الفاتيكان
15 آذار 2021, 07:30

البابا فرنسيس يوجّه نداء من أجل سوريا

تيلي لوميار/ نورسات
"الإخوة والأخوات الأعزّاء، لعشر سنوات خلت، بدأ الصّراع الدّمويّ في سوريا، الّذي تسبّب في أحد أخطر الكوارث الإنسانيّة في عصرنا. عدد غير محدّد من القتلى والجرحى، وملايين اللّاجئين، وآلاف المختفين، دمار، وعنف من جميع الأنواع، ومعاناة هائلة لجميع السّكّان، ولاسيّما للفئات الأكثر ضعفًا، مثل الأطفال والنّساء والمسنّين. أجدّد ندائي لأطراف النّزاع لكي يُظهروا بوادر حسن النّيّة، لكي ينفتح بصيص أمل للسّكّان المنهكين. كما آمل في الحصول على التزام بناء وداعم حاسم ومتجدّد من قبل الجماعة الدّوليّة، لكي وإذ تُلقى الأسلحة يصبح من الممكن إصلاح النّسيج الاجتماعيّ والبدء في إعادة الإعمار والانتعاش الاقتصاديّ. لنصلِّ جميعًا إلى الرّبّ لكي لا تُنسى المعاناة الكثيرة في سوريا الحبيبة والمعذّبة، ولكي يُنعش تضامننا الرّجاء. لنصلِّ معًا من أجل سوريا الحبيبة والمعذّبة."

هذا النّداء أطلقه البابا فرنسيس ظهر الأحد في الفاتيكان بعد صلاة التّبشير الملائكيّ، رافعًا الصّلاة على نيّة سوريا وشعبها.

وكان البابا قد ألقى قبيل الصّلاة كلمة روحيّة جاء فيها بحسب "فاتيكان نيوز": "في هذا الأحد الرّابع من زمن الصّوم الكبير تبدأ اللّيتورجيا الإفخارستيّة بهذه الدّعوة: "إفرحي يا أورشليم...". ولكن ما هو سبب هذا الفرح، وسط زمن الصّوم الكبير؟ يخبرنا إنجيل اليوم: "َإِنَّ اللهَ أَحبَّ العالَمَ، حتَّى إِنَّه جادَ بِابنِه الوَحيد، لِكَي لا يَهلِكَ كُلُّ مَن يُؤمِنُ بِه، بل تكونَ له الحياةُ الأَبدِيَّة". هذه الرّسالة المبهجة هي قلب الإيمان المسيحيّ: لقد وجدت محبّة الله ذروتها في عطية الابن للبشريّة الضّعيفة والخاطئة.

هذا ما يظهر من الحوار اللّيليّ بين يسوع ونيقوديمس، والّذي يصف المقطع الإنجيليّ جزءًا منه. كان نيقوديمس، مثل كلّ فرد من شعب إسرائيل، ينتظر المسيح، ويصفه بأنّه رجل قويّ سيّدين العالم بقوّة. لكن يسوع قد وضع هذا التّوقّع في أزمة من خلال تقديم نفسه تحت ثلاثة جوانب: جانب ابن الإنسان الّذي سيُرفع على الصّليب؛ جانب ابن الله الّذي أُرسل إلى العالم للخلاص. وجانب النّور الّذي يميّز الّذي يتبع الحقّ من الّذي يتبع الكذب. لنرى هذه الجوانب الثّلاثة: ابن الإنسان، ابن الله والنّور.

يقدّم يسوع نفسه أوّلاً على أنّه ابن الإنسان. يلمِّح النّصّ إلى قصّة الحيّة النّحاسيّة الّتي رفعها موسى بمشيئة الله في الصّحراء عندما هجمت الأفاعي السّامّة على الشّعب، وكان كلّ مَن لُدِغَ وَنَظَرَ إِلى الحيّة النّحاسيّة يَحْيَا. وبالطّريقة عينها، رُفع يسوع على الصّليب، ومن آمن به كان يُشفى من الخطيئة ويحيا.

الجانب الثّاني هو جانب ابن الله. إنَّ الله الآب قد أحبّ البشر لدرجة أنّه "أعطى" ابنه: لقد أعطاه في التّجسّد وأعطاه في تسليمه له إلى الموت. والهدف من عطيّة الله هو الحياة الأبديّة للبشر: في الواقع، لقد أرسل الله ابنه إلى العالم لا ليدينه، وإنّما لكي يتمكّن العالم من أن يخلُص بواسطة يسوع؛ ورسالة يسوع هي رسالة خلاص للجميع.

أمّا الإسم الثّالث الّذي ينسبه يسوع إلى نفسه فهو "نور". ويقول الإنجيل: "إنَّ النُّورَ جاءَ إِلى العالَم، ففضَّلَ النَّاسُ الظَّلامَ على النُّور". إنَّ مجيء يسوع إلى العالم يولِّد خيارًا: من يختار الظّلمة يواجه دينونة الإدانة، ومن يختار النّور يكون له دينونة الخلاص. إنَّ الدّينونة هي نتيجة الاختيار الحرّ لكلِّ فرد: من يمارس الشّرّ يسعى إلى الظّلام، ومن يفعل الحقّ، أيّ من يمارس الخير، يأتي إلى النّور. ومن يسير في النّور، ومن يقترب من النّور، يعمل أعمالاً صالحة. وهذا ما قد دُعينا للقيام به بمزيد من الالتزام خلال زمن الصّوم الكبير: علينا أن نقبل النّور في ضميرنا لكي نفتح قلوبنا لمحبّة الله اللّامتناهية، ورحمته المليئة بالحنان والصّلاح ومغفرته. وهكذا سنجد الفرح الحقيقيّ وسنفرح بمغفرة الله الّتي تجدّد وتعطي الحياة.

لتساعدنا مريم الكلّيّة القداسة لكي لا نخاف من أن "يضعنا يسوع في أزمة". إنّها أزمة سليمة من أجل شفائنا ولكي يكون فرحنا كاملاً."

هذا وذكّر البابا بعد الصّلاة أيضًا بعيد القدّيس يوسف الّذي يصادف يوم الجمعة المقبل، مشيرًا إلى افتتاح سنة عائلة "فرح الحبّ" للمناسبة، "سنة خاصّة للنّموّ في الحبّ العائليّ"، فدعا "إلى دفع راعويّ متجدّد وخلّاق لكي نضع العائلة في محور اهتمام الكنيسة والمجتمع"، مصلّيًا "لكي تشعر كلّ عائلة في بيتها بالحضور الحيّ لعائلة النّاصرة المقدّسة التي تملأ جماعاتنا البيتيّة الصّغيرة بالحبّ الصّادق والسّخيّ، مصدر الفرح حتّى في وسط المحن والصّعوبات".