البابا فرنسيس: الأديان هي المدعوّة أوّلاً إلى مواجهة طريق العنف
"أودُّ أن أذكِّر بما قلته في مناسبات مختلفة لاسيّما بمناسبة زيارتي الرّسوليّة إلى مصر: "إن الله، محبّ الحياة، لا يكفّ عن محبّة الإنسان، ولذلك هو يحثّه على مواجهة طريق العنف. وبالتّالي فالأديان هي المدعوّة أوّلاً، واليوم بشكل خاصّ، لتفعيل هذه الوصيّة، لأنّه فيما نجد أنفسنا في الحاجة المُلِحَّة إلى المطلق، من الأهمّيّة بمكان أن نستبعد محاولة جعل الأمور مطلقة بهدف تبرير جميع أشكال العنف؛ لأنَّ العنف في الواقع هو رفض لأيّ ديانة أصيلة. نحن مدعوّون لإدانة الانتهاكات ضدَّ كرامة الإنسان وحقوقه، ولتسليط الضّوء على محاولات تبرير أيّ شكل من أشكال العنف باسم الدّين وإدانتها كمحاولات لتشويه صورة الله.
إنَّ العنف الّذي يروَّج له ويُنفَّذ باسم الدّين لا يمكن إلّا أن يشوّه سمعة الدّين نفسه. وبالتّالي، يجب أن يُدان هذا العنف من قبل الجميع، ولاسيّما من قِبل الأشخاص المُتديِّنين حقًّا، الّذين يعرفون أنّ الله هو فقط صلاح ومحبّة وشفقة، وأنّه لا يوجد فيه مكان للحقد أو الغضب أو الانتقام. إنَّ الشّخص المتديّن يعرف أنّ أعظم تجديف هو استعمال اسم الله كمبرّر لخطاياه وجرائمه، أو من أجل تبرير القتل والاستعباد، أو الاستغلال بجميع أشكاله أو اضطهاد الأفراد وشعوب بكاملها.
إنَّ الشّخص المُتديِّن يعلم أنّ الله هو القدّوس، وأنّه لا يمكن لأحد أن يدَّعي استخدام اسمه من أجل ارتكاب الشّرّ. وبالتّالي فكلُّ قائد دينيّ مدعوٌّ ليكشف أيّ محاولة لاستعمال اسم الله من أجل أهداف لا علاقة لها به أو بمجده. لذلك علينا أن نُظهر، بلا كلل، أنَّ كلّ حياة إنسانيّة هي مقدّسة بذاتها، وتستحقّ الاحترام والتّقدير والرّحمة والتّضامن، بغضّ النّظر عن العرق أو الدّين أو الثّقافة أو المعتقدات الأيديولوجيّة والسّياسيّة.
إنَّ الانتماء لأيّ دين معيّن لا يمنح كرامة أو حقوقًا إضافيّة لأتباعه، كما أنّ عدم الانتماء لا يضيف أيّة كرامة أو حقوق أو ينتقص منها. لذلك علينا أن نلتزم معًا، قادة سياسيّون ومسؤولون دينيّون ومعلِّمون وعاملون في حقل التّربية والتّنشئة الإعلاميّة من أجل تحذير كلّ من تستميله أشكال تديُّنٍ مُنحرفة لا تمتُّ بصلة للشّهادة لدين يستحقُّ هذا الاسم. هذا الأمر سيساعد جميع الأشخاص الّذين وبإرادة صالحة يبحثون عن الله ليلتقّوه حقيقة، ليلتقوا بالّذي يُحرِّر من الخوف والحقد والعنف، ويرغب في الاستعانة بإبداع وطاقة كلّ شخص لينشر مخطّط الحبّ والسّلام خاصّته والموجّه للجميع.
أجدد تقديري لاستعدادكم للتّفكير والحوار حول موضوع بهذه الأهميّة، ولإسهامكم المؤهَّل في نموّ ثقافة السّلام القائمة على الحقيقة والحبّ. ليباركم الله وليبارك عملكم".
