديّ فليضئ لهم. – ليستريحوا بالسلام. آمين.

  1. أيّها الإله خالق جميع الناس ومخلّصهم، تنازل وامنح نفوس عبيدك وخدّامك مغفرة خطاياهم لكي يحصلوا على الغفران الذي تاقوا إليه دائمًا بواسطة هذه التضرّعات التقويّة، أنت الذي تحيا وتملك إلى دهر الداهرين آمين.
  2. يا مريم ليس من وسيطة أقوى من شفاعتك للحصول من قلب يسوع على تخفيف عذاب الأنفس المطهرية المسكينة وخلاصها. فالقدّيس برنردوس يدعوك الكليّة القدرة، وأنت بذاتك صرّحت للقدّيسة بريجيتا: بأنّك أمّ لكلّ الأنفس الرحومة، وصلاتك تسكن آلامها، فلا عجب بذلك. ألست أنتِ يا سيّدة القلب الأقدس أمّ الأيتام، ومعزيّة الحزانى، وملجأ التاعسين، ومحامية كلّ المتألّمين والتائبين؟ ومن الذي يتألّم أكثر من النفوس المطهرية؟ ومن الذي يستحقّ حنانك الوالديّ أكثر منها؟ فارمقيها إذًا بنظرك العطوف، خصوصًا أنفس والدي والمحسنين إليّ وأصدقائي وكلّ أعضاء أخويّتك.

أذكري يا مريم أنّ تلك النفوس أحبّتك على الأرض، وأنّها كانت عروسات ابنك الإلهيّ، ومعدّة للسعادة الأبديّة، قدّمي للعدل الإلهيّ بدل ألمها استحقاقات القلب الإلهيّ الغير المتناهية، واستحقاقاتك، واستحقاقات جميع القدّيسين. أسألك يا سيّدة القلب الأقدس أن تستجيبـي صلاتي الحقيرة، وتحصلي من قلب ابنك الإلهيّ على تعزية تلك الأنفس، حتّى تتمتّع بأقرب وقت بفرح السعادة الأبديّة في السماء. آمين.

 

اليوم السادس

ليس باستطاعة الأنفس المطهريّة ان تخلّص ذاتها
أنّ أعظم داع يدعونا ويدفعنا الى مساعدة النفوس المطهريّة، إنما هو عجزها عن تخليصها بذاتها، لأن مُلك الرحمة ينتهي بالموت. وبعد الموت يبتدئ مُلك العدل، وبالموت ايضاً تنتهي حرّية الإختيار، وبانتهاء الإختيار بين الخير والشر ينتهي زمان الإستحقاق وعذاب النفوس المطهريّة عبارة عن إيفاء دين قديم فهو عذاب بلا أجر.

ألم مرّ، حزن أليم لتلك النفوس، ان ترى نفسها مجبرة على تحمّل آلام، لا يعلم مدى حدّتها غير الله، وقد تكون المدة أجيالاً، وليس لتلك النفوس أدنى أمل بربح شيء من جرّائها أبداً. من منا يستطيع ان يمسك أحشاء رحمته عن رجل بائس ملقى في طريق او في سوق، ولا يمد أحد اليه يد المساعدة، وينقله الى بيته وينفحه ببسطة كفّ، عوناً له في حاجته، إن في يدنا، وتحت استطاعتنا، ان نفتح أبواب سجن النفوس المطهريّة. وهي تسألنا فديتها من عذابها في السجن المرعب. فهل نتركها في نيرانها تتألّم، ونحبس أحشاء رحمتنا عنها، وبإمكاننا أن نخفّف عنها كثيراً. وربما أمكننا أن نخلّصها بربح غفران كامل واحد نربحه باعتراف وتناول؟

إنّ من حلم الله وضع مفاتيح المطهر بين ايدينا وتحت تصرّفنا. من نعمه علينا تكليفه ايانا بإيفاء عدله الإلهي عن تلك النفوس بما نقوم به من واجباتنا العادية اليومية. فنحن ملجأ تلك النفوس، ونحن عونها المنقذ، وبيدنا إيصالها الى سعادتها الأبدية. وما صعدنا الى السماء من صلواتنا، استمطرنا على النفوس المطهريّة غيوث نعم ورحمة وانعتاق ومجد. فإذا لم نجرِ هذا الحساب ولم نعمل هذه المساعدة، ألا نكون نحبس أحشاء رحمتنا لها من كبار المجرمين؟!

المساعدة الروحية – درب الصليب
إن آلام سيدنا يسوع المسيح وموته هي بلا جدل، أثمن شيء لإغاثة النفوس المطهريّة. وقطرة واحدة من دمه الثمين كافية لمحو خطايا العالم كله،فماذا نقول اذاً، عن ذلك السيل من الرحمة، الجاري من الجسمانية الى الجلجلة، والفائض على المذابح كل يوم، على أيدي الكهنة يقدّمون آلاف المرات تلك الذبيحة الإلهية؟

فإلى ذلك الينبوع الفيّاض، الى القداس، الى درب الصليب، ينبغي ان نذهب ونوزّع من ذلك الينبوع ما استطعنا من نعم التنقية. ونستعطف الله على تلك النفوس المتألّمة! فهي تنتظر منا حركة رحمة! قالت إحدى القديسات، “لا الوقت ينقصنا لعمل درب الصليب، ولا تنقصنا القوّة على القيام به، انما تنقصنا المحبّة: محبّة المخلّص المتألّم، ومحبّة النفوس المتألّمة.”

اما طريقة درب الصليب فهي باستطاعة كل انسان بسهولة تامة. من منا يصعب عليه التأمل بآلام سيدنا وفادينا يسوع المسيح، بضع ثوانٍ امام كل مرحلة من مراحل درب الصليب.؟ بل من منا لا يحبّ الندامة على خطاياه عند ذكره جهنّم والمطهر؟ ومن منا فيه ذرّة من الإيمان الحيّ ولا يرتعد من ذكر عدل الله؟ ومن منا يعجز عن تلاوة هذه النافذة: “أيها الآب الأزلي، إني أقدّم لك آلام ابنك الحبيب لأجل خلاص النفوس المطهريّة.” وهل تتعبنا تلاوة أبانا والسلام، وارحم يا رب، ارحم شعبك؟

ربع ساعة كافية لرتبة درب الصليب، وثمرة درب الصليب نعم جمّة.

صلوات تتلى في نهاية كل يوم من التساعية:

  1. يا يسوع الممتلئ قلبه رحمة ترأّف على الأنفس المحبوسة في المطهر، تنازلتَ لأجل خلاصها، فتجسّدتَ، واحتملتَ أشدّ الميتات ألمًا، فتنازل إذًا وأمل أذنك إلى صراخها، وانظر دموعها تجري. فبحقّ آلامك المقدّسة خفّف العذابات التي استحقّتها خطاياها، يا يسوع الرحوم جدًّا دع دمك الثمين يجري إلى المطهر فيبرّد تلك الأنفس الأسيرة المسكينة، أمدد إليها ذراعيك القادرتين وانتشلها من اللجّة وخذها إلى محلّ الراحة والنور والسلام، آمين.
  2. من الأعماق صرخت إليك يا ربّ، يا ربّ استمع صوتي. لتكن أذناك مصغيتين إلى صوت تضرّعي أن كنت للآثام راصدًا يا ربّ، يا ربّ من يثبت، فإنّ عندك المغفرة، لكي يكون الإكرام. انتظرتُ الربّ، انتظرته نفسي، ورجوت كلمته، انتظار نفسي للربّ أشدّ من انتظار الرقباء للصبح والساهرين للفجر، ليكن إسرائيل راجيًا للربّ، فإن عند الربّ الرحمة وعنده فداء كثير وهو يفتدي إسرائيل من كلّ آثامه.

          الراحة الدائمة اعطهم يا ربّ. ونورك الأبديّ فليضئ لهم. – ليستريحوا بالسلام. آمين.

  1. أيّها الإله خالق جميع الناس ومخلّصهم، تنازل وامنح نفوس عبيدك وخدّامك مغفرة خطاياهم لكي يحصلوا على الغفران الذي تاقوا إليه دائمًا بواسطة هذه التضرّعات التقويّة، أنت الذي تحيا وتملك إلى دهر الداهرين آمين.
  2. يا مريم ليس من وسيطة أقوى من شفاعتك للحصول من قلب يسوع على تخفيف عذاب الأنفس المطهريّة المسكينة وخلاصها. فالقدّيس برنردوس يدعوك الكليّة القدرة، وأنت بذاتك صرّحت للقدّيسة بريجيتا: بأنّك أمّ لكلّ الأنفس الرحومة، وصلاتك تسكن آلامها، فلا عجب بذلك. ألست أنتِ يا سيّدة القلب الأقدس أمّ الأيتام، ومعزيّة الحزانى، وملجأ التاعسين، ومحامية كلّ المتألّمين والتائبين؟ ومن الذي يتألّم أكثر من النفوس المطهريّة؟ ومن الذي يستحقّ حنانك الوالديّ أكثر منها؟ فارمقيها إذًا بنظرك العطوف، خصوصًا أنفس والدي والمحسنين إليّ وأصدقائي وكلّ أعضاء أخويّتك.

أذكري يا مريم أنّ تلك النفوس أحبّتك على الأرض، وأنّها كانت عروسات ابنك الإلهيّ، ومعدّة للسعادة الأبديّة، قدّمي للعدل الإلهيّ بدل ألمها استحقاقات القلب الإلهيّ الغير المتناهية، واستحقاقاتك، واستحقاقات جميع القدّيسين. أسألك يا سيّدة القلب الأقدس أن تستجيبـي صلاتي الحقيرة، وتحصلي من قلب ابنك الإلهيّ على تعزية تلك الأنفس، حتّى تتمتّع بأقرب وقت بفرح السعادة الأبديّة في السماء. آمين.

 

اليوم السابع

في نسيان موتانا
ان سيدنا يسوع المسيح أوضح لنا، في مثله العجيب، قساوة الغني البخيل الذي عاش بالرفاهية والتنعّم. ومنع الفقير من الفتات المتساقط عن مائدته. ألا يكون من أمثاله الذين يصمّون آذانهم عن سماع صراخ الأنفس المطهريّة المتألّمة؟ انهم أغنياء بالوقت والوسائل ويبخلون على النفوس بزيارة للقربان الأقدس او بنافذة معلّق عليها أجرٌ ما. وتلك النفوس ليست غريبة عنهم ولا عنا هي غريبة. فبعضها آباؤنا وأمّهاتنا وأصدقاؤنا والمحسنون الينا. وكل شيء حولنا يدكّرنا بها: البيت الذي نسكنه، والإسم الذي ننتسب اليه، والخيور والميراث والشهرة التي نتمتّع بها، وما اليها مما تركته لنا، ورغم كل ذلك ننساها.

على هذه النفوس ان تخاطبنا بلسان أيوب الخاطئ حتماً، وهو يقدّم الذبيحة او يحضرها البار: قد مقتني أمناء سرّي والذين أحببتهم إنقلبوا عليّ.(أيوب19:19) وخذلني ذوو قرابتي والذين ألفتهم قد نسوني.(أيوب14:19) إنّ نسيان الموتى جريمة كبرى ، فإن فيه امتهاناً للوعود لهم. فأي إبن ما وعد أباه وأمّه وهم على فراش الموت، بأنه لا ي<