أوروبا
26 تشرين الأول 2021, 10:20

إبنة الثّانية والعشرين ساندرا ساباتيني طوباويّة علمانيّة جديدة!

تيلي لوميار/ نورسات
أُعلنت الأحد ساندرا ساباتيني، الإبنة الرّوحيّة لمؤسّس جماعة البابا يوحنا الثّالث والعشرين الأب أوريستي بينزي، طوباويّة على مذبح كاتدرائيّة القدّيسة كولومبا في ريميني، خلال قدّاس احتفاليّ ترأّسه عميد مجمع دعاوى القدّيسين الكاردينال مارتشيلو سيمرارو.

الطّوباويّة الجديدة توفّيت وهي في عمر الثّانية والعشرين من عمرها، بعد أن دهستها سيّارة عام 1984، كرسّت حياتها القصيرة لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصّة ومدمني المخدّرات.  

وفي عظته، استشهد سيمرارو بقول الشّابّة عندما كانت تبلغ الثّالثة عشرة من عمرها، عندما قالت لوالدتها: "لقد تعبنا جدًّا، لكن هؤلاء هم أشخاص لن أتخلّى عنهم أبدًا"، مشيرة بذلك إلى خبرتها في خدمة المعوّقين في جماعة البابا يوحنّا الثّالث والعشرين. وأضاف: "الحبّ هو حمل آلام الآخر"، مسلّطًا الضّوء في هذا السياق على حقيقة أنّ "رغبة الطّوباويّة الجديدة في خدمة الفقراء لم تكن مجرّد صدقة وحسب، وإنّما هي ثمرة حبّ الله اللّامحدود، الّذي غاص في بحره قلب ساندرا الصّغير".

تابع بحسب "فاتيكان نيوز": "لقد كانت ساندرا فنّانة حقيقيّة لأنّها تعلّمت لغة الحبّ جيّدًا بألوانها وموسيقاها. وتكمن قداستها في الانفتاح على المشاركة مع الأخيرين، إذ وضعت في خدمة الله حياتها الأرضيّة الفتيّة بأسرها الّتي كانت تقوم على الحماس والبساطة والإيمان العظيم. أوّل فتاة مخطوبة ترتقي إلى القداسة، كانت الطّوباويّة ساندرا ساباتيني تقدّم الضّيافة للّذين هم بحاجة إليها بدون أحكام لأنّها كانت ترغب في أن تنقل محبّة الرّبّ للجميع.

من خلال قراءة صفحات يوميّاتها، يسهل علينا أن نكتشف إلى أيّ مدى، في ساندرا، كانت المحبّة مبدعة وملموسة، مُتنبِّهة لمأساة الفقر وكانت تعتبرها طريقًا إلى القداسة وكانت تقول "الفقر هو الفقر، ولا يكفي أن ننذر الفقر لكي نكون فقراء بالرّوح. إذا كنت أحبّ حقًّا، فكيف يمكنني أن أتحمّل موت ثلث البشريّة من الجوع؟ بينما أحافظ على أمني أو استقراري الاقتصاديّ؟ هكذا سأكون مسيحيّة صالحة فقط ولكن ليس قدّيسة! هناك اليوم تضخّم في المسيحيّين الصّالحين بينما يحتاج العالم إلى قدّيسين!

سنحتفل في الرّابع عشر من تشرين الثّاني (نوفمبر) باليوم العالميّ الخامس للفقراء. وفي رسالته بهذه المناسبة، كتب البابا فرنسيس: "لا يمكننا أن ننتظر الفقراء لكي يقرعوا بابنا، وإنّما من الملحّ أن نصل إليهم في بيوتهم، وفي المستشفيات ودور الرّعاية، وفي الشّوارع وفي الزّوايا المظلمة حيث يختبئون أحيانًا، وفي مراكز اللّجوء والاستقبال... من المهم أن نفهم كيف يشعرون، وماذا يختبرون وما هي الرّغبات الّتي يحملونها في قلوبهم". وهذا يشبه أيضًا إلى حدٍّ ما، ما قاله حاخام حسيدي: "أن تحب شخصًا ما يعني أن تشعر بما يحتاج إليه وتحمل آلامه".

لقد كتبت الطّوباويّة ساندرا ساباتيني في مذكّراتها الرّوحيّة في السّابع من أيلول سبتمبر عام 1982، أيّ قبل سنتين من وفاتها هذه الصّلاة: "إجعل يا ربّ، كلّ عمل من أعمالي يتحدَّد بحقيقة أنّني أريد خير الشّباب، لأنَّ كلّ دقيقة هي فرصة محبّة علينا أن نغتنمها". وأنا، بالنّظر إلى هذه الكلمات، أتذكّر ما كتبه القدّيس برناردوس في خطاباته حول نشيد الأناشيد: "إنّ الحبّ يتكلّم في كلِّ مكان"، ويضيف أنّه إذا أراد أحد أن يفهم لغته، فعليه بالضّرورة أن يحبّ. لأنّه كما أنّ الّذي لا يعرف لغة ما لا يستطيع أن يفهم يتكلّمها، هكذا أيضًا هي لغة الحبّ، إن لم تحبّ ستكون بالنّسبة لك لغة غريبة، ليست إلّا نحاس يطنّ أو صنج يرنّ."

بالعودة إلى سيرة حياتها، وبحسب "فاتيكان نيوز"، "ولدت ساندرا في 19 أغسطس عام 1961 في ريتشوني من عائلة كاثوليكيّة، ومنذ صغرها عزّزت علاقة حبّ وصداقة مع يسوع. نما إيمانها مثل البرعم وتغذّى بالصّلاة والعبادة، وأصبح بدوره غذاءً للإخوة المنسيّين والمتروكين. وقد رافقتها في مسيرة حياتها الأوراق الّتي كانت تكتب عليها الملاحظات والأفكار الّتي أصبحت، بعد وفاتها، إرثها الأعظم. شكّل لقاؤها مع الأب أوريستي إزهار ذلك البرعم؛ إذ بذلت حياتها في جماعة البابا يوحنّا الثّالث والعشرين في خدمة المعاقين ومدمني المخدرات بينما كانت تواصل دراستها الجامعيّة؛ وكتبت وهي في سنّ الحادي والعشرين: إذا كنت أحبّ حقًّا، فكيف يمكنني أن أتحمّل موت ثلث البشريّة من الجوع؟ بينما أحافظ على أمني أو استقراري الاقتصاديّ؟ هكذا سأكون مسيحيّة صالحة فقط ولكن ليس قدّيسة! هناك اليوم تضخّم في المسيحيّين الصّالحين بينما يحتاج العالم إلى قدّيسين!".

في عام 1979، التقت ساندرا بغويدو، واستمرّا معًا في عيش واقع الجماعة بدون أن يعزلا نفسيهما بل نقلا في خطوبتهما الجهوزيّة والحبّ للآخرين لدرجة أنّ ساندرا تقول إنّ ما تعيشه من أجل غويدو تعيشه أيضًا من أجل الآخرين، وتكتب إنّهما أمران متداخلان، وعلى المستوى عينه، حتّى وإن كان هناك بعض الاختلافات. كانت مع غويدو وصديقها إيليو عندما وقع الحادث في إيجيا مارينا، في 29 نيسان أبريل عام 1984، وبينما كانت تنزل من السّيارة صدمتها سيارة أخرى مع صديقها إيليو، وتركتها في حالة خطيرة، فتمَّ نقلُها إلى مستشفى بيلاريا في بولونيا، حيث توفّيت بعد غيبوبة دامت ثلاثة أيّام. كتبت في مذكّراتها في السّابع والعشرين من نيسان أبريل عام 1984: "ليست حياتي هذه الحياة الّتي تتطوّر بشكل إيقاعيّ من خلال نَفَسٍ منتظم ليس نَفَسي، ينعشها يوم هادئ ليس لي. لا يوجد شيء لكِ يا ساندرا، يجب أن تُدركي ذلك!".