الفاتيكان
31 تموز 2023, 06:30

البابا فرنسيس مصلّيًا في ذكرى 4 آب: آمل أن تجد أزمة لبنان المعقّدة حلّاً يليق بتاريخ وقيم ذلك الشّعب

تيلي لوميار/ نورسات
"ستصادف يوم الرّابع من آب أغسطس المقبل ذكرى مرور ثلاث سنوات على الانفجار المدمّر في ميناء بيروت. أجدّد صلاتي من أجل الضّحايا وعائلاتهم الّتي تبحث عن الحقيقة والعدالة، وآمل أن تجد أزمة لبنان المعقّدة حلّاً يليق بتاريخ وقيم ذلك الشّعب. لا ننسينَّ أبدًا أن لبنان هو أيضًا رسالة".

هذا الكلام قاله البابا فرنسيس ظهر الأحد في ختام صلاة التّبشير الملائكيّ مؤكّدًا مرّة جديدة أنّ لبنان حاضر دائمًا في صلاته.

وكان البابا قد تلا صلاة التّبشير الملائكيّ ظهرًا في ساحة القدّيسة بطرس، حيث ألقى على مسامع المؤمنين كلمة قبيل الصّلاة قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز": "يروي إنجيل اليوم مثل تاجر كانَ يَطلُبُ ٱللُّؤلُؤَ الكَريم. ويقول يسوع إنّه "وَجَدَ لُؤلُؤةً ثَمينَة، فَمضى وَباعَ جَميعَ ما يَملِكُ وَاشتَراها". لنتوقّف قليلاً عند تصرّفات هذا التّاجر، الّذي يبحث أوّلاً ثمّ يجد وأخيرًا يشتري.

التّصرّف الأوّل: النّظر. إن تاجرنا هو تاجر مغامر، لا يراوح مكانه بل يخرج من البيت وينطلق بحثًا عن اللّآلئ الثّمينة. فهو لا يقول: "تكفيني اللّآلئ الّتي أملكها"، بل يبحث عن لآلئ أجمل منها. وهذه هي دعوّة لنا لكي لا ننغلق في العادة والرّوتين، وفي رداءة الّذين يكتفون بأيّ شيء، وإنّما لكي نعيد إحياء الرّغبة: لتعزيز أحلام الخير، والبحث عن حداثة الرّبّ، لأنّ الرّبّ ليس تكراريًّا، بل يحمل الحداثة على الدّوام ويجدّد وقائع الحياة.

إنّ تصرّف التّاجر الثّاني هو أن يجد. إنّه شخص متنبّه ويقظ، ويعرف كيف يتعرّف على لؤلؤة ذات قيمة كبيرة. وهذا الأمر ليس سهلاً. لنفكّر، على سبيل المثال، في البازارات الشّرقيّة الرّائعة، حيث الأكشاك المليئة بالبضائع تزدحم على طول جدران الشّوارع المليئة بالنّاس؛ أو في بعض الأكشاك الّتي نراها في العديد من المدن، والمليئة بالكتب والأشياء المختلفة. في بعض الأحيان في هذه الأسواق، إذا توقّفتَ ونظرتَ جيّدًا، يمكنك أن تكتشف كنوزًا: أشياء ثمينة، مجلدات نادرة، تختلط مع جميع الأمور الأخرى، ولا يمكن رؤيتها من النّظرة الأولى. لكن التّاجر في المثل لديه عين ثاقبة ويعرف كيف يجد و"يميّز" اللّؤلؤة. هذا هو أيضًا درس لنا: كلّ يوم، في البيت، في الشّارع، في العمل، وحتّى في الإجازة، لدينا الإمكانيّة لكي نتنبّه للخير. ومن المهمّ أن نعرف كيف نجد ما يهمّ، وأن نتمرّن على التّعرّف على جواهر الحياة الثّمينة وتمييزها عن الحُلي الرّخيصة. فلا نضيعنَّ إذن الوقت والحرّيّة في الأشياء التّافهة، والتّسليات الّتي تتركنا فارغين من الدّاخل، بينما تقدم لنا الحياة كلّ يوم لؤلؤة اللّقاء مع الله ومع الآخرين!

التّصرّف الأخير: اشترى التّاجر اللّؤلؤة. إذ تنبّه لقيمتها الهائلة، باع كلّ شيء، وضحّى بكلّ شيء من أجل الحصول عليها. غيَّر بضائع مستودعه بشكل جذريّ؛ فلم يبقَ فيها إلّا تلك اللّؤلؤة: إنّها ثروته الوحيدة، معنى حاضره ومستقبله. هذه أيضًا هي دعوة لنا. ولكن ما هي هذه اللّؤلؤة الّتي يمكن للمرء أن يتخلّى عن كلّ شيء من أجلها، والّتي يحدّثنا الرّبّ عنها؟ إنّه هو نفسه، يسوع! هو لؤلؤة الحياة الثّمينة الّتي علينا أن نبحث عنها ونجدها ونجعلها خاصّتنا. وبالتّالي يستحقّ الأمر أن نستثمر كلّ شيء فيه لأنّ الحياة تتغيّر عندما نلتقي بالمسيح.

لنستعد إذن تصرّفات التّاجر الثّلاث- البحث والعثور والشّراء- ولنسأل أنفسنا بعض الأسئلة. البحث: في حياتي، هل أنا في حالة بحث؟ هل أشعر أنّني على ما يرام، وبأنّني وصلت، هل أنا مكتفٍ، أم أنّني أدرَّب رغبتي في فعل الخير؟ التّصرّف الثّاني، العثور: هل أتمرّن على تمييز ما هو صالح ويأتي من الله، وأعرف كيف أتخلّى عن ما لا يترك لي إلّا القليل أو لا شيء أبدًا؟ أخيرًا، الشّراء: هل أعرف كيف أبذل نفسي في سبيل يسوع؟ هل يأتي في المرتبة الأولى بالنّسبة لي، وهل هو الخير الأعظم في حياتي؟ سيكون من الجيد أن نقول له اليوم: "يا يسوع، أنت خيري الأعظم".

لتساعدنا العذراء مريم في البحث عن يسوع وإيجاده ومعانقته بكامل كياننا."

وبعد تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ حيا البابا فرنسيس المؤمنين، وقال: "أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، يحتفل اليوم بيومين عالميّين أسّستهما الأمم المتّحدة يوم الصداقة ويوم مكافحة الاتجار بالبشر. الأوّل يعزّز الصّداقة بين الشّعوب والثّقافات؛ والثّاني يكافح الجريمة الّتي تجعل الأشخاص سلعة. إنَّ الاتجار بالبشر هو حقيقة مروعة تطال الكثير من الأشخاص: أطفال ونساء وأحفاد وعمّال... أشخاص كثيرون يتمَّ استغلالهم. ويعيشون جميعًا في ظروف غير إنسانيّة ويعانون بسبب لامبالاة وتهميش المجتمع. هناك الكثير من الاتجار في العالم اليوم. ليبارك الله الّذين يلتزمون في مكافحة الاتجار بالبشر.

لا نتوقفنَّ عن الصّلاة من أجل أوكرانيا المعذّبة، حيث تدمّر الحرب كلّ شيء، حتّى القمح. إنّها إهانة جسيمة ضدَّ الله، لأنّ القمح هو عطيّة منه لإطعام البشريّة؛ وصراخ ملايين الإخوة والأخوات الّذين يعانون من الجوع يرتفع إلى السّماء. أناشد إخوتي سلطات الاتّحاد الرّوسيّ لكي تتمَّ استعادة مبادرة البحر الأسود ويصار إلى نقل القمح بأمان."

وخلص البابا فرنسيس إلى القول: "أطلب منكم أن ترافقوني بالصّلاة في زيارتي إلى البرتغال، الّتي سأقوم بها ابتداءً من الأربعاء المقبل، بمناسبة اليوم العالميّ للشّباب. سيختبر العديد من الشّباب، من جميع القارّات، فرح اللّقاء بالله والإخوة، تُرشدهم العذراء مريم الّتي "قَامَت فمَضَت مُسرِعَةً" بعد البشارة. إليها هي نجمة المسيرة المسيحيّة المشرقة، والمكرّمة جدًّا في البرتغال، أوكل حجّاج اليوم العالميّ للشّباب وجميع شباب العالم".