أوروبا
04 أيار 2021, 12:30

البابا فرنسيس لخدَمَة المذبح: كونوا قدّيسين ومميّزين!

تيلي لوميار/ نورسات
بارك البابا فرنسيس المشاركين في الحجّ الوطنيّ الخامس والعشرين لخَدَمة المذبح إلى فاطيما، والّذي أقيم في الأوّل من أيّار/ مايو عبر الإنترنت، وذلك في رسالة بعث بها إلى أسقف Bragança-Miranda ورئيس اللّجنة الليتورجيّة والرّوحيّة التّابعة لمجلس أساقفة البرتغال المطران خوسيه ماريا مانويل كورديرو، كتب فيها بحسب "فاتيكان نيوز":

"إنَّ العذراء سوف تكون سعيدة برؤيتكم من حولها، وسوف تغمركم بحمايتها وتهمس لكم كما قالت للخدم في عرس قانا: "مَهما قالَ لَكم فافعَلوه".

هذا هو أوّل ما يقوله يسوع لكلّ واحد منكم: "كونوا قدّيسين". أيّها الأعزّاء، لقد تعلّمتم- وهذا صحيح- أنّه في القدّاس الإلهيّ، تصبح قطعة الخبز الصّغيرة تلك جسد المسيح وأنّ النّبيذ في الكأس يصبح دم المسيح. في كلّ مرّة تقتربون من المذبح، يكون لديكم الفرصة لكي تُعاونوا عن كثب في هذه المعجزة. عيونكم لا ترى يسوع، لكن قلوبكم وشفاهكم يعبدونه، كما علّمتنا في طفولتنا أمّهاتنا وأساتذة التّعليم المسيحيّ: "ربّي وإلهي، أنا أعبدك وأعبد جسدك ودمك ونفسك وألوهيّتك، الحقيقيّين تمامًا كما أنت في السّماء". هذا صحيح! يسوع هناك حقيقيّ كما هو في السّماء؛ وبرؤيته لكم هو يرى ملائكة ولذلك تصرّفوا كما ينبغي في خدمة الأشياء المقدّسة. وليتماشى موقفكم الدّاخليّ والخارجيّ مع ما تقومون به، لاسيّما عندما تكونون على المذبح، أو عندما ترسمون علامة الصّليب، أو عندما تركعون، أو عندما تكونون جالسين أو تشاركون في الصّلاة وفي التّرانيم المشتركة. وإذ يحرِّككم الاحترام والصّلاة ستصبح خدمتكم شهادة إيمان للجماعة.

ولكي تقوموا بذلك، ضعوا كلّ حماسة عمركم في لقاء يسوع الّذي يختبئ تحت حجاب الإفخارستيّا. قدّموا ليسوع أيديكم وأفكاركم ووقتكم، وهو سيكافئكم ويمنحكم الفرح الحقيقيّ ويجعلكم تشعرون بالسّعادة الكاملة. لديكم مثال القدّيسين الّذين وجدوا في الإفخارستيّا الغذاء لمسيرتهم نحو الكمال ولحياتهم الجسديّة أيضًا: ألم تسمعوا أبدًا عن الطّوباويّة "Alexandrina de Balazar"؟  الّتي عاشت أربعة عشرة سنة تتغذّى فقط من الإفخارستيّا... كم من مرّة تأثّر هؤلاء القدّيسون حتّى الدّموع في خبرتهم لهذا السّرِّ العظيم مثل كاهن آرس القدّيس. وعاشوا ساعات لا توصف من الفرح أمام القربان المقدّس، مثل راعي فاطيما الصّغير، القدّيس فرانسيسكو مارتو، الّذي اخترتموه ليكون مثالاً وشفيعًا لكم.

"كونوا قدّيسين" هذا هو أوّل ما يطلبه يسوع منكم. والثّاني: "كونوا مميّزين". أيّها الأعزّاء، كما كتبت لكم عام 2019 في الإرشاد الرّسوليّ، "Christus vivit": "لن تصبح قدّيسًا ولن تحققّ ذاتك بتقليد بالآخرين. حتّى التّشبّه بالقدّيسين لا يعني أن تُقلِّد أسلوب حياتهم أو طريقة عيشهم للقداسة: هناك شهادات مفيدة تُحفِّزنا وتحثّنا، ولكن لا لكي نسعى لتقليدها لأنَّ هذا الأمر قد يبعدنا عن المسيرة الفريدة والمميّزة الّتي يحفظها الرّبّ لنا. ولذلك عليك أن تعرف من أنت، وأن تطوّر طريقتك الشّخصيّة في أن تكون قدّيسًا، بغضّ النّظر عمّا يقوله الآخرون أو يفكّرون به. أن تصبح قدّيسًا يعني أن تصبح نفسك بشكل كامل، أن تصبح ما أراد الله أن يحلم به ويخلقه، وليس نسخة عن شخص آخر. على حياتك أن تكون حافزًا نبويًّا، يُلهم الآخرين، ويترك بصمة في هذا العالم، تلك البصمة الفريدة الّتي يمكنك وحدك أن تتركها. ولكن، إذا قلّدتَ الآخرين، فسوف تحرم هذه الأرض، والسّماء أيضًا، ممّا لا يمكن لأحد غيرك أن يقدّمه".

يكتب الطّوباويّ كارلو أكوتيس: "نولد جميعًا مميّزين، لكن كثيرون يموتون كمجرّد نسخة". لقد أراد أن يقول إنّ العديد من الشّباب، رغم أنّهم يبدون مختلفين، يصبحون في النّهاية مثل الآخرين، يركضون وراء ما يفرضه القويّ عليهم من خلال آليّات الاستهلاك والإدهاش. وبهذه الطّريقة، لا يدعون المواهب الّتي منحهم إيّاها الرّبّ تزهر، ولا يقدّمون إلى هذا العالم القدرات الشّخصيّة والفريدة الّتي زرعها الله في الجميع. لذلك من فضلكم أيّها الأعزاء، لا تسقطوا في الضّحالة، الّتي تحطُّ من قدرنا وتجعلنا رماديّين. لأنّ الحياة ليست رماديّة، وإنّما يجب أن تراهن على مُثُل عظيمة. لا تتبعوا الأشخاص السّلبيّين، بل استمرّوا في نشر النّور والرّجاء اللّذين يأتيانكم من الله! كما تعلمون، هذا الرّجاء لا يُخيِّب أبدًا! لا شيء يضيع عند الله، ولكن بدونه يضيع كلّ شيء. لا تخافوا، إذن، من أن تلقوا بنفسكم بين أحضان الآب السّماويّ، وتثقوا به، هو الّذي سيجعل من كلِّ فرد منكم القدّيس الّذي يريده.

لكي أختتم وألخِّص، أترك لكم شخصيّة مقدّسة ومميّزة لخادم ليسوع: القدّيس يوسف! قد تجدون صعوبة في رؤيته يساعد في القدّاس، ولكن إذا فكّرتم في الجهد الّذي بذله لكي يتمكّن ابن الله من أن ينزل من السّماء إلى الأرض، ويصبح إنسانًا وينمو لكي يتحوّل إلى طعامًا لحياة العالم، فسترون أنّه كان خادم مذبح رائع. وكذلك عندما تحتاجون لأن تركضوا لكي تعوّضوا عن إغفال ما أو إزاء مفاجأة ما في اللّحظة الأخيرة، فلن تجدوا صعوبة في التّعرّف على أنفسكم في القدّيس يوسف الّذي كان يبحث بقلق عن ابنه البالغ من العمر اثني عشر عامًا الّذي أضاعه في هيكل أورشليم. لم يُرِد أبدًا أن يفقد يسوع! كما أنّه لم يُرد أبدًا أن يخسر مريم خطّيبته الّتي وجدها حاملاً: لقد وضع يوسف خططه جانبًا لكي يتبع مخطط الله، وأخذ الأمّ العذراء مع طفلها إلى بيته. كذلك أيضًا لا يريد القدّيس يوسف أن يخسركم أيّها الأعزّاء الأسخياء والصّالحين؛ ولذلك ارفعوا صلاتكم بثقة إلى القدّيس يوسف وتشبّهوا به لكي تخدموا على الدّوام بشكل لائق معجزة نزول يسوع إلى الأرض الّتي تتحقق يوميًّا على مذابحنا.

ليحرس القدّيس يوسف حارس العائلة المقدّسة وشفيع الكنيسة الجامعة ويحفظ جميع خَدمة المذبح في البرتغال مع الّذين يرافقونهم ويُحفِّزونهم ويوجّهونهم، من العائلات وأساتذة التّعليم المسيحيّ إلى الهيكليّات الأبرشيّة والوطنيّة، تحت النّظرة الأبويّة لكهنة الرّعايا والكهنة الّذين أُذكِّرهم بنداء القدّيس يوحنّا بولس الثّاني: "ليرى خدمة المذابح في احتفالات أيّام الأحد العاديّة واحتفالات الأعياد،  بين أيديكم تحقّق الإفخارستيّا، وليقرأوا في وجوهكم انعكاس السّرّ، فيشعروا في قلوبكم بالدّعوة إلى حبّ أكبر. كونوا لهم آباء ومعلّمين وشهودًا للعبادة الإفخارستيّة وقداسة الحياة"".