الفاتيكان
04 كانون الثاني 2024, 06:55

البابا فرنسيس: حياة المسيحيّ الرّوحيّة هي جهاد مستمرّ للحفاظ على الإيمان

تيلي لوميار/ نورسات
مواصلاً تعليمه الأسبوعيّ حول الرّذائل والفضائل، أكّد البابا فرنسيس، خلال مقابلته العامّة الأولى لسنة 2024، أنّ "حياة المسيحيّ الرّوحيّة هي جهاد مستمرّ للحفاظ على الإيمان"، فهي "ليست خالية من التّحدّيات، بل على العكس تتطلّب جهادًا مستمرًّا للحفاظ على الإيمان وإغناء عطايا الإيمان فينا."

وفي هذا السيّياق قال البابا بحسب "فاتيكان نيوز": |إنّ القدّيسين ليسوا أشخاصًا سلموا من التّجربة بل هم أشخاص يدركون جيّدًا أنّ إغراءات الشّرّ تظهر مرارًا وتكرارًا في الحياة، وينبغي كشفها ورفضها. هناك أشخاصًا كثيرين يغفرون لأنفسهم ويظنّون أنّهم "على ما يرام"، يخاطرون بالعيش في الظّلمات لأنّهم اعتادوا على الظّلام ولا يعرفون التّمييز بين الخير والشّرّ. علينا جميعًا أن نسأل الله نعمة الاعتراف بأنّنا خطأة ونحتاج إلى التّوبة، محافظين في القلب على الثّقة برحمة الله الآب اللّامتناهية. إنّه التّعليم الافتتاحيّ الّذي يقدّمه لنا يسوع. إنّنا نرى ذلك في أولى صفحات الإنجيل، وقبل كلّ شيء عندما يُخبرنا عن معموديّة المسيح في مياه نهر الأردنّ. وتحتوي هذه الحادثة على أمر مدهش. عن أيّ خطيئة على يسوع أن يتوب؟ ليست هناك أيّة خطيئة. حتّى أنّ يوحنّا المعمدان قد صُدم، ويقول لنا الإنجيل "فجَعلَ يُوحنَّا يُمانِعُه فيَقول: "أَنا أَحتاجُ إِلى الاِعتِمَادِ عن يَدِكَ، أَوَأَنتَ تَأتي إِليَّ؟" (متّى ٣، ١٥). إنّ يسوع لا يتركنا لوحدنا أبدًا. ففي أسوأ اللّحظات، في اللّحظات الّتي نقع فيها في الخطايا، يسوع هو بقرّبنا كي يساعدنا على النّهوض. لا ينبغي نسيان ذلك، يسوع هو إلى جانبنا ليساعدنا ويحمينا، وأيضًا لينهضنا بعد الخطيئة. لا ينسى أن يغفر أبدًا، أمّا نحن فنفقد مرّات كثيرة القدرة على طلب المغفرة.

وبعد المعموديّة مباشرة، تخبرنا الأناجيل عن ذهاب يسوع إلى البرّيّة حيث جرّبه إبليس. وفي هذه الحالة أيضًا نسأل أنفسنا: لماذا يجب أن يعرف ابن الله التّجربة؟ وفي هذه الحالة أيضًا، يُظهر يسوع تضامنًا متينًا مع هشاشة طبيعتنا البشريّة ويصبح مثلنا الأعظم: فالتّجارب الّتي مرّ بها وتغلّب عليها بين حجارة الصّحراء القاحلة هي أوّل تعليم يعطيه لحياتنا كتلاميذ. لقد اختبر ما يجب علينا نحن أيضًا أن نكون مستعدّين دائمًا لمواجهته: فالحياة مصنوعة من تحدّيات وتجارب وإغراءات خفيّة وأصوات متناقضة. ينبغي الحفاظ على الصّفاء الدّاخليّ من أجل اختيار الطّريق الّذي يقودنا حقًّا إلى السّعادة، ومن ثمّ الالتزام بعدم التّوقّف طول الطّريق.

ينبغي أن نتذكّر بأنّنا دائمًا بين نقيضين: الكبرياء يتحدّى التّواضع؛ الكراهيّة تناقض المحبّة؛ الحزن يعيق فرح الرّوح الحقيقيّ؛ وقساوة القلب ترفض الرّحمة."  

وشدّد البابا فرنسيس على "أهمّيّة التّفكير في الرّذائل والفضائل لأنّ ذلك سيساعدنا على التّغلّب على ثقافة العدميّة حيث الحدود بين الخير والشّرّ هي غير واضحة، وسيذكّرنا في الوقت نفسه بأن الإنسان يستطيع دائمًا أن يتجاوز نفسه، من خلال الانفتاح على الله والسّير نحو القداسة".

وأنهى الأب الأقدس تعليمه الأسبوعيّ مؤكّدًا أنّ "الجهاد الرّوحيّ يقودنا إلى النّظر عن كثب إلى تلك الرّذائل الّتي تقيّدنا، والسّير بنعمة الله نحو تلك الفضائل الّتي بإمكانها أن تنمو فينا، حاملة ربيع الرّوح إلى حياتنا."