لبنان
23 نيسان 2021, 09:30

الأب الياس كرم: قم يا الله واحكم في الأرض!

تيلي لوميار/ نورسات
عشيّة الأسبوع العظيم لدى الكنيسة الأرثوذكسيّة، ومع هتاف الأطفال في أحد الشّعانين، يرفع الأب الياس كرم الصّوت مناجيًا الله في مقال جديد قائلاً: خلّصنا يا ربّ! كاتبًا السّطور التّالية:

"يدخل أبناء الكنيسة الأرثوذكسيّة زمن الأسبوع العظيم والفصح المقدّس وهم يهتفون: "أوصنا في الأعالي مباركٌ الآتي بإسم الرّبّ".

لغويًّا تعني "أوصنا" يا ربّ خلّص. ونحن في هذه المناسبة نصرخ مع الأطفال ونرفع الصّوت عاليًا ونهتف: يا ربّ خلّص.

خلّصنا من هذا الوباء الّذي حصد أحبّة كثرين اعتدنا مشاركتهم هذه المواسم المباركة. نحن تحت الرّحمة الإلهيّة، نكافح في كلّ لحظة ونواجه مصيرًا مجهولًا، خوفًا من أن يختطفنا هذا العدوّ الخفيّ، ونحن لسنا بعد على استعداد لمواجهة الختن في خدره السمّاويّ.

خلّصنا يا ربّ من أزمات تعصف بنا من كلّ حدبٍ وصوب.  

خلّصنا يا ربّ من حكم المَجمع الّذي تشاور على الرّبّ وأسلمه إلى بيلاطس، وكم من يهوذا اليوم في حياتنا يسرح ويمرح ويتفاوض مع زمرة الفاسدين، وتآمر على تسليمنا إلى الفقر والهجرة والبطالة والعوز واستجداء لقمة العيش.

خلّصنا يا ربّ من نظام جائر، ومن شعبٍ يصرخ ويتظاهر غبّ الطّلب. يرفع حينًا صوت الحقّ وأحيانًا كثيرة أصوات الباطل.

في دخول يسوع إلى أورشليم سمعنا هتاف النّاس "أوصنا في الأعالي". وما هي إلّا أيّام هذا الشّعب نفسه يصرخ: "ارفعه ارفعه، أصلبه أصلبه".

أليس حال هذا الشّعب الّذي ينقاض إلى غرائزه حينًا، وإلى حقيقة ضميره أحيانًا. لقد بايع اليهود المجرم باراباس على حساب المخلّص يسوع المسيح! وكم من باراباس في وطننا يبايعهم أشخاصٌ امتهنوا التّزلّف والتّبعيّة من أجل حفنة من الأموال.  

أين رسل المسيح الّذين نكروه وخانوه وهربوا خوفًا من بطش الرّومان وظلم ذوي القربى؟

أين أتباع المسيح في وطننا الّذين عظّموا وقارهم على حسابه واستهزأوا به، وقد صنعوا لأنفسهم برج بابل جديد.

نحن شعبٌ لم يعد يعي ما هو خيرٌ له. لم يعد يميّز بين الحقّ والباطل. انقدنا إلى مصالح المسؤولين ولم نعد نفقه الحقائق الّتي تضعنا على سكّة القيامة.

أين هنّ المريميّات في عصرنا هذا؟

أين تلك النّسوة البطلات اللّواتي رافقن الرّبّ إلى الصّليب ولم يخفن من عسكر الرّومان وكهنة المحفل؟  

أين النّاس الّذين يجرأون على قول الحقيقة ومواجهة الحاقدين والفاسدين في هذا البلد؟

إعتقد الفرّيسيّون والصّدوقيّون أنّهم بتسليمهم ليسوع سوف يقضون ويطمسون رسالته وحقيقته، لكنّه استطاع بموته أن يدوسهم ويهزمهم وتنتشر رسالته في أقاصي المسكونة.  

أنا على يقين أنّه مهما اشتدّت الصّعاب والأوجاع والأحزان والشّدائد والضّيقات علينا، ومهما حاول ظلّام هذا الدّهر طمرنا في التّراب والقضاء على كلّ أمل لنا في الحياة وصلبنا، سنصرخ قائلين: قم يا الله واحكم في الأرض.

تبقى عدالة السّماء أقوى وأنصف من أيّ عدلٍ على الأرض، ولذلك سنبقى نطلب في كلّ قدّاس إلهيّ: من أجل حكّامنا ومؤازرتهم في كلّ عملٍ صالح، يقينًا منّا أن حكّامنا يعوزهم مجد الله لكي يتبصّروا الأمور الصّالحة لأجل رفعة شأن شعبهم على حساب مصالحهم الخاصّة الضّيّقة.  

حان الوقت لسلاطين هذا البلد أن يفهموا ويقتنعوا أنّ كلّ شيء سيزول إلّا كلمة الله ستبقى حيّة إلى منتهى الدّهر، آمين".