ندوة لمؤسسة أديان في بيت عنيا - حريصا
بداية ألقى رئيس مؤسسة أديان الاب فادي ضو كلمة قال فيها: "لا يمكن ان تكون الاديان سببا للتفرقة والتباعد بين البشر، اذا كان الله الذي ندعو الى عبادته هو الها واحدا لا اله الا غيره، خالق جميع البشر وراعيا لهم بحكمته وعنايته، وحاضنا لهم في كنفه كعيال له، يرعاهم رعاية الاب لاولاده في اسرة كونية روحية شاملة.
لذلك كان في اساس تعاليم الاديان عامة، والمسيحية والاسلام خاصة، الترابط الوثيق بين عبادة الله ومحبته والطاعة الى مشيئته، واحترام الانسان ومحبته وخدمة قضاياه كواجب ديني موازالاول".
اضاف: "يعلم السيد المسيح بان كل الوصايا والشريعة تختصر بأمرين:ان يحب المرء الله بصدق وان يحب الانسان حبه لنفسه، لذلك يعتبر الكتاب المقدس كاذبا من ادعى حب الله الذي لا يراه وهو لم يستطع بعد حب اخيه الانسان بقربه، ويقول الحديث الشريف في الاسلام:"لا يؤمن احدكم حتى يحب اخيه ما يحب لنفسه"، لكن لا بد لنا من الإقرار بالفرق الشاسع الذي يفصل بين هذه التعاليم ومعانيها والواقع عندنا".
وتابع: "ان طغيان الذهنيات الطائفية على المفاهيم الدينية في مجتمعنا عامة أوصل الى تحويل الايمان من مساحة للتآخي والتضامن واستباق الخيرات الى حالة مرضية من التقوقع تتحكم بها مشاعر الخوف من الآخرين والحذر".
وقال: "لا بد لنا ان نسأل أنفسنا عن الاسباب التي أوصلتناالى هذه الحالة، والبحث عن سبل معالجتها، ليس فقط لكي يستعيد المجتمع اللبناني عافيته ودينامية التواصل السليم بين جميع مكوناته وحسب، بل ليكون للمؤمن امكانية ان يعيش إيمانه بمصداقية تعيد للقيم الدينية مكانتها".
اضاف: "ان برنامج "معا" الذي يجمعنا اليوم ليس الا محاولة متواضعة لفتح ثغرة في هذا الجدار وتشكيل نموذجا من التعاون بين المؤسسات الدينية المختلفة في خدمة الانسان وقضاياه، ان الانسان يجمع هنا الاديان بدل ان تختلف عليه، ليس من الصعب ان نرى البعد العملي والتطبيقي للقيم والتعاليم الدينية يتخطى الاختلافات على مستوى العقائد ليجمع المؤمنين حول الرعية في تأمين الحياة الكريمة ومقوماتها للجميع. ان الخدمة المشتركة للخير العام تشكل شهادة لمصداقية الاديان وأمانتها للتعليم السماوية التي تحملها بالشراكة مع الهيئة الدولية للابحاث والتعاون ومؤسسة "نهار الشباب" انطلقت "مؤسسة الريان" في هذا البرنامج منذ حوالي السنة، وها نحن اليوم في حلقة واسعة من الشركاء، تمثلون مؤسسات من المجتمع المدني وتحملون قيم المسيحية والاسلام والهم المشترك بتحسين اوضاع الانسان".
وتابع: "من بعلبك ودير الاحمر وعكار وصور وصيدا وزغرتا وطرابلس ومشغرة وبيروت والضاحية وجونيه أتيتم تحملون معكم ارادة صلبة من اجل التعاون والتضامن العابر للطوائف الذي ينقل المواطن من مساحة الطائفة الى رحابة المجتمع المتعدد، مع خبرات مميزة وفريدة تعبر عن هذا التعاون".
وختم: "أعلم انه ليس من السهل تحقيق التغيير الذي نريد في مجتمعنا، ولكننا في أديار نؤمن بان التغيير الحقيقي يبدأ بتغيير قلب الانسان وفكره، وعندها يصبح كل شيء ممكن، عسى ان يكون برنامج "معا" على تواضعه نقطة ماء ترطب عطش قلوبنا لايمان امين الرحمة الالهية ولعيش مشترك بالفعل وليس فقط بالقول".
وألقى مدير البرامج في الهيئة الدولية للابحاث والتعاون بيتر سلوم كلمة استهلها بالقول: "عند دراسة الاولويات التنموية في المجتمع اللبناني منذ حوالي السنتين، برز للهيئة تعزيز التسامح الديني والمذهبي كحاجة مجتمعية ملحة لاستدامة السلام واستقرار في لبنان، وقادت المؤسسات الدينية في لبنان القيام بمبادرات رائدة على صعيد التنمية البشرية والتنمية المحلية وبخاصة في مجالات التعليم والصحة والتوعية، وارتأت الهيئة مع شركائها مؤسسة "أديان" وجمعية "نهار الشباب" ان تدعم مبادرات التنمية المحلية للمؤسسات الدينية الممثلة لمختلف الطيف الديني والمذهبي من اجل بناء مجتمع محلي اكثر تماسكا، ومحصنا في وجه التيارات الراديكالية والانعزالية التي تعصف في المنطقة وتؤثر ارتداداتها على الكيان اللبناني الميثاقي، وذلك ليبقى نموذجا للتعددية الايجابية والبناءة ورسالة العيش في سلام ومحبة بين مختلف طوائفه ومذاهبه".
وفي الختام، أشار سلوم الى ان هذا اللقاء وما يمكن ان يستخلص منه من دروس وعبر "يظهر من جديد وجه لبنان الاكثر تعددية نموذجا الى الوطن العربي والى الاكثرية والاقليات الدينية. ان التعددية في لبنان لم تكن يوما عائقا امام تحقيق التنمية والازدهار والرفاهية والتي هي أهدافا مشتركة لم يتوقفوا اللبنانيين عن السعي لتحقيقها داخل الوطن او في اقطار العالم كافة، أليست الرسالة اللبنانية هي ان التنمية والنمو والتعليم والازدهار والرفاهية هم اهداف مشتركة توحد ابناء الوطن تتلاقى في ظل التعددية البناءة مع فطرة الدين والاديان السماوية كافة لمصلحة المجتمع الواحد وابناءه".
ثم كانت كلمة منسق المشاريع في "نهار الشباب" عياد واكيم الذي اشار الى "اطلاق مشروع "community One" منذ سنة تقريبا، حاملا آمال القيمين عليه، سار بشكل حذر، تعثر، توقف ثم انطلق مجددا بقوة اكثر بفضل الجهة الممولة IREX وحرص الشركاء Adyan ونهار الشباب.لاننا كلنا مؤمنين بقدرة كل منا على اضافة حجر زاوية على مداميك هياكل السلام والتفاعل الايجابي بين كافة حواس الوطن. نجتمع اليوم معا لنؤكد ان مشروع "community One" سيكمل رغم الصعوبات، آملين ان يساهم لقاؤنا اليوم الى دفع المشروع قدما وايصاله الى خواتيمه المرادة. وفي الختام، نشكر حضوركم الكريم ونشد على ايديكم لاكمال رسالة التواصل والسلام".
ثم جرى عرض فيلم وثائقي للمشاريع التنموية ضمن برنامج "معا من اجل مجتمع متعافى" حيث اطلع مندوبي البرنامج في المناطق اللبنانية المشاركين في الندوة عن خبرتهم في تعزيز العيش المشترك عبر مبادراتهم الاجتماعية.
وألقى رئيس اللجنة الاسقفية في مجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك المطران عصام يوحنا درويش كلمة عن المبادرات التنموية في تفعيل العيش المشترك قال فيها:"أشكر اولا الاب فادي ضو الذي دعاني لاتحدث في هذه الندوة حول العيش المشترك ودوره في التنمية. واعرب عن فرحي في المشاركة في اول ندوة لي بعد عودتي الى لبنان من خدمتي في بلاد الاغتراب لمدة خمس عشرة سنة.التنمية والعيش المشترك والحوار بين الاديان بين الحضارات كلها مواضيع لها وقع ايجابي ومهم في مجتمعنا الحالي ، وعصرنا يتسم اليوم بقيمة جديدة واضافية اسمها الحوار واهم مرافقه الحوار بين الاديان . والحوار يتلازم بشكل وثيق مع التنمية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية ، كما يعزز التنوع الثقافي في المجتمعات وبالتالي يساهم بفعالية في الاحترام والتفاهم المتبادل وفي قبول الاخر".
وقال: "من الطبيعي ان ينتج الحوار تراثا مشتركا بين المتحاورين وتقاليد روحية وانسانية واجتماعية تساهم في تخفيف الاحتقان بين الشعوب. اما التنمية فهي مثل الحوار تطور المهارات الانسانية ما يجعل الانفتاح على الاخر اكثر سهولة فتتعزز المسؤولية المشتركة في ترسيخ السلام بين الشعوب".
اضاف: "ان المبادرات التنموية التي تقوم بها الجماعات الدينية لها وقع ايجابي على المجتمع بشكل عام وبخاصة المبادرات المتعلقة بالتنمية الاجتماعية