الفاتيكان
08 شباط 2021, 08:50

البابا فرنسيس: لنسمح ليسوع بأن يشفينا

تيلي لوميار/ نورسات
في أوّل إطلالة له هذا العام، منذ العشرين من ك1/ ديسمبر 2020، من شرفة القصر الرّسوليّ، تلا البابا فرنسيس صلاة التّبشير الملائكيّ مع المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس، ملقيًا على مسامعهم قبل الصّلاة كلمة دعاهم فيها إلى الشّهادة لحنان الله الشّافي، فقال بحسب "فاتيكان نيوز":

"يقدّم لنا إنجيل اليوم شفاء يسوع لحماةِ بطرس ومن ثمّ شفاء العديد من المرضى والمتألّمين الّذين حملوهم إليه. إنّ شفاء حماة بطرس هو الشّفاء الجسديّ الأوّل الذي يرويه الإنجيليّ مرقس: إنَّ موقف يسوع وتصرّفه إزاء المرأة الّتي كانت في الفِراشِ مَحمومَةً يشكّلان علامة مميّزة، يخبر الإنجيليّ أنّه "دَنا مِنها فَأَخَذَ بِيَدِها وَأَنهَضَها". نجد الكثير من الحنان في هذا التّصرّف البسيط الّذي يبدو طبيعيًّا: "فَفارَقَتها الحُمّى، وَأَخَذَت تَخدُمُهُم". إنَّ قوّة يسوع الشّافية لا تواجه أيّة مقاومة؛ ويستعيد الشّخص الّذي شُفي حياته الطّبيعيّة، ويفكّر فورًا في الآخرين وليس بنفسه- وهذا أمر مهمّ، فهو علامة على "الصّحّة" الحقيقيّة!

كان ذلك اليوم يوم السّبت. لقد انتظر أهل القرية غروب الشّمس ومن ثمَّ، بعد أن انتهى واجب الرّاحة، خرجوا وحملوا إِلى يَسوعَ جَميعَ المَرضى وَالمَمسوسين. فكان يشفيهم ولكنّه منع الشّياطين من أن تكشف أنّه هو المسيح. وبالتّالي، ومنذ البداية، يُظهر يسوع تفضيله للأشخاص الّذين يعانون في الجسد والرّوح: إنّه تفضيل الآب الّذي يجسّده ويظهره بالأفعال والكلمات. وكان تلاميذه شهود عيان على ذلك. لكن يسوع لم يكن يريدهم فقط كمتفرّجين على رسالته، ولكنّه أشركهم وأرسلهم وأعطاهم أيضًا السّلطان لكي يشفوا المرضى ويطردوا الشّياطين. وهذا الأمر قد استمرّ دون انقطاع في حياة الكنيسة حتّى اليوم. إنّ الاهتمام بالمرضى من جميع الأنواع ليس بالنّسبة للكنيسة مجرّد "نشاط اختياريّ"، أو أمر ثانويّ، لا، وإنّما هو جزء لا يتجزّأ من رسالتها، كما كانت رسالة يسوع: أن يحمل حنان الله إلى البشريّة المتألّمة. وهذا ما سيذّكرنا به بعد أيّام قليلة، الحادي عشر من شباط فبراير، اليوم العالميّ للمريض.

إنّ الواقع الّذي نعيشه في جميع أنحاء العالم نتيجة لهذا الوباء يجعل هذه الرّسالة آنيّة. يصبح صوت أيّوب، الّذي يتردّد صداه في اللّيتورجيا اليوم، مرّة أخرى مترجمًا لحالتنا البشريّة، السّامية في الكرامة والهشّة في الوقت عينه. إزاء هذا الواقع، يولد على الدّوام في القلب هذا السّؤال: "لماذا؟" على هذا السّؤال لا يجيب يسوع، الكلمة المتجسّد، بشرح، وإنّما بحضور محبّة تنحني، وتمسكنا بيدنا وتُنهضنا، تمامًا كما فعل مع حماة بطرس. يُظهر ابن الله سيادته ليس "من فوق"، ولا عن بُعد، وإنّما بانحنائه علينا لكي يمسكنا بيدنا، هو يُظهر سيادته في القرب والحنان والرّحمة. ويذكّرنا إنجيل اليوم أيضًا أنّ هذه الرّحمة تجد جذورها في العلاقة الحميمة مع الآب؛ لماذا؟ لأنّه وقبل الفجر وبعد غروب الشّمس، كان يسوع يخرج ويذهب إِلى مَكانٍ قَفر ليصلّي. من هناك كان يستمدُّ القوّة ليقوم بخدمته، ويعظ ويشفي.

لتساعدنا العذراء القدّيسة لكي نسمح ليسوع بأن يشفينا- نحن بحاجة لهذا الشّفاء جميعًا- لكي نكون بدورنا شهودًا لحنان الله الشّافي."

وبعد تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ، حيا الأب الأقدس العائلات والجماعات والمؤمنين، الّذين يتابعون الصّلاة عبر وسائل التّواصل الاجتماعيّ وقال: "أتابع خلال هذه الأيّام بقلق بالغ تطوّرات الأوضاع الّتي نشأت في ميانمار، البلد الّذي أحمله في قلبي منذ زيارتي الرّسوليّة له عام 2017. في هذه المرحلة الدّقيقة، أرغب في أن أؤكّد مجدّدًا قربي الرّوحيّ، وصلاتي وتضامني مع شعب ميانمار. وأصلّي لكي يضع أصحاب المسؤوليّة في البلاد أنفسهم بجهوزيّة صادقة في خدمة الخير العامّ ويعزِّزوا العدالة الاجتماعيّة والاستقرار الوطنيّ من أجل تعايش ديمقراطي متناغم. لنصلِّ من أجل ميانمار.

أرغب في أن أوجّه نداء لصالح المهاجرين القاصرين غير المصحوبين بذويهم. إنّهم كثيرون جدًّا! للأسف، من بين الّذين اضطرّوا لأسباب مختلفة لترك وطنهم، هناك دائمًا العشرات من الأطفال والشّباب الّذين يسافرون بمفردهم، بدون عائلاتهم ويتعرّضون لمخاطر كثيرة. خلال الأيّام الأخيرة، تمَّ إبلاغي بالوضع المأساويّ للأشخاص الموجودين على ما يُعرف بـ"مسار البلقان". ولكن هناك أشخاص أيضًا على جميع المسارات الأخرى. لنعمل لكي لا تغيب أبدًا الرّعاية المناسبة والقنوات الإنسانيّة التّفضيليّة لهذه المخلوقات الهشّة والضّعيفة.

يُحتفل اليوم في إيطاليا بيوم الحياة حول موضوع "الحرّيّة والحياة". أتّحد مع الأساقفة الإيطاليّين في تذكّر أن الحرّيّة هي العطيّة العظيمة الّتي منحنا الله إيّاها لكي نسعى إلى تحقيق خيرنا وخير الآخرين، بدءًا من الخير الأساسيّ للحياة. وبالتّالي علينا أن نساعد مجتمعنا على التّعافي من جميع الاعتداءات على الحياة، لكي تتمّ حمايتها في جميع مراحلها. وأسمح لنفسي بأن أُضيف أمرًا يقلقني: إنّه الشّتاء الدّيموغرافيّ الإيطاليّ. إنَّ الولادات في إيطاليا قد تراجعت، وأصبح المستقبل في خطر. لنأخذ هذا القلق على عاتقنا ولنسعَ لكي ينتهي هذا الشّتاء الدّيموغرافيّ ويزهر ربيع جديد من الأطفال.

يُحتفل غدًا في ذكرى القدّيسة جوزفين بخيتا، الرّاهبة السّودانيّة الّتي عرفت إهانات وآلام العبوديّة، بيوم الصّلاة والتّأمّل ضدّ الاتجار بالبشر. إنَّ الهدف هذا العام هو العمل من أجل اقتصاد لا يعزّز، حتّى بشكل غير مباشر، هذا الإتجار الوضيع، أيّ اقتصاد لا يحوّل الرّجال والنّساء أبدًا إلى سلعة، أو إلى شيء، وإنّما أن يكون هدفه على الدّوام خدمة الإنسان. لنطلب من القدّيسة جوزفين بخيتا أن تساعدنا في ذلك."