دينيّة
16 آب 2016, 13:00

البابا فرنسيس في "جمعة الرّحمة"

ريتا كرم
"جمعة الرّحمة" هكذا يطلق عليها البابا فرنسيس، فيخصّصها لعمل الرّحمة في هذا اليوبيل الاستثنائيّ. مبادرات عديدة قام بها الأب الأقدس، آخرها كان يوم الجمعة الفائت حيث زار عشرين امرأة حُرِّرنَ من عبوديّة دوّامة الدّعارة والعنف الجسديّ، إيقاظاً للضّمائر النّائمة عن قضيّة الاتّجار بالبشر الّتي وصفها الأب الأقدس بـ"آفة في جسد البشريّة المعاصرة في جسد المسيح".

 

أثناء لقائه بهنّ، طلب البابا منهنّ جميعاً الصّفح من أجل كلّ المسيحيّين والكاثوليك الّذين أساءوا إليهنّ، وسأل الصّفح عنه لأنّه لم يصلِّ لأجلهنّ كفاية ومن أجل هذا الاستعباد.

ذنب يحمله وكأنّه المسؤول عن الطّريق الّتي سلكنَها سابقاً. هو لم يلتقِ أيّاً منهنّ قبل يوم الجمعة، ولم تلمح عيناه أيّة منهنّ، ومع ذلك هو يطلب الغفران! فكم متواضع هو هذا البابا، وكم حسّاس هو تجاه إخوته البشر. هو لم يدن تلك السّيّدات ولم ينظر إليهنّ سوى بعين الرّحمة والرّأفة، لم يرجمهنّ بحجر بل أحاطهنّ بمحبّة عظيمة ترجمها بطلبه المغفرة.  

ونحن، إلى أيّة درجة نحمّل أنفسنا مسؤوليّة ما يدور من حولنا من عنف وفساد أخلاقيّ؟ هل فكّرنا يوماً بدورنا في مجتمعات تتآكلها الجرائم المصنّفة "ضدّ البشريّة" أم أدرنا ظهورنا بحجّة أنّنا غير معنيّين بمصيبة الآخرين؟

كم جميل أن نقتدي بخليفة بطرس ونبادر إلى الرّحمة! ولا ننظر إلى "القشّة" الّتي بعين الآخر" بل نسانده ونعزّز وجوده ونرفعه إلى النّصيب الأفضل. كم ثمين أن نلتفت إلى من هم الأكثر حاجة إلى وجودنا المعنويّ أقلّه!

لنبادر على خطى البابا فرنسيس الّذي لم يُخلِ رزنامة السّنة المقدّسة من "جمعة الرّحمة"، بل هو كان قد آنس العجزة في مأواهم في ك2/ يناير، وشجّع المدمنين على المخدّرات للتّحرّر من ذاك السّمّ في شباط/ فبراير، وملأ وحدة اللّاجئين وغربة المهاجرين في اليونان في نيسان/ إبريل، وأكّد أنّ كلّنا خليقة الله في زيارته لجماعة تستضيف معوّقين عقليّاً في أيّار/ مايو، ليظهر أخيراً- خلال زيارته إلى بولونيا في تمّوز/ يوليو- الرّحمة في صلاته الصّامتة في رهبة الموت أمام محرقة أوشفيتز، وفي لفتته إلى أطفال المشفى في كراكوفيا، وفي مسيرة درب الصّليب في اليوم العالميّ للشّباب مع المشاركين من العراق وسوريا التّوّاقين إلى السّلام والأمان... لنبادر ونرحم!