دينيّة
19 تشرين الثاني 2016, 15:00

أهتفي أيّتها السماوات وابتهجي أيّتها الأرض - ميلاد 2016

للكلام عن عيد الميلاد المجيد، ميلاد الرب يسوع بالجسد يجب الرجوع إلى سفر آشعيا، أي إلى ألف سنة قبل هذا الحدث لنعرف كيف تنبّأ عنه النبي آشعيا قائلاً: "لذلك يُؤتيكم السيّد آيةً ها إنّ الصبية تحمل فتلد إبناً وتدعو إسمه عمّانوئيل" (الفصل السابع).

 

وتقول أيضاً نبؤة آشعيا:" ويخرج غصنٌ من جذع يسّى وينمو فرعٌ من أُصوله ويحلّ روح الرب عليه، روح الحكمة والفهم، روح المشورة والقوّة، روح المعرفة وتقوى الله فلا يقضي بحسب رؤية عينيه ولا يحكم بحسب سماع أُذنيه بل يقضي للضعفاء بالبر ويحكم لبائسيّ الأرض بالعدل فيسكن الذئب مع الحمل ويربض النمر مع الجدي ويضع الفطيم يده في حجر الأركم لأنّ الأرض تمتلئ من معرفة الرب كما تغمر المياه البحر وفي ذلك اليوم أصل يسّى القائم راية للشعوب إيّاه تلتمس الأُمم".

فقوّوا الأيدي المسترخية وشدّدوا الركب الواهنة، تقوّوا ولا تخافوا هوذا إلهكم هو يأتي فيخلّصكم، حينئذٍ تتفتّح عيون العميان، وآذان الصم تنفتح، فيقفز الأعرج كالأيل، ويهتف لسان الأبكم ويكون هناك مسلك وطريق يُقال له الطريق المقدّس، لا يعبر فيه نجس، يسير فيه المُخلَّصون والذين فداهم الرب يكون على رؤوسهم فرح ويُرافقهم السرور وتنحسر عنهم الحسرة والكآبة.

ولذلك أعدّوا طريق الرب واجعلوا سبله قويمة، العشب ييبس وزهره يذوي، أمّا كلمة الرب فتبقى إلى الأبد، فأهتفي أيّتها السماوات وأصرخي يا أعماق الأرض لأنّ الرب قد خلّص شعبه، أجل أهتفي أيّتها السماوات وإبتهجي أيّتها الأرض.

بهذا الكلام الجميل البديع تنبّأ النبي العظيم آشعيا عن مجيء المسيح المُخلّص والفادي، وبعد ألف سنة من النبؤة أرسل الرب ملاكه جبرائيل إلى مريم العذراء وبشّرها قائلاً:" السلام عليك يا ممتلئة نعمةً الرب معكِ مباركة أنت في النساء ومباركة ثمرة بطنك، لقد نلتِ حظوة كبرى عند الله أنّك تقبلين حبلاً وتلدين إبناً تسمّينه يسوع وهو يخلّص شعبه من خطاياهم". فإضطربت مريم وقالت للملاك:" كيف يكون هذا وأنا لا أعرف رجلاً؟" فهدّأ الملاك روعها قائلاً لها: "إنّ الروح القدس يحلّ عليكِ وقوّة العلي تظللكِ لذلك فالمولود منكِ قدّوسٌ وإبنُ الله يُدعى"، فزال خوف مريم العذراء وأجابته: "أنا أمةُ الرب فليكن لي كقولك".

ولمّا تمّ ملءُ الزمن كانت مريم ومار يوسف في بيت لحم فوافتها الولادة، فدخلت مغارةً ولدت  فيها إبنها يسوع، وكان بالقرب من المغارة رعاة يسهرون على مواشيهم فظهر عليهم ملاك من السماء راح يبشّرهم ويقول: "لقد وُلِدَ لكم اليوم المخلّص وهو المسيح الرب في مدينة داوود". وأجواق الملائكة ملأت الفضاء ترنيماً وتهليلاً المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام.

نعم لقد ولدت مريم إبنها يسوع في مغارةٍ أين منها ولادة الفقراء؟ مغارةٍ لا ألبسة فيها ولا تدفئة، ولدته على القش والتبن فحنت عليه حيوانات المغارة بواسطة لُهاثها أي بنعمة الرب وعطاياه، وهذه الولادة هي ولادة المحرومين من خيرات الأرض ولكن الغير محرومين من نعم وعطايا السماء.

 

فيا يسوعنا الحبيب يا من أتيت إلى أرضنا حباً بنا، هبنا أن نبادلك الحب بالحب وأن نحبّ بعضنا بعضاً. أنتَ يا من أحببتَ الفقر والفقراء إمنحنا أن نفضّل الفقر عن الغنى مقتنعين أنّ الغنى غنى الروح والنفس لا غنى المادة، أنت أتيت إلينا لتمنحنا السلام فأنعم علينا بهذه النعمة وعلى وطننا لبنان ليبقى بعيداً عن البغض والتفرقة والإنقسامات، ليبقى لبنان وطنك المقدّس وعرشاً لأمّك مريم العذراء، وهكذا يبقى وطننا وطن القداسة والمحبة والوحدة والسلام بحق عيد ميلادك يا يسوعنا الحبيب سيّد ورسول السلام، آمين .