احتفال في ذكرى إعلان لبنان الكبير برعاية البطريرك الماروني مظلوم: أما آن الأوان لأن نتعلم من أخطائنا ونستعيد استقلال دولتنا؟
حضر الاحتفال النائب نديم الجميل ممثلا الرئيس امين الجميل، الوزيرة السابقة منى عفيش ممثلة الرئيس ميشال سليمان، النائب السابق انطوان اندراوس ممثلا الرئيس سعد الحريري،المدير العام للآثار سركيس الخوري ممثلا وزير الثقافة روني عريجي، رئيس جمعية تجار عاليه سمير شهيب ممثلا وزير الزراعة اكرم شهيب، المهندس سيزار ابي خليل ممثلا النائب العماد ميشال عون، النائبان فؤاد السعد وهنري حلو، وكيل داخلية الجرد في الحزب التقدمي الإشتراكي زياد شيا ممثلا رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، العميد الركن جورج رزق ممثلا قائد الجيش العماد جان قهوجي، العقيد كمال صفا ممثلا المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، العقيد انطوان الحلو ممثلا المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص، المقدم حسين صعب ممثل مدير المخابرات العميد الركن كميل ضاهر، النقيب رواد المهتار ممثلا المدير العام لأمن الدولة اللواء جورج قرعة، رئيسة اللجنة الوطنية لإحياء ذكرى إعلان دولة لبنان الكبير الأميرة حياة وهاب ارسلان، رئيس بلدية رشميا منصور مبارك، رؤساء بلديات ومخاتير القرى المحيطة، فاعليات حزبية، اجتماعية، روحية وحشد كبير من الحضور.
الياس
بعد النشيد الوطني، ألقى رئيس رابطة الشبيبة الرشماوية الزميل سعد الياس كلمة تعريف فقال: "هو لبنان الكبير يجمعنا مرة جديدة في هذه الذكرى، ذكرى مرور 96 عاما على إعلان لبنان الكبير في العام 1920، ذكرى محفورة في الذاكرة وتاريخ استقر في التاريخ، وها هي رشميا العريقة في تاريخها تفتح قلبها من جديد لصفحات من ذلك التاريخ الناصع الأبيض الذي ساهمت هذه البلدة الوادعة، الواعدة في صناعته وكتابته فرد لها التحية مكللا رجالاتها بأحرف من ذهب".
مبارك
وألقى رئيس بلدية رشميا منصور مبارك كلمة قال فيها: "لا نستطيع أن نذكر رشميا دون جارتها العزيزة عين تراز، فهما متلاصقتان جغرافيا وعائليا واجتماعيا في قلب هذا الجبل الغني بتاريخه العريق ورجالاته الكبارة وحاضره الواعد.
رشميا اليوم تفتح ذراعيها لكم وتكبر بكم وتقول معكم لبنان الكبير باق ما دمنا نتنفس الحرية مع هوائه، وندافع عنها حتى الشهادة، لأنها علة وجود لبنان واستمراره وطنا فريدا للجميع.
أربع سنوات تفصلنا عن ذكرى مئوية دولة لبنان الكبير، فيعود بنا التاريخ الى حقبة مجيدة غلب المسؤولون خلالها المصلحة الوطنية على المصالح الفئوية الضيقة.
رشميا اليوم تهنىء نفسها بكم، وتفخر بأنها أعطت لبنان اثنين من كبارها الرئيس الشيخ بشارة الخوري والمطران اغناطيوس مبارك، ولو تمايزا في السياسة أحيانا، كما نفخر مع جارتنا عين تراز بالكبير الآخر الرئيس حبيب باشا السعد الذي لعب دورا مفصليا في فترة العشرينات".
أضاف: "عندما نحيي ذكرى إعلان لبنان الكبير، ننحني تحية للبطريرك الكبير الياس الحويك الذي أراد أن يكون لبنان وطنا يتخطى الحسابات الصغيرة والأرقام والأحجام. فقد عرف البطريرك الحويك بالجرأة والإقدام والصراحة والثبات في الموقف، وتولى باقتدار شؤون الطائفة المارونية في زمن التحولات الكبرى، وإننا لواثقون ان بكركي بقيادتكم يا صاحب الغبطة ثابتة في خطها التاريخي.
ان لبنان الكبير لا معنى له ان لم يكن لبنان السيد، الحر المستقل، الذي أراده الرئيسان السعد والخوري والمطران مبارك ومجموعة كبيرة من القادة التاريخيين ومن بين هؤلاء الكبار كان الشيخ بيار الجميل الذي يمثله ويمثل عائلته اليوم حفيده سعادة النائب الشيخ نديم بشير الجميل والذي له أيضا صلة قرابة برشميا وبآل مبارك نفخر بها وبالتأكيد هو ايضا يفخر بها.
والشيخ نديم يؤكد دائما ان لبنان الكبير ولد ليبقى كبيرا، عزيزا، كريما، لبنان ال10452 كيلومترا مربعا ولو أغرقه بعض الساسة برهاناتهم وارتهاناتهم وفي هذه الأيام بنفاياتهم".
وختم: "إذا استرسلنا فالتمنيات كثيرة لا مجال لذكرها إلا سريعا كضرورة الولاء للوطن والحرص على المصلحة العامة ورفض التخلي عن الأرض والمحافظة على الأمن الإجتماعي ومحاربة الفساد واحترام الحريات ودعم مؤسسات الدولة وعلى رأسها رئاسة الجمهورية والجيش اللبناني وسائر القوى الأمنية التي لولاها لكان استقرارنا في مهب الريح".
الجميل
بعد ذلك ألقى النائب الجميل كلمة قال فيها: "عندما نتحدث عن تاريخ لبنان، نعود دائما الى الجذور. فكما بكفيا بيار الجميل ودير القمر كميل شمعون، هكذا رشميا بشارة الخوري، وجارتها عين تراز حبيب باشا السعد، منبت الرجال والرؤساء ورجالات الاستقلال.
الى ذلك، انها مسقط رأس جدتي لأمي، إبنة أخ مطران الاستقلال اغناطيوس مبارك.
وهذا ما يجعل هذا الترابط بين بكفيا ورشميا، ترابط محبة وتفاعل".
أضاف: "نلتقي اليوم بقلب الجبل، بصميم جبل لبنان الذي حمل لبنان إسمه عند تأسيس لبنان الكبير عام 1920. فكرة لبنان واستقلاله كوطن، بدأت من هنا، من هذا الجبل منذ أكثر من 400 سنة، مع فخر الدين، ومحاولته إنتزاع استقلال لبنان من السلطنة العثمانية.
تاريخ لبنان مليء بمحاولات عديدة لنيل الاستقلال من أي محتل، لأن اللبناني حر وسيد نفسه، وهذا هو المفهوم الاساسي لكلمة لبناني. فكل لبناني يخلق حرا، ويحلم بالعيش بكرامة، ويعتبر أرضه أأمن أرض في الشرق. 10452 كيلومترا مربعا هي مساحة قيم وحرية وكرامة وأمن. 10452 كيلومترا مربعا هي مساحة لبنان الكبير الذي يجمع كل هذه قيم. هكذا أراده مؤسسو لبنان الكبير عام 1920، وهكذا أراده أب الـ 10452، وهكذا نريده نحن اليوم، جيل لبنان 2020، واليوم اكثر من أي وقت مضى.
فمساحة لبنان ليست هي الأهم، وعمر لبنان ليس هو الأقدم. ولكن حضارته، وثقافته، وتطلعاته هي الغنى، وهذا ما يميزه عن جواره. فلبنان أول وطن تأسس في الشرق من بعد الحرب العالمية الأولى. ولبنان، أول دولة انتزعت إستقلالها. ولبنان أول شعب فرض نظاما ديمقراطيا في العالم العربي... وربما هو الوحيد. ولبنان كان له وما يزال مبرر وجوده. وهدف بقائه هي الحرية والأمن وكرامة الإنسان. وهذا ما علينا أن نحافظ عليه ونعمل من أجله.
فتاريخ لبنان مليء بالنضال، وجبال لبنان وخاصة هذا الجبل مليء بالصخور، وعلى كل صخرة وجه لبنان أو صخرة محفورة لشهيد دافع عن لبنان".
وتابع الجميل: "محطات تاريخية مهمة مرت على لبنان: ومن حينه، لبنان يتعرض تارة لانتداب جديد وطورا لاحتلال غريب.
عام 1958 تعرض لبنان لضغوط ناصرية للسيطرة على قراره الحر، أوصلتنا الى ثورة شعب للدفاع عن سيادته.
وعام 1975، تعرض لبنان لمحاولة خلق دولة ضمن الدولة على يد منظمة التحرير الفلسطينية، مما أجبر الشعب اللبناني الى حمل السلاح للدفاع عن حريته وكرامته.
وعام 2005، إنتفض الشعب اللبناني بأكثريته ضد الاحتلال السوري الذي استمر 30 سنة تقريبا، وكانت ثورة الإستقلال البيضاء في آذار عام 2005.
ماذا نفعل اليوم بتركة الأجداد، والكبار الذين سبقونا؟ كيف نحافظ على فكرة الكيان اللبناني؟ كيف نصون إستقلاله وحدوده؟ كيف نؤمن كرامة الانسان والمواطن والفرد؟ أين هي الديمقراطية اليوم، وبماذا يمكن أن نتباهى مقارنة مع دول الشرق؟ نتباهى بالتعطيل. نتباهى بتقويض الوطن من أجل أنانيتنا ومصلحتنا الشخصية. نريد التخلص من العقلية العثمانية".
وختم: "يا شباب لبنان، يا جيل لبنان الجديد... المسؤولية تقع اليوم علينا، والأمانة بين أيدينا، لنرفض الأمر الواقع ونغير الوضع الشاذ. أولا: الاستقالة عن دورنا ومسؤوليتنا ممنوعة. ثانيا: هذا الوطن، الذي أسسناه، وعمرناه، ودافعنا عنه، واستشهد العديد من أجله، هذا الوطن وطننا، ونريده استمرارية للبنان 1920، للبنان 1943، ولبنان 1982، وطنا على صورتنا وطموحاتنا في العام 2020. ثالثا: رغم المشاكل والفوضى التي نراها في الجوار، لبنان لنا، وننتمي اليه قبل أي إنتماء آخر.
يا شباب لبنان، أعرف تماما إحساسكم بالخمول والإحباط وعدم الإندفاع.
ولكن علينا أن نختار، بين أن نخلص لبنان وبين أن نستسلم للأمر الواقع ونسلم لبنان.
أنا شخصيا أختار أن نخلص لبنان حتى لو كان يتطلب ذلك جهدا كبيرا وتعبا وعرقا وتضحيات. وادعوكم لنكرر مبادرة إعلان لبنان الكبير حتى يرجع لبنان كبيرا بكل ما للكلمة من معنى. إنتم تكبرون فيه، والوطن يكبر فيكم.
تحية لصاحب الغبطة البطريرك بشارة الراعي لرعايته هذه الذكرى، وشكرا للسيدة حياة ارسلان واللجنة الوطنية لإحياء ذكرى إعلان دولة لبنان الكبير وشكرا لرشميا واهلها لإستضافة هذا الاحتفال الوطني، وتحية لأبناء هذا الجبل الذي أعطانا رجالات كبار أمثال الرئيس بشارة الخوري والرئيس حبيب باشا السعد، وأمثال الامير مجيد أرسلان وكمال جنبلاط".
الياس
ثم تلا الزميل سعد الياس كلمة الشيخ مالك الخوري لوجوده في الخارج فقال: "إن الأول من أيلول 1920 يشكل خطوة أساسية من أجل الوصول الى الاستقلال التام والنهائي عام 1943. في هذا النهار التاريخي تأسست دولة لبنان الكبير بحدوده الحالية ومؤسساته (التي تغيرت وتحولت وتطورت لغاية الآن) والتي كان من المفترض أن تكون مرحلة إنتقالية من أجل الاستقلال التام.
وحسب قرار عصبة الأمم كان يتوجب على فرنسا، دولة الانتداب آنذاك وهو انتداب من نوع جديد، أن تلعب دورا استشاريا وراعيا لكي يتعلم اللبنانيون ماهية الديموقراطية وإدارة دولة حديثة.
إنما للاسف لم تقم فرنسا بهذا الدور وتصرفت بباطنية وأبقت حتى 1943 السلطة والمرجعية العليا بين ايديها. بقي المفوض المسامي السلطة الأعلى والمرجعية الوحيدة رغم وجود رئيس وحكومة ومجلس. وحتى علقت فرنسا دستورنا. فالاستقلاليون الذين واجهوا العهد العثماني من أجل الحرية أكملوا مصيرهم واصبحوا يواجهون الانتداب لغية 1943. من هؤلاء الأشخاص: بشارة الخوري، رياض الصلح، الأمير مجيد ارسلان، كميل شمعون، يوسف الجميل...
واكتملت المسيرة في 1/9/1943 عندما انتخب المجلس النيابي اللبناني بالأكثرية فريقا ورئيسا من أجل تنفيذ الإستقلال الذي كان الهدف الشرعي للبنان والذي لم تعمل من أجله فرنسا".
أضاف: "إن الحرية والاستقلال يؤخذان ولا يعطيان. فعرف اللبنانيون كيف يحصلون على استقلالهم بدون عنف او استنزاف دماء شعبه.
لذلك، أود أن اغتنم الفرصة لأقول إن إنشاء دولة لبنان الكبير ليست إلا خطوة مهمة ولكن فقط خطوة على طريق الحرية. وقد اثبت شعبنا وقيادتنا أنهم قادرون على استيعاب مفاهيم الديموقراطية واستلام إدارة شؤونهم بدون أي رعاية خارجية! فكنت أفضل ان نحتفل بعيد استقلالنا بظروف أفضل وأن نعتبر دولة لبنان الكبير مرحلة من مراحل المسار الطويل من أجل الإستقلال الذي- وهو رأيي الخاص- بدأ منذ 1516 مع الأمير فخر الدين الأول.
إن التحولات التاريخية لم تنفذ بين ليلة وضحاها ولكن أخذت سنوات بل عقودا إذا لم تكن قرونا. ومسيرتنا من أجل الحرية لم تنته بعد. فتفاءلوا بالخير تجدونه".
السعد
ثم تلا الياس كذلك، كلمة النائب السعد فقال: "إن إنشاء دولة لبنان الكبير كان التاريخ الحدث وشكل النقلة النوعية من جبل لبنان الى لبنان الكبير ومن ولاية عثمانية تتمتع بشيء من الاستقلال الذاتي الى دولة ذات كيان وحدود واعتراف دولي وإن يكن إعلان إنشاء هذه الدولة جاء على يد ولسان الجنرال غورو ومن وراءه من سلطات الانتداب بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى. فلا يجوز أن يقلل ذلك من قيمة الحدث على الاطلاق. فأيا كانت الجهة أو السلطات التي أوجدته، فإن لبنان الكبير لم يكن صنيعتها بل هي اعترفت بوجوده كحقيقة تاريخية وتكريس نهائي لإرادة شعب ينشد الحرية.
وفي هذه الذكرى نتساءل: هل اصبح لبنان الكبير ذكرى وتاريخا ام أنه واقع وتحد ومسؤولية لا بد من الحفاظ عليها وتسليمها سليمة الى الأجيال المقبلة؟ وماذا فعلنا بلبنان الكبير وماذا بقي منه؟ وقد انتقل الحكم من أيدي رجال دولة الى دولة لبعض الرجال وتم تعطيل الحكم حتى اصبحنا اليوم نواجه فراغا في رئاسة الجمهورية وتعطيلا لأعمال مجلس النواب وتهديدا لاستمرار الحكومة".
ارسلان
وألقت الأميرة حياة ارسلان كلمة اللجنة الوطنية لإحياء ذكرى إعلان دولة لبنان الكبير، شكرت في مستهلها البطريرك الراعي لرعايته الدائمة، وقالت: "اننا في الذكرى المئوية في العام 2020 سنذهب الى البطريرك لنحتفل معه في هذه الذكرى. أفرح، أفتخر لأني أشارك في مناسبة ذكرى حولت جغرافية لبنان الى كبيرة لتكتمل صورة تاريخه الكبير، هذه المناسبة ترضي اللبنانيين تاريخيا وجغرافيا وسياسيا. بادر اليها البطريرك الحويك والتف حوله اللبنانيون واختار من ثقاتهم من تكبد الأسفار وعناء المشاركة في المؤتمرات ومخاطبة العالم وإقناعه ونجح في إقرار دولة لبنان الكبير.
أتوجه اليكم ايها الثقاة المدرجة أسماؤكم على هذه اللائحة أمامنا لأسالكم: هل كنتم تتخيلون يوما الى ما سيؤول اليه وضع لبنان الكبير؟
أرى الحزن والأسى يخيمان عليكم لو علمتم ان لبنان الكبير يعجز عن انتخاب رئيس للجمهورية بعد 43 جلسة فشل، استهلكت سنتين واربعة أشهر من حياته السياسية. البارحة وفي الذكرة الخامسة والتسعين، وفي مثل هذا التاريخ، كانت عشية الجلسة الثامنة والعشرين. قلنا للرئيس نبيه بري: الاجدر بك يا دولة الرئيس ان تفك عقدة الإنتخاب وتعتمد المادة الدستورية التي تنص على النصف زائدا واحدا، على اعتبار الدورة الأولى قد حصلت، وليكن كائنا من كان الرئيس الذي سينتخب. لتسجل اسمك في خانة المنقذين، لأن العكس مهين لا يليق بكم. اليوم نكرر مناشدتنا هذه لنجنب بلدنا المزيد من الخزي والعار".
أضافت: "هل كنتم أيها الثقاة تتخيلون يوما ان هواء لبنان العليل سيدنس بنفايات تملأ شوارع القرى والمدن على السواء؟ هل كنتم تتخيلون اننا سنطالب باللامركزية الإدارية من باب النفايات لتعالج كل منطقة نفاياتها وننهي عملية السلب المنظم عبرها؟
هل كنتم تتخيلون يوما ان لبنان الكبير سيعيش في الظلمة وعلى ضجيج المولدات وسمومها لأن هناك من يجني الثروات من حال الكهرباء هذه؟
هل كنتم تتخيلون يوما ان اللبناني لن ينتفض على هذا الواقع بثورة شعبية تضع الأمور في نصابها لأن الطائفية والمذهبية والعصبية تنخر كيانه؟
أطمئنكم وأطمئن اللبنانيين ان المسيرة بدأت، وبأن الوعي يكبر وبأن المؤشرات تتبدى، البارحة انتخابات البلدية التي برهنت عن ان الشعب اللبناني بدأ بالمحاسبة، وغدا انتخابات نيابية ستكون المحاسبة آليتها وآلتها.
عهدا ووعدا ان لبنان سيبقى وطن النجوم، لأن أبناءه هم النجوم التي تنير سماءه وسموات المغتربات ودول العالم المتحضر.
عهدا ووعدا ان اللبنانيين لن تخضعهم ظروف بائسة وانهم كلما اشتدت العتمة، كلما اشتد ساعدهم لمواجهتها.
عهدا ووعدا ان لبنان سيبقى لنا، لأبنائه، لن تفقدنا إياه موجات النزوح واللجوء ولا مؤامرات التوطين والأوطان البديلة".
المطران مظلوم
وأخيرا، ألقى المطران مظلوم كلمة راعي الإحتفال، فقال: "أولاني صاحب الغبطة والنيافة الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، بطريرك انطاكية وسائر المشرق، شرفا كبيرا إذ كلفني ان أمثله في هذا الإحتفال الذي شاءت اللجنة الوطنية لإحياء ذكرى إعلان دولة لبنان الكبير أن تضعه برعاية غبطته، وأن أنقل اليكم تحياته وبركته الأبوية، وشكره الخاص للجنة المنظمة، برئاسة حضرة الأميرة حياة وهاب ارسلان، المعروفة بديناميتها وروحها الوطنية الصافية، وجهادها المستمر في سبيل الحفاظ على لبنان واستعادة صورته المشرقة، وبقائه وطن الحرية والديمقراطية والعيش الواحد الكريم، وطن الرسالة ووطن الإنسان.
ويطيب لي أن يكون احتفالنا هذه السنة في بلدة رشميا العزيزة، التي أعطت، ومازالت، الوطن والكنيسة رجالات لعبوا دورا أساسيا في تاريخهما، وفي طليعتهم الشيخ بشارة الخوري، أول رئيس للجمهورية في عهد الإستقلال، والمطران اغناطيوس مبارك رئيس أساقفة بيروت، الذي ما زال صوته يتردد في أرجاء كاتدرائية مار جرجس وسائر كنائس الأبرشية، دفاعا عن الوطن والإنسان في لبنان. واني أستغنم الفرصة كي أقدم التهاني والشكر باسم غبطته لأهالي رشميا ولا سيما المجلس البلدي رئيسا وأعضاء، والمخاتير وكل الهيئات التي شاركت في تنظيم هذا الإحتفال، متمنيا لهم ولهذه البلدة العزيزة دوام الصحة والتقدم والإزدهار".
أضاف: "في هذا الإحتفال بالذكرى السادسة والتسعين لإعلان دولة لبنان الكبير، الذي تنظمه مشكورة اللجنة الوطنية، تمهيدا للاحتفال الكبير بالمئوية سنة 2020، يجدر بنا أن نتذكر الأحداث والمآسي التي عاشها شعبنا في السنوات التي سبقت ذاك الإعلان، ولا سيما سني الحرب العالمية الأولى حيث ألغى جمال باشا نظام المتصرفية وألحق جبل لبنان مباشرة بالأمبراطورية العثمانية، وفرض الحصار البري على الجبل بعد أن فرضت جيوش الحلفاء الحصار البحري، وغزا الجراد هذه المنطقة وأكل فيها الأخضر واليابس، كل ذلك سبب، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، المجاعة الكبرى التي اودت بثلث سكان جبل لبنان. وقد أصدر المركز الماروني للتوثيق والأبحاث كتابا قيما عن هذه المأساة، مرفقا بفيلم وثائقي، ونظم مؤتمرا حول هذا الموضوع ستنشر أعماله قريبا، واتمنى على الجميع الإطلاع على هذه الأمور باستذكار ما عاش أباؤنا وأجدادنا من مآس، ولتقدير الدوافع التي حملت البطريرك الحويك على التمسك باسترجاع الأراضي التي كانت قد سلخت عن جبل لبنان، وهي في معظمها تتكون من أراض زراعية خصبة تستطيع أن تؤمن بإنتاجها قوت معظم سكان الوطن، في حين تشكل المدن الساحلية إمكانية التواصل مع العالم الخارجي.
ولم يكتف جمال باشا السفاح وزملاؤه في الحكم بهذا العقاب الجماعي لسكان جبل لبنان، والذي يصفه البطريرك الحويك وعشرات الكتاب والشهود بمحاولة إبادة هؤلاء السكان، كما أبادوا الشعبين الأرمني والأشوري بأساليب وحشية يندى لها الجبين، بل علقوا على أعواد المشانق في بيروت ودمشق وغيرهما، عشرات الشهداء من نخبة الرجال الأحرار ومن أعظم مفكري الأمة الأبرار، كما نفوا الى بلاد الأناضول عددا لا يستهان به من رجال الفكر والمسؤولية ومن المناضلين المخلصين لوطنهم. كل هؤلاء مع آلاف الذين تفانوا في سبيل مقاومة الظلم بشتى الوسائل المتاحة لهم، وفي سبيل إيواء المشردين وإطعام الجياع ومساعدة المحتاجين، يجب أن نستذكرهم عندما نفكر بلبنان الكبير".
وتابع مظلوم: "أجل أيها الأحباء، جميل أن يحيي المواطنون ذكرى أبطالهم ورجالهم العظام، لكن الأجمل من ذلك والأهم، أن يتمثلوا بهم ويقتفوا خطاهم في الذود عن الوطن ودرء الأخطار عنه، والدفاع عن الشعب وحقوقه وكرامته. فالأخطار التي تحيق بلبنان اليوم لا تقل خطورة عن تلك التي عاشها شعبه إبان الحرب الكبرى وقبلها. لقد أدت الآلام التي تحملها شعبنا، والجهود الجبارة التي بذلها المخلصون من أبنائه، والمساعي الحثيثة التي قامت بها الكنيسة بقيادة المثلث الرحمات البطريرك الياس الحويك، ومعاونة من انضم اليه من المخلصين من سائر الطوائف اللبنانية، أدى الى إنشاء "لبنان الكبير" دولة معدة للاستقلال والإنضمام الى ركب الدول المتحضرة الديموقراطية، التي يعيش فيها شعبها بكل أطيافه حياة الحرية والمساواة والسيادة والحفاظ على حقوق الإنسان وكرامته.
إن ما يهددنا اليوم هو انهيار هذه الدولة، وفرط عقد الشعب، وإضاعة الإستقلال والسيادة والحرية وليس ذلك بسبب الأخطار الخارجية والتجاذبات الإقليمية وصراعات المحاور وحسب، بل بسبب انقساماتنا الداخلية، وتجاذباتنا الطائفية والمذهبية، ومحاولات كل فئة من السياسيين الإستئثار بكل شيء واستبعاد الآخرين، وتنفيذ مخططات تملى عليهم من الخارج وتصب في مصلحة الخارج، لا في مصلحة لبنان".
وسأل: "أما آن الأوان لأن نتعلم من أخطائنا، وندرك الأخطار، ونعود الى رص الصفوف وتوحيد الكلمة بين جميع اللبنانيين والتعالي على الجراح والمصالح الفردية والفئوية، كي نستطيع أن نحافظ على هذا الوطن، ونستعيد معا استقلال دولتنا وسيادتها وحريتها، وإعادة بناء مؤسساتها الدستورية على أسس وطنية وأخلاقية صحيحة، بدءا بملء الفراغ في رئاسة الجمهورية الذي بلغ شهره السابع والعشرين، والإتفاق على قانون عادل للانتخاب يؤمن التمثيل الصحيح لكل الأطياف، وانتخاب مجلس نيابي جديد، وتشكيل حكومة جديدة تتحمل مسؤولياتها على كل الصعد؟ أما آن الأوان لأن نعمل معا على استئصال الفساد من مجتمعنا ومن مؤسساتنا الوطنية، وأن نتغلب معا على الأحقاد والإنقسامات التي فرقتنا، ونرسخ روح المحبة والألفة والمصالحة والتعاون الكفيلة وحدها ببناء مجتمع صالح ودولة متينة، تستطيع الصمود في وجه كل الأخطار التي تتهددها، وليس أقلها الإرهاب المنتشر حولنا والذي يهدد أمننا بل وجودنا؟".
وختم: "الى هذا الوعي وهذا التضامن، ندعو مجددا الطبقة السياسية عندنا كي تعجل في وضع الأمور الدستورية والميثاقية في نصابها، وتعيد قطار الدولة الى السكة الصحيحة، عندئذ يأخذ احتفالنا بدولة لبنان الكبير كل معناه، ونستحق بركة الذين ضحوا وعملوا المستحيل في سبيل إنشاء هذه الدولة، وفي طليعتهم البطريرك الياس الحويك الذي ينتظر من أبنائه أن يكونوا على قدر المسؤولية".