الفاتيكان
19 تشرين الأول 2022, 13:20

البابا فرنسيس: حياتنا هي أثمن "كتاب" أعطي لنا"

تيلي لوميار/ نورسات
"قصّة حياتنا" عنصر جديد توقّف عنده البابا فرنسيس في مسيرة "التّمييز"، خلال المقابلة العامّة الّتي أجراها صباحًا في ساحة القدّيس بطرس، مؤكّدًا خلالها أنّ "حياتنا هي أثمن "كتاب" أُعطي لنا، كتاب لا يقرأه كثيرون للأسف، أو يقومون بذلك متأخّرين جدًّا، قبل الموت."

وأشار الأب الأقدس في تعليمه إلى أنّه "في هذا الكتاب يوجد ما نبحث عنه سدى من خلال طرق أخرى"، وتابع مستندًا إلى ما اختبره القدّيس أغسطينوس في عمليّة البحث هذا، وقال الباب بحسب "افتيكان نيوز": "وقد فهم ذلك القدّيس أغسطينوس، الباحث الكبير عن الحقيقة، من خلال إعادة قراءة حياته ملاحظًا فيها خطوات حضور الرّبّ الصّامتة والخفيّة إنّما الحاسمة. وفي نهاية هذه المسيرة لاحظ بذهول: "أنتَ كنتَ في داخلي، وأنا خارجًا عن نفسي. وفي الخارج بحثتُ عنكَ طويلاً، ووثبتُ في قباحتي نحو الجمالات الّتي كوَّنتَها. أنتَ كنتَ معي وأنا لم أكن معكَ". ومن هنا جاءت دعوته إلى تنمية الحياة الدّاخليّة لإيجاد ما يتمّ البحث عنه."

وأضاف: "لقد قمنا نحن أيضًا مرّات كثيرة بخبرة أغسطينوس، ووجدنا أنفسنا سجناء أفكار تُبعدنا عن ذاتنا ورسائل متكرّرة تلحق بنا الأذى كـ"لا قيمة لي" و"لن أحقّق أبدًا أمرًا جيدًا"... أن نقرأ قصّتنا يعني أيضًا أن نتعرّف على حضور هذه العناصر "السّامّة"، لنوسّع فيما بعد حبكة قصّتنا متعلّمين أن نلاحظ أشياء أخرى، فنجعل قصّتنا أكثر غنى وننجح أيضًا في إدراك الطّرق الخفيّة الّتي يعمل الله بها في حياتنا.

للتّمييز نهج سرديًّ: لا يتوقّف عند فعِل محدّد بل يدرجه في سياق: من أين يأتي هذا التّفكير؟ إلى أين يقودني؟ متى راودني سابقًا؟ لم هو أكثر إلحاحًا؟ إنّ رواية أحداث حياتنا تتيح أيضًا إدراك تفاصيل مهمّة بإمكانها أن تشكّل مساعدة ثمينة كانت لغاية الآن مخفيّة. إنّ قراءةً، خدمة ولقاء، تبدو كلّها للوهلة الأولى أمورًا قليلة الأهمّيّة، ولكنّها تحمل مع الوقت سلامًا داخليًّا وفرح العيش وتقترح المزيد من المبادرات الجيّدة. إنّ التّوقّف ومعرفة ذلك أمر ضروريّ للتّمييز، إنّه عمل لجمع تلك اللّآلئ الثّمينة والخفيّة الّتي زرعها الرّبّ في أرضنا.

إنّ الخير خفيّ وصامت، يتطلّب نقبًا بطيئًا ومتواصلاً. إنّ أسلوب الله هو كالهواء الّذي نتنفّسه، لا نراه وإنّما يجعلنا نعيش، ونلاحظ ذلك فقط حين ينقصنا. إنّ التّعوّد على إعادة قراءة حياتنا يثقّف النّظرة وينقّيها ويسمح بملاحظة المعجزات الصّغيرة الّتي يصنعها الله لنا كلّ يوم. وعندما ننتبه لذلك، نلاحظ اتّجاهات أخرى ممكنة تعزّز السّلام والإبداع. وقد قيل بحكمة إنّ الإنسان الّذي لا يعرف ماضيه محكوم عليه أن يكرّره. نستطيع أن نسأل أنفسنا: هل أخبرت أحدًا عن حياتي؟ إنّه شكل من أشكال التّواصل الأجمل، يتيح اكتشاف أمور كانت حتّى الآن غير معروفة، صغيرة وبسيطة، ولكن كما يقول الإنجيل، من الأمور الصّغيرة تولد تلك الكبيرة (راجع لوقا ١٦، ١٠).

إنّ حياة القدّيسين تشكّل مساعدة ثمينة للتّعرّف على أسلوب الله في حياتنا، وتتيح لنا أن نتآلف مع طريقة عمله. إنّ بعض تصرّفات القدّيسين تسائلنا وتُظهر لنا معاني جديدة وفرصًا جديدة. وهذا ما حصل على سبيل المثال مع القدّيس إغناطيوس دي لويولا."

وفي الختام، قال البابا فرنسيس: "إنّ التّمييز هو القراءة السّرديّة للّحظات الجميلة واللّحظات المظلمة الّتي نختبرها خلال حياتنا. في التّمييز إنّ القلب هو الّذي يحدّثنا عن الله، وينبغي علينا أن نتعلّم فهم لغته".