الفاتيكان
28 تشرين الثاني 2022, 07:30

البابا فرنسيس: لنستيقظ، الرّبّ حاضر في الأمور اليوميّة

تيلي لوميار/ نورسات
تلا البابا فرنسيس ظهر اليوم الأحد صلاة التّبشير الملائكيّ مع المؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس، وقبل الصّلاة ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز":

"نسمع في الإنجيل الّذي تقدّمه لنا اللّيتورجيا اليوم وعدًا جميلًا يدخلنا في زمن المجيء: "سيَأتي ربُّكم". هذا هو أساس رجائنا، وهو ما يدعمنا أيضًا في اللّحظات الأكثر صعوبة وألمًا في حياتنا: الله آتٍ. لا ننسينَّ هذا أبدًا! إنّ الرّبّ يأتي دائمًا ويزورنا ويقترب وسيعود في نهاية الأزمنة لكي يستقبلنا في عناقه. أمام هذه الكلمة نسأل أنفسنا: كيف يأتي الرّبّ؟ وكيف نتعرّف عليه ونستقبله؟ لنتوقّف بإيجاز عند هذين السّؤالين.

السّؤال الأوّل: كيف يأتي الرّبّ؟ لقد سمعنا مرّات عديدة أنّ الرّبّ حاضر في مسيرتنا، وأنّه يرافقنا ويكلّمنا. ولكن ربّما، إذ تُشتِّتنا أمور كثيرة، تبقى هذه الحقيقة مجرّد نظريّة بالنّسبة لنا؛ أو نتخيّل أنّ الرّبّ يأتي بطريقة لافتة للنّظر، ربّما من خلال آيات عظيمة. وماذا كانوا يفعلون في أيّام نوح؟ لأنّ يسوع يقول "كما كانَ الأَمرُ في أَيَّامِ نوح". ببساطة أمور الحياة العاديّة واليوميّة: "كانوا يَأكُلونَ ويَشرَبونَ ويَتزَّوجونَ ويُزَوِّجونَ بَناتِهِم". لنأخذ هذا الأمر في الحسبان: إنّ الله يختبئ في المواقف العاديّة في حياتنا. لا يأتي في أحداث غير عاديّة، وإنّما في الأمور اليوميّة. وهناك، في عملنا اليوميّ، في لقاء عرضيّ، في وجه شخص محتاج، حتّى عندما نواجه أيّامًا تبدو رماديّة ورتيبة، هناك بالتّحديد نجد الرّبّ، الّذي يدعونا ويكلّمنا ويلهم أفعالنا.

ومع ذلك، هناك سؤال ثان: كيف نتعرّف على الرّبّ ونقبله؟ علينا أن نكون متيقّظين ومتنبّهين وساهرين. يحذّرنا يسوع: هناك خطر عدم التّنبُّه لمجيئه وأن نكون غير مستعدّين لزيارته. لقد ذكّرت مرّات أخرى بما كان يقوله القدّيس أوغسطينوس: "أخاف من أن يعبر الرّبّ"، أيّ أخشى أن يمرّ بدون أن أتعرّف عليه! في الواقع، قال يسوع عن هؤلاء الأشخاص الّذين عاشوا في زمن نوح أنّهم كانوا يَأكُلونَ ويَشرَبونَ ويَتزَّوجونَ ويُزَوِّجونَ بَناتِهِم، وما كانوا يَتَوَقَّعونَ شَيئًا، حتَّى جاءَ الطُّوفانُ فجَرَفهم أَجمَعين". لننتبه إلى هذا الأمر: ما كانوا يَتَوَقَّعونَ شَيئًا! كانوا مأخوذين بأمورهم ولم يتنبّهوا لوصول الطّوفان. في الواقع، يقول يسوع إنّه عندما سيأتي، "يَكونُ عِندَئِذٍ رَجُلانِ في الحَقْل، فيُقبَضُ أَحَدُهما ويُترَكُ الآخَر". ولكن ما هو الفرق؟ ما المقصود بذلك؟ ببساطة، أحدهما كان يقظًا وقادرًا على التّنبُّه لحضور الله في الحياة اليوميّة؛ أمّا الآخر، فكان غافلاً، يعيش كيفما كان فلم يتنبّه لأيّ شيء.

أيّها الإخوة والأخوات، في زمن المجيء هذا، لنسمح بأن نُنهَض من السّبات ولنستيقظ من النّوم! لنسأل أنفسنا: هل أنا أدرك ما أعيشه، هل أنا متنبِّه، هل أنا مستيقظ؟ هل أحاول أن أتعرّف على حضور الله في مواقف الحياة اليوميّة، أم أنّني مشتّت وتستحوذ عليَّ الأمور قليلاً؟ إذا لم نتنبّه اليوم لمجيئه، فسنكون غير مستعدّين أيضًا عندما سيأتي في نهاية الأزمنة. لذلك لنبقى ساهرين! ولتساعدنا العذراء مريم القدّيسة، امرأة الانتظار، الّتي عرفت كيف تتنبّه لمرور الله في حياة النّاصرة المتواضعة والخفيّة وقبلته في حشاها، في مسيرة التّنبُّه هذه لكي ننتظر الرّبّ الموجود بيننا والّذي سيمرّ."

بعد تلاوة صلاة التّبشير الملائكي حيّا البابا فرنسيس المؤمنين وقال: "أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، أتابع بقلق تزايد أعمال العنف والاشتباكات الّتي تحدث منذ شهور في دولة فلسطين وفي دولة إسرائيل. يوم الأربعاء الماضي، أدّى هجومان وضيعان في القدس إلى إصابة العديد من الأشخاص وقتل شابّ إسرائيليّ. وفي اليوم عينه توفّي خلال الاشتباكات المسلّحة في نابلس شابّ فلسطينيّ. إنَّ العنف يقتل المستقبل، ويحطّم حياة الشّباب ويضعف الرّجاء بالسّلام. لنصلِّ من أجل هذين الشّابّين ومن أجل عائلتيهما، ولاسيّما من أجل والدتيهما. آمل أن تركّز السّلطات الإسرائيليّة والفلسطينيّة أكثر على البحث عن الحوار وبناء الثّقة المتبادلة، الّتي بدونها لن يكون هناك أبدًا حلّ سلميّ في الأرض المقدّسة.

أنا قريب من سكّان جزيرة إيسكيا، الّتي ضربها فيضان. أُصلّي من أجل الضّحايا ومن أجل الّذين يتألّمون ومن أجل جميع الّذين تدخّلوا في عمليّات الإنقاذ. وأذكر أيضًا بوركارد شيفلر، الّذي توفّي لثلاثة أيّام مضت هنا تحت رواق ساحة القدّيس بطرس: لقد مات من البرد.

أحيّي المشاركين في المسيرة الّتي جرت هذا الصّباح للتّنديد بالعنف الجنسيّ ضدّ المرأة، الّذي هو للأسف واقع عامّ ومُنتشر في كلّ مكان ويُستخدم أيضًا كسلاح حرب. لا نتعبنَّ أبدًا من أن نقول لا للحرب، لا للعنف، نعم للحوار، نعم للسّلام ولاسيّما للشّعب الأوكرانيّ المعذّب، وقد تذكّرنا أمس مأساة المجاعة الكبرى، الهولودومور.  

أتمنّى للجميع أحدًا مباركًا، ومسيرة مجيء مباركة ومن فضلكم لا تنسوا أن تصلّوا من أجلي، إلى اللّقاء."