الفاتيكان
21 أيلول 2023, 08:45

البابا فرنسيس يجدّد حلم البابا يوحنّا الثّالث والعشرين في الرّسالة العامّة "السّلام في الأرض"

تيلي لوميار/ نورسات
لمناسبة مرور ٦٠ سنة على صدور الرّسالة العامّة "السّلام في الأرض" للبابا يوحنّا الثّالث والعشرين، نظّمت الأكاديميّة الحبريّة للعلوم الاجتماعيّة بالتّعاون مع معهد أوسلو لبحوث السّلام لقاءً يومَي ١٩ و٢٠ أيلول سبتمبر بعنوان "السّلام في الأرض: الحرب والعقبات الأخرى أمام السّلام".

وإلى رئيس الأكاديميّة الحبريّة الكاردينال بيتر توركسون وجه البابا فرنسيس رسالة بدأها- نقلاً عن "فاتيكان نيوز"- "بتحيّة حارّة إلى جميع المشاركين في هذا اللّقاء الّذي يتميّز بآنيّة كبيرة في عالم يواصل كونه في قبضة حرب عالميّة ثالثة مجزّأة لا تخلو، وكما هي الحال في الحرب الدّائرة في أوكرانيا، من خطر استخدام الأسلحة النّوويّة.

وتابع الأب الأقدس أنّ الأوضاع الحاليّة في عالمنا تشبه تلك في الفترة الّتي سبقت صدور الرّسالة العامّة "السّلام في الأرض"، وذكَّر البابا هنا بأزمة الصّواريخ في كوبا في تشرين الأوّل أكتوبر ١٩٦٢ الّتي حملت العالم على شفا دمار نوويّ كبير، وأضاف البابا أنّه وبعد هذا الخطر لم يزدد فقط كمّ وقوّة الأسلحة النّوويّة بل تطوّرت تقنيّات سلاح أخرى، وتعرّض للضّغط أيضًا الاتّفاق على حظر الأسلحة الكيمياويّة. واليوم ومع القوى التّدميريّة الرّهيبة للأسلحة الحديثة، تابع البابا فرنسيس، نحن في حاجة أشدّ من أيّ وقت آخر إلى تحذير البابا يوحنّا الثّالث والعشرين النّبويّ حين شدّد على أنّ العلاقات بين الدّول وبين الأفراد يجب أن تدار لا بقوّة السّلاح بل في تماشٍ مع مبادئ الحقّ والعدالة والتّعاون الصّادق. ومن هذا المنطلق يرى البابا فرنسيس أنّ من المحبّذ للّقاء المذكور حول الرّسالة العامّة "السّلام في الأرض" أن يركّز التّأمّل في تلك الأجزاء من الرّسالة الّتي تتطرّق إلى نزع السّلاح والطّريق نحو سلام دائم. وأعرب الأب الأقدس في هذا السّياق عن الرّجاء في أن تتضمن توصيات اللّقاء وتحليل المخاطر العسكريّة وتلك المرتبطة باستخدام التّقنيّات بشكل يهدّد السّلام، تأمّلات أخلاقيّة حول الأخطار المرتبطة بمواصلة امتلاك أسلحة نوويّة، وحول الحاجة العاجلة إلى تطوّرات متجدّدة في مجال نزع السّلاح، وأيضًا حول إطلاق مبادرات لبناء السّلام. وذكَّر البابا في هذا السّياق بحديثه عن كون استخدام الطّاقة النّوويّة لأهداف حربيّة غير أخلاقي، ما ينطبق أيضًا على امتلاك الأسلحة النّوويّة. وواصل قداسته مؤكّدًا مسؤوليّتنا جميعًا عن مواصلة القناعة بأنّ عالمًا خاليًّا من الأسلحة النّوويّة هو ممكن وضروريّ، وشدّد هنا على الدّور الأساسيّ لعمل الأمم المتّحدة والمنظّمات التّابعة لها من أجل زيادة الوعي وتعزيز إجراءات نظاميّة في هذا المجال.

هذا وتوقّف البابا فرنسيس في رسالته عند قضيّة هامّة ألا وهي أنّ المخاوف من التّبعات الأخلاقيّة للأسلحة النّوويّة يجب ألّا تحجب الانتباه إلى المشاكل الأخلاقيّة العاجلة المرتبطة باستخدام ما تُعرف بالأسلحة التّقليديّة، والّتي يجب استخدامها للدّفاع فقط لا ضدّ أهداف مدنيّة. وأعرب الأب الأقدس في هذا السّياق عن الرّجاء في أن يقود تأمّل مستدام في هذا الموضوع إلى اتّفاق على أنّ هذه الأسلحة، بما لديها من قدرات تدميريّة، لن تُستخدم بأشكال يمكنها أن تسفر عن إصابات مفرطة أو معاناة غير مبرَّرة حسبما جاء في إعلان سان بطرسبورغ من سنة ١٨٦٨. وأضاف الأب الأقدس أنّ المبادئ الإنسانيّة الّتي حفّزت هذه الكلمات في تلك الفترة تظلّ صالحة اليوم.

وفي ختام الرّسالة الّتي وجّهها إلى الكاردينال بيتر توركسون رئيس الأكاديميّة الحبريّة للعلوم الاجتماعيّة، لمناسبة تنظيم الأكاديميّة بالتّعاون مع معهد أوسلو لبحوث السّلام بعنوان "السّلام في الأرض: الحرب والعقبات الأخرى أمام السّلام" وذلك في الذّكرى السّتّين لصدور الرّسالة العامّة "السّلام في الأرض" للبابا يوحنّا الثّالث والعشرين، أعرب البابا فرنسيس عن تقديره للمشاركين في اللّقاء وذلك انطلاقًا من الوعي بأهمّيّة المواضيع قيد المناقشة. وأراد قداسته تجديد الرّجاء الّذي أعرب عنه البابا يوحنّا الثّالث والعشرون في ختام الرّسالة العامّة، أيّ أن يعانق البشر جميعًا أحدهم الآخر كأخوة وأخوات، وأن يزدهر ويسود السّلام المنشود، بقوّة الله وإلهامه. ثمّ بارك الأب الأقدس الجميع."