أربعة مواقع زحليّة على لائحة السّياحة المحلّيّة والعالميّة

وللمناسبة، كانت كلمة للمطران ابراهيم شدّد فيها على أهمّيّة السّياحة الدّينيّة كونها من أقدم أنواع السّياحة الّتي عرفها العالم، وقال: "إنّ السّياحة الدّينيّة هي من أقدم أنواع السّياحة في تاريخ البشريّة على الإطلاق. هناك تعبير سائد بين النّاس على اختلاف مشاربهم بأنّ حياة الإنسان على الأرض هي بمجملها رحلة حجّ، يعود بعدها إلى السّماء الّتي منها انطلق. هذه الرّحلة ترسّخت عبر مراحل التّاريخ كرحلة دينيّة يسير فيها البشر في مسيرة تفتيش عن الذّات وعن الخالق وعن كلّ الحقائق الإنسانيّة والماورائيّة. حتّى الإلحاد لا يعدو كونه ثورة على البعد الدّينيّ يثبّته سلبًا ويعترف به ضمنًا.

من هذا المنطلق نستقبل وزير السّياحة في وطن تقف أمام خارطته معصوب العينين مشيرًا بإصبعك إلى أيّ نقطة عليها فترى أنّك أصبت معلمًا أثريًّا. أمّا إذا فعلت الشّيء عينه أمام خرائط الدّول الكبرى فإنّ إمكانيّة إصابتك لمعلم مهمّ لا يمكن أن تتخطّى الصّفر فاصلة بالمئة.  

لبنان موقع سياحيّ دينيّ وعالميّ من رأسه إلى أخمص قدميه، فمدينة زحلة على سبيل المثال هي: مدينة الكنائس فيها أكثر من خمسين كنيسة لمختلف الطّوائف، يزورها المؤمنون في الأعياد وبخاصّة في خميس الأسرار. زحلة هي المدينة المسكونيّة الوحيدة في لبنان، فيها مجلس للأساقفة يتعاونون في كلّ الأوقات. مقام سيّدة زحلة والبقاع هو منارة للبقاع، وزحلة هي معروفة بأنّها مدينة العذراء. مطرانيّة سيّدة النّجاة، بوّابة زحلة أصبحت اليوم تضمّ متحفًا بيزنطيًّا فريدًا من نوعه في الشّرق، ومكتبة إلكترونيّة تحتوي أكثر من 50 ألف كتاب وهي ما تزال في طور الإنشاء، ممّا يجعل زحلة مركزًا سياحيًّا دينيًّا وثقافيًّا في وقت واحد. فزحلة إلى كونها مدينة الكنائس فهي مدينة المدارس والجامعات أيضًا.

في زحلة لنا أيضًا سياحة المطاعم والفنادق: فمنذ عهد قديم كانت زحلة جارة الوادي يخترقها نهر البردوني الّذي انتشرت على ضفافه المطاعم والمقاهي، وزارها كبار الفنّانين العرب والغربيّين.

إشتهرت زحلة بأصناف المازة والتّبّولة والكبّة النّيّة وغيرها حتّى أصبحت موجودة على كلّ مائدة في لبنان وفي أمكنة كثيرة من العالم.

في زحلة أيضًا فنادق تاريخيّة كأوتيل قادري الكبير ومنه أعلن الجنرال غورور عام 1920 دولة لبنان الكبير، وغيرها من الفنادق التّراثيّة، بالإضافة إلى فنادق عصريّة وحديثة تؤمّن راحة الزّائرين.

أمّا سياحة النّبيذ والعرق: فقد عُرفت زحلة أيضًا بأنّها مدينة الشّعر والخمر، يُزرع فيها أجود أنواع العنب الّذي يعطي بدوره أجود أنواع العرق والنّبيذ وهذا الموضوع بحدّ ذاته يجذب السّياح لتذوّق عرق ونبيذ زحلة.

إنتشرت الخمّارّات بكثافة في زحلة وقضائها فأضحت تنتج كمّيّة كبيرة من الصّادرات اللّبنانيّة الى الخارج، ممّا يساعد على بيعها بالدّولار وتأمين استمراريّة العمل وتحفيز الاقتصاد.  

الشّعر والخمر لا يفترقان، وزحلة أعطت أهمّ الشّعراء والأدباء في لبنان من سعيد عقل إلى فوزي ورياض المعلوف وغيرهم فيض. وفي زحلة الكثير من المكتبات الغنيّة بالمواضيع والإرث الأدبيّ للعديد من المفكّرين والأدباء والشّعراء الزّحليّين.

معالي الوزير المحترم والمحبوب، أرحّب بكم مجدّدًا وأطلب لكم الصّحّة وطول العمر وأشكركم على إدراج بيت الأب بشارة أبو مراد ومتحف سيّدة النّجاة على لائحة السّياحة الدّينيّة العالميّة. بارككم الله وسدّد خُطاكم في كلّ عمل صالح."

نصّار في كلمته، تطرّق إلى الفترة الأخيرة الّتي نشطت فيها السّياحة الدّاخليّة في لبنان، بخاصّة في فترة كورونا، حيث "لمسنا أنّ كلّ منطقة في لبنان لها ميزاتها الخاصّة من مقوّمات سياحيّة وغيرها"، مؤكّدًا أنّ "لبنان بلد غنيّ لديه مقوّمات، يستقطب كلّ المنتشرين"، متمنّيًا أن "تحمل الأعياد المجيدة بارقة أمل للّبنانيّين ويحلّ السّلام والأمان، لأنّه بالمحبّة والتّفاهم تستطيع ان تنشلنا من الوضع الرّاهن".

يُذكر أنّ المطران ابراهيم كان قد استقبل نصّار ومدير عامّ وزارة الزّراعة المهند لويس لحّود، بحضور فعاليّات المنطقة، في دار المطرانيّة حيث عُقد اللّقاء في مكتبة سيّدة النّجاة تخلّلته كلمات عديدة، وتكلّل بإهداء راعي الأبرشيّة الوزير نصّار كتاب "أبرشيّة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك تاريخ عريق ودور رياديّ" للدّكتور خير المرّ، وبزيارة المكتبة الإلكترونيّة، كاتدرائيّة سيّدة النّجاة والمتحف البيزنطيّ، وأبدى إعجابه الشّديد بما شاهد من ذوق وفنّ وجمال.