دينيّة
12 آذار 2023, 08:00

خاصّ- الخوري الرّيفوني: الله لا ينتظر منّا البرّ بدون خبرة الضّعف

نورسات
"لحظة عطاء وانتظار، جرأة في التّخلّي والغفران أمام حرّيّة غير منظّمة ورفضيّة بغضاء وحسودة. يطلّ علينا أحد الإبن الشّاطر في نصف مسيرة زمن الصّوم الكبير عبر طريق سينودوس الكنيسة "شركة مشاركة ورسالة"، ليدعونا كي ندرك أنّ أبانا واحد وأنّنا كلّنا إخوة". بهذه المقدّمة استهلّ خادم كاتدرائيّة مار جرجس الرّعائيّة – صربا (كسروان) الخوري بولس الرّيفوني تأمّله للأحد الرّابع من زمن الصّوم الكبير إنطلاقًا من إنجيل القدّيس لوقا (15/ 11 – 32).

وتابع: "لا يذكّرنا هذا الأحد بأعجوبة ليسوع، بل بمثل "الإبن الشّاطر"، الّذي يؤكّد على رحمة وحنان الآب السّماويّ.

في هذا المثل نحن أمام مشهدين خارج نطاق البيت الأبويّ:

الأوّل، هو مشهديّة الإبن الأصغر الغارق في غربة نفسه ومكانه، جائعًا لأبيه، لكنّ طريق العودة لا بوصلة لها سوى نبضات قلب أبويّة تنادي جوع غربة ولده لتدلّه على وجهة العودة لا ليكون أجيرًا ولا ليلقى أجره بحكم مبرم للتّعويض. بل ليعود إلى قلب الوالد الّذي حضّر له "جهاز العرس" الحلّة والخاتم والحذاء، والعجل المثمّن ذبيحة فداء لوليمة العودة والقيامة من غربة الموت.

والثّاني، هو مشهديّة الإبن الأكبر الهائم في بريّة حقل الأنانيّة والحكم المسبق وقساوة القلب ورفض هويّة الأخوّة "إبنك هذا..." والّذي يغمس لقمته بصحن والده والمرارة في حلقه رفضًا واستغلالًا بالرّغم من أنّه حاصل على حصّته مع قيمة مضافة وهي حصّة والِدِه "يا ولدي... كلّ ما هو لي هو لك...". لكّنه أبقى نفسه خارج وليمة الفرح وليمة المشاركة والتّضامن، الوليمة الّتي تدخلنا من جديد إلى حنان البيت الأبويّ، البيت الّذي لا يتركنا من دون حصّة.

أمّا نحن، فعلينا أن نفهم أنّ الله لا ينتظر منّا البرّ بدون خبرة الضّعف. يقول لنا البابا فرنسيس:"لا يوجد قدّيس بلا ماضي، ولا يوجد خاطئ بلا مستقبل".

فمن يحبّ الله أقلّ من الأشياء هو الضّال، ومن يحبّ الله فوق كلّ شيء هو التّائب.

وفي حياتنا الرّعويّة لا يمكننا إلّا أن نكون في أُخوّة شاملة، بالرّغم من تعدّديّة جماعاتنا الرّوحيّة  فرسالتنا الكنسيّة واحدة هي، نحن رعيّة واحدة لراعٍ واحد، ينتظرنا كلّ يوم بعيون الآخر وحاجته الرّوحيّة والزّمنيّة وألمه العقليّ والنّفسيّ والجسديّ وأزمات حاله، والمتروك على صليب التّنمّر."

وبكلمة قلبيّة اختتم الخوري الرّيفوني تأمّله مصلّيًا: "أعدنا يا أبانا السّماويّ إلى حضنك فيصبح الإثنان واحدًا فنبني مجتمعنا بالمحبّة. أنظر لقد جاء أخوك...".