دينيّة
05 تموز 2020, 07:00

خاصّ– هل أثق بالرّبّ فعلًا؟

غلوريا بو خليل
في قلب هذا العالم المفترس، دعوتنا هي أن نكون حملانًا تتّسم بالوداعة والحكمة والإيجابيّة حاملين بشارة المحبّة والخلاص، وهذا ما يحمله لنا الأحد السّادس من زمن العنصرة بحسب الطّقس المارونيّ من خلال إنجيل القدّيس متّى "إرسال الرّسل" (10: 16-25). وللوقوف على منطق المسيح المتّسم بالحكمة وفهمه، كان لموقعنا حديث ليتورجيّ إنطلاقًا من واقعنا مع رئيس دير مار أشعيا – مار شعيا، الأب جوزف عبد السّاتر الأنطونيّ.

"لقد آن الأوان أن ينطلق التّلاميذ" بهذه العبارة استهلّ الأب عبد السّاتر كلمته ليتابع "لقد سمعوا نداء يسوع، قبلوا دعوته، سمعوا تعليمه، شاهدوا معجزاته، أبصروه متألّمًا، ميتًا، موضوعًا في القبر، شاهدوا القبر فارغًا وأبصروا يسوع بينهم قائمًا منتصرًا. الحمل الذي قدّم ذاته محرقة، هو نفسه يدعو التّلاميذ ليكونوا بدورهم حملانًا، يرسلهم الرّبّ بين الذّئاب، ليحملوا البشارة إلى الكون بأسره ويبدّلوا واقعه الأليم. هذا النّص يعكس حقبة الاضطهاد التي عانتها الكنيسة في القرن الأوّل."

وإستطرد الأب الأنطونيّ قائلًا: "فبشرى الخلاص لا بدّ أن يحملها الرّسول لجلّاده ليبدّل قلبه، لا بدّ أن يحملها الحمل للذّئب رغم خطر الموت. فهذا الإرسال للتّلاميذ هو ليس إلّا إعلان لاقتراب ملكوت الله: التّلاميذ الحملان أرسلهم الرّاعي يسوع لتبشير الذّئاب. هو الخلاص الشّامل الّذي جاء الرّبّ يعلنه. الرّوح الّذي يقودنا إلى البنوّة الحقّة، فهو يعلّمنا ماذا نقول، ونجعل الآخرين يؤمنون. رغبةالله ليست في تسليمنا إلى العذاب، بل في الشّهادة أمام الشّعوب كلّها "عندهم وعند سائر الشّعوب"."

وشدّد الأب عبد السّاتر على "دعوة التّلميذ: الإيمان بالله في ساعة الاضطهاد، في صورة النّعاج والذّئاب، كما في صورة الحيّة والحمامة، يصف الإنجيليّ صعوبة الوضع الّذي سوف يجد الرّسول نفسه به. هو في خطر الموت دومًا، ولكن لا بدّ من الإنطلاق. وتبقى عبارة "أنا أرسلكم" ضمانة الرّسل. اليوم، لا بدّ من أن أطرح على نفسي كلّ يوم "هل أثق بالرّبّ فعلًا؟ يُسلّم الأخ أخاه إلى الموت، والأب ابنه، ويتمرّد الأبناء على الآباء ويقتلونهم: يشدّد الرّبّ هنا أيضًا على الانقسام الّذي سوف يحصل بسبب رسالة المسيح. هو الانقسام الّذي سوف يحصل بين من يقبل منطق المسيح ومن يرفضه، بين من يعتنق منطق المغفرة ومن يصرّ على منطق الانتقام، بين من يقبل بالسّلام ومن يبشّر بالعنف، بين من يرى في المحبّة طريقًا لخلاص العالم ومن يرى في الحقد وسيلة لفرض قوّته. والذي يثبت إلى النّهاية يخلص: على التّلميذ أن يعلم أن بالتزامه إنجيل المسيح، سوف يكون كسائر عكس تيّار هذا العالم، يعلّم قيمًا ومبادئ تتعارض وقيم عالمنا ومبادئ مجتمعنا الماديّ."

وإختتم الأب الأنطونيّ كلمته اللّتيورجيّة بمقارنة تحدّد مسؤوليّتنا ودورنا الحقيقيّ كتلاميذ وأبناء الرّجاء: "فالعالم له مقاييسه، وللمسيح مقاييس متمايزة، العالم يحكم على الظّاهر، والتّلميذ ينظر إلى جوهر الحقائق، المجتمع يسعى إلى صداقة القويّ، والتّلميذ يخدم الفقير، العالم يبحث عن مصالحه، والمسيح يقول لنا أن نبذل ذاتنا من أجل الآخرين. العالم يغمض أعينه عن الظّلم والجور وقلّة العدالة، ودعوة التّلميذ أن يكون صوتًا صارخًا في سبيل تحرير إخوته المستعبدين بثقل المادّة وجشع الاقتصاد والمال والسّلطة. وإذا اضطهدوكم في مدينة، فاهربوا إلى غيرها. كلّ واحد من إخوتنا البشر هو هذه المدينة التي يجب أن نبشّرها بالمسيح، فإن رَفَضَنا واحد لا نعلن فشلنا، بل ننطلق إلى مدينة أخرى، ننطلق إلى إنسان آخر، ننطلق إلى فقير آخر نخدمه ونحبّه. فدور التّلميذ هو التّبشير، هو رمي الكلمة، أمّا من ينمي الزّرع فهو الرّبّ."