دينيّة
02 تموز 2020, 07:00

.. وارتكض الجنين في بطن إليصابات!

ريتا كرم
"وها إنّ نسيبتك إليصابات قد حبلت هي أيضًا بابن في شيخوختها، وهذا هو الشّهر السّادس لتلك الّتي تُدعى عاقرًا." (لوقا 1/36)، بشرى سارّة ثانية نقلها الملاك إلى مريم العذراء، بشرى حمْل إليصابات الّتي تاقت وزكريّا زوجها إلى طفل منذ حداثة سنّهما، فأتت النّعمة في الشّيخوخة لتسكب معنى لاهوتيًّا عميقًا ترجمته زيارة مريم العذراء لنسيبتها إليصابات، وتعطي بعدًا روحيًّا يحضّر أبناء الله لاستقبال الطّفل يسوع.

 

فمع تقدّمنا في رزنامة الأيّام، يأتي إنجيل اليوم ليدخلنا في فرح الزّيارة الّتي وضعت العذراء على دروب الخدمة والتّواضع والّتي نقلت البهجة إلى بيت نسيبتها، فدخلته كملاك حاملة بشراها السّارّة، فهي تحمل الكلمة في أحشائها، وفي ذروة اللّقاء- بين إليصابات العاقر الّتي ترمز إلى الإنسانيّة القديمة في علاقتها بتلك الجديدة المتجلّية بمريم، والّذي يدلّ على أنّ العهد الجديد هو الّذي يمنح القديم كلّ معناه- حلّ الرّوح القدس كقوّة فاعلة في الإثنتين محوّلاً اللّقاء إلى تسبيح وشكران وتسليم لله، فارتكض الجنين في بطن إليصابات، "وامتلأت من الرّوح القدس، فهتفت بأعلى صوتها: "مباركة أنتِ في النّساء! ومباركة ثمرة بطنك! من أين لي أن تأتيني أمّ ربّي؟ فما أن وقع صوت سلامك في أذنيّ حتّى ارتكض الجنين ابتهاجًا في بطني. فطوبى لمن آمنت: فسيتمّ ما بلغها من عند الرّبّ." (لوقا 1/ 41- 45)

ومن ناحية أخرى، إنّ شيخوخة إليصابات ما هي إلّا تمثيل لحالة الإنسان الخاطئ المتقوقع في ظلمة إثمه، أمّا إرادتها فهي قدوة للمؤمن في تجاوبها مع مشيئة الله، فدخلت في مخطّطه الخلاصيّ برضى وتسليم.

فيا ربّ، أنت المحجوب، يا من تنازلت وحللت في البتول مريم لخلاصنا، وزرت يوحنّا السّابق وهو لا يزال في حشا أمّه؛ إفتقد برحمتك، نفوسنا وأجسادنا، خلّصنا من شيخوختنا وعقرنا، أخرجنا من ظلمة خطيئتنا وأشركنا في مشروعك الخلاصيّ، فنسبّحك بطهارة، ونمجّدك وأباك وروحك القدّوس، الآن وإلى الأبد، آمين.