لبنان
09 آذار 2021, 07:30

الأب الياس كرم للمتزوّجين: حصّنوا بيوتكم بالإيمان والرّجاء والمحبّة

تيلي لوميار/ نورسات
أمام تزايد المشاكل الزّوجيّة لأسباب عديدة، وجّه الأب الياس كرم نداء إلى المتزوّجين في مقال جديد، يدعو فيه المرأة والرّجل إلى تحصين بيتهما بالإيمان والرّجاء والمحبّة وجعل الإنجيل والكتب المقدّسة الحكم فيما بينهما، فيصمدا أمام كلّ الأزمات. وكتب في هذا السّياق:

"يعجز اللّسان عن وصف ما نشهده من مشاكل زوجيّة ازدادت وتيرتها مؤخّرًا بسبب الأوضاع والأزمات الّتي يتخبّط بها المواطن في لبنان. نتلو في سرّ الزّواج: "لِذلِكَ يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ وَيَكُونَانِ جَسَدًا وَاحِدًا." (تك 2: 24). إنّ هذه الآية، الّتي رافقت الإنسان منذ التّكوين وسترافقنا إلى منتهى الدّهر، ستبقى حبرًا على ورق إن لم نقرنها بالأفعال. طبعًا المشاكل الزّوجيّة بمعظمها ناشىء عن تغييب المحبّة والاحترام والتّضحية والثّقة المتبادلة بين الطّرفين، وناتجة عن فقدان لغة التّخاطب والحوار شأن ما وصلنا إليه في هذا البلد بين مكوّناته الّتي صدّقنا يومًا أنّ التّعايش حقيقة والوحدة الوطنيّة مصانة، لكن الانفعاليّة والغرائزيّة والتّخوين والتّسلّط وانعدام الثّقة طغت على كلّ مؤهّلات الوطن الحقيقيّة وأدّت بنا إلى ما نحن عليه من مصائب.

ما يحدث في وطننا نتلمسه في المشاكل الزّوجيّة الّتي تُعرض أمامنا نحن الكهنة، وهنا لا أريد أن أحمّل المسؤوليّة على الرّجل دون المرأة والعكس صحيح، حتّى لا أقع في انتقادات هذا أو تلك، إنّما من الحقّ أن يقال ليس من مسؤوليّة فرديّة إنّما المسؤوليّة تقع على الطّرفين ولو بنسب متفاوتة. فالرّجال في لبنان ازدادت عليهم الضّغوط المعيشيّة والاجتماعيّة والسّياسيّة والاقتصاديّة، والنّساء ثقلت حياتهم بتدبير شؤون وشجون المنزل ومتابعة الأولاد  في يوميّاتهم والتّوفيق بين وظائفهم ومسؤوليّاتهم المنزليّة الّتي تراكمت بسبب توقّف الأولاد عن الذّهاب إلى المدارس ومتابعة دروسهم online. كلّ هذه الضّغوطات انعكست سلبًا على المتزوّجين وسبّبت تزايدًا في المشاكل، علمًا أنّ الخلافات لم تتوقّف بالأساس حتّى في أيّام الخير، ولكن ازدادت وتيرتها في الآونة الأخيرة، وهذا كما ذكرنا آنفًا ناتج عن أسبابٍ عديدة. من هنا على الرّجال والنّساء معًا التّواضع قليلاً لحلّ مشاكلهم الزّوجيّة، لا الاستكبار والاستعلاء وتكبير الأمور، ففساد المسؤولين والمصائب الّتي أُنزلت علينا بسبب المشاحنات والتّجاذبات السّياسيّة، لا يجوز أن تؤثّر على متانة الحياة الزّوجيّة رغم كلّ الصّعاب. فما ذنب الزّوجة إن لم يع الرّجل واجباته تجاهها في حفظ كرامتها وحفظ معيشتها وأولويّتها في الاهتمام لا تحطيمها وتعنيفها جسديًّا ومعنويًّا لأجل إرضاء أهله وعشيرته وغرائزه وأنانيّته وتوتّره من الأوضاع العامّة (الزوجة مش فشّة خلق).

أن يترك الرّجل أباه وأمّه أيّ أن يسهر على حَصانة زوجته من افتراءات أهله، والألسن الغاشّة الّتي تطالها حسدًا أو كُرهًا، هذا بالإضافة إلى أسباب متعدّدة، لن أغوص بتفنيدها، تؤدّي إلى بلبلة في العلاقة الزّوجيّة. فالمرأة كيانٌ عاطفيّ تنتظر الكلمة الطّيّبة والاحترام لا التّهكّم والانتقادات. بالمقابل أناشد النّساء أن يتضامنوا في كلّ وقت، وخصوصًا في الأوقات الصّعبة، مع أزواجهنّ ومؤازرتهم لمواجهة تبعيات الأزمات الّتي نتخبّط بها في وطننا. على النّساء أن يعين أن "اَلْحُسْنُ غِشٌّ وَالْجَمَالُ بَاطِلٌ، أَمَّا الْمَرْأَةُ الْمُتَّقِيَةُ الرَّبَّ فَهِيَ تُمْدَحُ" (سفر الأمثال 31: 30)، وكما قيل: القناعة كنز لا يفنى.

آزروا بعضكم بعضًا لأنّ أولادكم يدفعون ثمن خطاياكم الزّوجيّة، ولا تجعلوا من ملامتكم لبعضكم البعض سببًا لانهيار المنزل العائليّ، إجعلوا الإنجيل والكتب المقدّسة الحَكم فيما بينكم ولا تُقحموا أهلكم في مشاكلكم، راقبوا أنفسكم فيما تقولون وتتفوّهون به من ملامات وانتقادات وأنتم لستم ببراء منها، التجئوا إلى اخصائيّين ومحبّين وجمعيّات يرشدونكم إلى ما هو خيرٌ لكم، أمّا الطلاق فلا يحصل إلّا لقساوة قلوبكم.

فليصح الرّجال ويفهموا أهمّيّة الزّوجة الفاضلة لأنّها كما يقول سفر الأمثال: "اِمْرَأَةٌ فَاضِلَةٌ مَنْ يَجِدُهَا؟ لأَنَّ ثَمَنَهَا يَفُوقُ اللّآلِئَ." (أم 31: 10) ولتفقه النّساء أنّ "لُطْفُ الْمَرْأَةِ يُنْعِّمُ رَجُلَهَا، "والْمَرْأَةُ الْفَاضِلَةُ تَسُرُّ رَجُلَهَا، وَتَجْعَلُهُ يَقْضِي سِنِيهِ بِالسَّلاَمِ". حصّنوا بيوتكم بالإيمان والرّجاء والمحبّة وهكذا نُرضي الله ونبني عائلات على ملء قامته."