الفاتيكان
01 كانون الثاني 2021, 12:10

البابا فرنسيس: السّلام ليس مجرّد غياب للحرب، بل هو حياة غنيّة بالمعنى

تيلي لوميار/ نورسات
لمناسبة عيد القدّيسة مريم أمّ الله واليوم العالميّ الرّابع والخمسين للسّلام، ألقى البابا فرنسيس ظهر اليوم كلمة قبل تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ من مكتبة القصر الرّسوليّ بالفاتيكان، قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز":

"نبدأ العام الجديد بوضع أنفسنا تحت النّظر المحبّ والوالدي لمريم الكلّيّة القداسة، التي تحتفل بها اللّيتورجيا كوالدة الإله، وهكذا نستأنف مسيرتنا على دروب الزّمن، ونعهد بمخاوفنا وآلامنا إلى تلك القادرة على فعل كلّ شيء. إنَّ مريم تنظر إلينا بحنان والديّ تمامًا كما نظرت إلى ابنها يسوع. إنَّ النّظرة المطمئنة والمعزّيّة للعذراء القدّيسة هي تشجيع بأنّ هذا الوقت، الذي منحه الرّبّ لنا، قد قضيناه من أجل نموّنا البشريّ والرّوحيّ، وبأنّه الوقت المناسب لتهدئة الأحقاد والانقسامات، والوقت لكي نشعر جميعًا بأنّنا إخوة، والوقت لكي نبني وليس لندمّر، ونعتني ببعضنا البعض وبالخليقة.

إنَّ موضوع اليوم العالميّ للسّلام، الذي نحتفل به اليوم، مخصّص للعناية بالآخرين والخليقة: ثقافة العناية كمسيرة سلام. إن الأحداث المؤلمة التي طبعت مسار البشريّة في العام الماضي، ولاسيّما الوباء، تعلّمنا مدى ضرورة الاهتمام بمشاكل الآخرين ومشاركة مخاوفهم. هذا الموقف يمثل الطّريق الذي يؤدي إلى السّلام، لأنّه يعزِّز بناء مجتمع يقوم على علاقات أخوَّة. كل فرد منا، نحن رجال ونساء هذا الزّمن، مدعوّ لكي يحقِّق السّلام يوميًّا وفي كلِّ بيئة حياة، ولكي يمدَّ يد المساعدة للأخ الذي يحتاج إلى كلمة تعزية، ولفتة حنان، ومساعدة تضامنيّة.

يمكننا أن نبني السّلام إذا بدأنا نصبح في سلام مع أنفسنا ومع من هم بقربنا، وأزلنا العقبات التي تمنعنا من العناية بالمعوزين والفقراء. إنّها مسألة تنمية ذهنيّة وثقافة "العناية" من أجل القضاء على اللّامبالاة والتّهميش والمنافسة، جميع هذه الأمور التي تسود للأسف. إنَّ السّلام ليس مجرد غياب للحرب، بل هو حياة غنيّة بالمعنى، تُبنى وتُعاش في التّحقيق الشّخصيّ والمشاركة الأخويّة مع الآخرين. عندها يصبح ذلك السّلام الذي نتوق إليه ويهدده العنف والأنانيّة والشّرّ على الدّوام ممكنًا وقابلاً للتّحقيق.

لتَنَل لنا العذراء مريم، التي ولدت "رئيس السّلام"، من السّماء خير السّلام الثّمين، الذي لا يمكننا أن نحققه بالكامل بقوانا البشريّة وحدها. إنَّ السّلام أوّلاً هو عطيّة من الله؛ وعلينا أن نطلبه بالصّلاة المتواصلة، وندعمه بالحوار الصّبور الذي يحترم الآخر، وأن نبنيه بتعاون منفتح على الحقيقة والعدالة، ومتنبّهٍ على الدّوام للتّطلّعات المشروعة للأشخاص والشّعوب. وبالتّالي أتمنى أن يملك السّلام في قلوب البشر وفي العائلات، في أماكن العمل وأوقات الفراغ؛ وفي الجماعات والأمم.

على عتبة هذه البداية، أقدم لكم جميعًا أمنياتي القلبيّة لعام ٢٠٢١ سعيد وهادئ. ليكُن عام تضامن أخويّ وسلام للجميع؛ عام مليء بالانتظار الواثق والآمال التي نوكلها إلى الحماية السّماويّة لمريم، أمِّ الله وأمنا."