البابا فرنسيس: ما كان سرّ مريم "الممتلئة نعمة"؟
"نتأمَّل اليوم جمال مريم الّتي حُبل بها بلا دنس، والإنجيل الّذي يخبر حدث البشارة يساعدنا كي نفهم ما نحتفل به لاسيّما من خلال سلام الملاك الّذي يتوجَّه إلى مريم بكلمة يصعب ترجمتها وتعني "الّتي تفيض بالنّعمة" و"المخلوقة من النّعمة" و"الممتلئة نعمة". قبل أن يدعوها باسمها يدعوها "ممتلئة نعمة" مُظهرًا هكذا الاسم الجديد الّذي أعطاها الله إيّاه والّذي يلائمها أكثر من الاسم الّذي أعطاها إيّاه والداها. ونحن أيضًا ندعوها هكذا في كلّ مرّة نتلو صلاة "السّلام عليك".
وتابع متسائلاً: "ما معنى القول "ممتلئة النّعمة"؟"، وأجاب: "يعني أنّ مريم ممتلئة من حضور الله، وإن كان الله يقيم فيها فلا مكان للخطيئة فيها. إنّه أمر رائع لأنَّ كلَّ شيء في العالم، وللأسف، ملوَّث بالشّرّ. كلٌّ منّا، إذا نظر في داخله، يرى جوانب مُظلِمة. حتّى أكبر القدّيسين كانوا خطأة وجميع الوقائع، حتّى الأجمل منها، يؤثِّر عليها الشّرّ: كلّها ما عدا مريم. هي وحدها الطّاهرة، المخلوقة بلا دنس لتقبل بالكامل، بالـ "نعم" الّتي قالتها، الله الّذي يأتي إلى العالم.
وفي كلِّ مرّة نعترف بها "ممتلئة نعمة" نقدّم لها المديح الأعظم الّذي قدّمه لها الله أيضًا. أجمل مديح يمكننا أن نقدّمه لسيّدة هو أن نقول لها إنّها تبدو شابّة. وعندما نقول لمريم إنّها ممتلئة نعمة نعترف بأنّها شابّة على الدّوام وأنَّ الخطيئة لن تجعلها تشيخ أبدًا. هناك أمر واحد يجعلنا نشيخ ونهرم وليس العمر بل الخطيئة. الخطيئة تجعلنا نشيخ لأنّها تُحجِّر القلب، تُغلقه وتجعله جامدًا وتجعله يذبُل. لكنَّ الممتلئة نعمة خالية من الخطيئة وبالتّالي شبابها دائم.
وتمدح الكنيسة مريم اليوم وتدعوها الكلّيَّة الجمال؛ وكما أنَّ شبابها ليس في عمرها هكذا أيضًا جمالها ليس خارجيًّا. مريم، كما يُظهر إنجيل اليوم، لا تمتاز عن الآخرين بمظهرها: كانت من عائلة بسيطة، وكانت تعيش بتواضع في النّاصرة قرية صغيرة غير معروفة، ولم تكن مشهورة. وبالرّغم من ذلك عاشت الممتلئة نعمة حياة جميلة. ما كان سرُّها؟ يمكننا أن نفهمه بالنّظر إلى حدث البشارة. في رسومات عديدة تظهر مريم جالسة أمام الملاك ومعها كتاب صغير. هذا الكتاب هو الكتاب المقدّس. هكذا كانت مريم معتادة على الإصغاء لله والتّحدُّث معه. كلمة الله كانت سرّها: وإذ كانت قريبة من قلبها تجسّدت في أحشائها. من خلال إقامتها مع الله وحوارها الدّائم معه جعلت مريم حياتها جميلة".
وخلص البابا فرنسيس إلى القول "لننظر اليوم بفرح إلى الممتلئة نعمة ولنطلب منها أن تساعدنا كي نبقى شبابًا بقولنا "لا" للخطيئة ونعيش حياة جميلة بقولنا "نعم" لله.
هذا ويتوجّه البابا فرنسيس عصرًا إلى إسبانيا ليجدّد فعل التّكريم والصّلاة عند أقدام تمثال العذراء سلطانة الحبل بلا دنس، سائلاً الحاضرين أن يتّحدوا معه بالإكرام البنويّ لمريم العذراء.
