دينيّة
03 كانون الثاني 2021, 08:00

خاصّ- الأب غانم: "أليس كلّ ولدٍ هو جوهرة نادرة على الأبوين صقلها؟"

غلوريا بو خليل
الكلمة الذي صار بشرًا وحلّ بيننا، ها هو نراه اليوم ينمو بالقامة والحكمة والنّعمة ككلّ ولد منّا، هو الله يدخل تاريخ البشر من باب العائلة ليقدّسها. ها هو ابن الإثنتي عشرة سنة يعلن بنوّته للآب السّماويّ، وبنوّته ليوسف ومريم. ولكي نعي تجلّيات الله في العائلة ونفهم أبعاد هذا النّصّ الإنجيليّ في هذا الأحد الأخير من زمن الميلاد المجيد، كان لموقعنا حديث روحيّ مع السّفير العالميّ للسّلام الأب الدّكتور طوني غانم الأنطونيّ.

 

"إنّ نصّ الإنجيل للقدّيس لوقا، والذي يتمحور حول وجود الرّبّ في الهيكل يأتي في ختام إنجيل طفولة يسوع (لو 2/ 41- 52)، وكمقدّمة لبدء رسالته العلنيّة. ففي هذا النّصّ لم يبدأ يسوع رسالته علنًا ولكنّه عاشها كمعلّم للمعلّمين، وابنًا لأبيه، وخاضعًا لمشروعه الخلاصيّ: هو الكلمة الذي صار بيننا" .

وتابع الأب الأنطوني شارحًا: "وهذه الآيات تبيّن لنا أنّه بالنّسبة لكلّ يهوديّ تقي نجد لديه أنّ الحياة العاديّة والدّين متشابكان وكلاهما له ارتباط عضويّ بالهيكل وبشعب إسرائيل. وكلّ إسرائيليّ عميق التّفكير يفهم أنّ حياته الحقيقيّة ليست في المكان الذي يحيا فيه، بل تجري نحو الوحدة الكبرى مع شعب الله وتدور حول الهيكل وهالة التّقديس التي تحيط به، لذا يقول لنا النّصّ بأنّ يسوع ذهب مع أبويه ليشارك في عيد الفصح الذي يشارك فيه عدد كبير من اليهود لِيُعَيِّدُوا في أورشليم ويزوروا الهيكل المقدّس."

وإستطرد متسائلًا: "أليس هذا هو نداء عائلة النّاصرة ورسالة كلّ أبٍ وأمّ؟ أليس الولد هو أمانة يضعها الله بين يدي الأهل لِيَكبر في عائلةٍ مبنيّة على زواجٍ مكرّس حِضنه الحبّ وذراعاه الحياة؟ أليس كلّ ولدٍ هو جوهرة نادرة على الأبوين صقلها بأدقّ الأدوات كي تظهر قيمتها وكلّ ما تخبّئه من جمالٍ وروعة؟ أمّا أهمّ ما في الأمر هو أن يدرك الأبوان أولويّة أن يكون الله هو المحور في تربية الولد وتنشأته، كما عليهما مرافقته في مسيرته الاستكشافيّة للحياة مع الله ومحبّته له إلى أن يكتشف المشروع الّذي أعدّه له من قبل أن يولد."

وبكلمة توجيهيّة تربويّة اختتم السّفير العالمي للسّلام حديثه قائلًا: "إنّها رسالة إلى كلّ منّا اليوم، وبخاصّةً إلى كلّ أبٍ وأمّ، لندرك أنّنا كلّنا مدعوّون للبنوّة للآب وللاهتمام بما يرضي الله. مدعوّون لاحتضان من إئتمَنَنا عليهم بذاته من أبناءٍ ولدناهم بالجسد، فنأخذ وقتنا معهم كي ندرّبهم على الاهتمام بباطن الحياة لا بخارجها، فنجد معهم دفء حبّه في أعماق هيكل النّفس حيث "أبانا" آمين."