البابا لقادة الأديان العالميّة والتّقليديّة: لنتكلّم بصوت واحد أينما يهدّد الخطر الكرامة البشريّة
هذا وركّز البابا على كلمة تآزر والتّي تعني "العمل معًا"، مشدّدًا على أنّ "كلّ تحفيز دينيّ حقيقيّ يقوّي الحوار والتّعاون القائمَين على الوعي بعلاقات الاعتماد المتبادل الّتي تربط بين الأشخاص والأمم. إنّ العمل معًا في تناغم، ومن وجهة النّظر هذه، ليس مجرّد اختيار برغماتيّ بل هو انعكاس لنظام الواقع العميق في تماشٍ مع عيشنا المشترك كأعضاء في عائلة بشريّة واحدة. إنّ هذا الوعي ينعش حسّ تضامن عميقًا والقناعة بأنّنا مسؤولون أحدنا عن الآخر حسبما كتب البابا القدّيس يوحنّا بولس الثّاني."
وأوضح الأب الأقدس أنّ "التّضامن هو اشتراك في العمل وعيش خبرة محبّة القريب كمحبّة أنفسنا على الصّعيد العالميّ. إنّ التّعاون ليس دعوة إلى إزالة الاختلافات بل بالأحرى إلى معانقة التّنوّع كمصدر إثراء متبادل."
ولفت بحسب "فاتيكان نيوز"، إلى أنّ "الكنيسة الكاثوليكيّة لا ترذل شيئًا ممّا هو حقّ ومقدّس في الدّيانات الأخرى وتسعى إلى تعزيز حقيقيّ للتّآزر من خلال حمل العطايا الخاصّة لكلّ تقليد إلى طاولة اللّقاء، حيث يساهم كلّ دين بحكمته الفريدة وشغفه في خدمة الخير العامّ. ومن وجهة النّظر هذه، فإنّ التّآزر من أجل المستقبل ليس شعارًا مجرّدًا بل هو واقع حيّ حمل بالفعل ثماره."
وذكَّر الأب الأقدس بلقاء الصّلاة الّذي جمع القادة الدّينيّين في أسيزي سنة ١٩٨٦ بدعوة من البابا القدّيس يوحنّا بولس الثّاني، وقال: "إنّ هذا اللّقاء قد أثبت أنّه لا يمكن أن يكون هناك سلام بين الأمم بدون سلام بين الأديان."
ثمّ توقّف عند توقيع وثيقة الأخوّة الإنسانيّة في أبو ظبي عام 2019 بين البابا فرنسيس وشيخ الأزهر أحمد الطّيّب، والّتي بتعبيره "أوضحت كيف يمكن للتّعاون بين الأديان أن يسير إلى الأمام بالسّلام والتّعايش العالميَّين."
وأضاف: "لقد لمسنا الرّوح ذاتها خلال المؤتمر الأخير، السّابع، لقادة الأديان العالميّة والتّقليديّة الّذي عُقد سنة ٢٠٢٢، حيث اشترك قادة ديانات مختلفة، ومن بينهم البابا فرنسيس، في إدانة العنف والتّطرّف ودعوا إلى العناية باللّاجئين وطالبوا جميع الزّعماء بالعمل معًا من أجل السّلام. إنّ هذه الالتزامات رفيعة المستوى تنعكس في أفعال ملموسة."
وواصل رسالته: "إنّ المستقبل الّذي نتخيّله، مستقبل السّلام والأخوّة والتّضامن، يدعو إلى التزام كلّ الأيادي والقلوب. وإنّ القادة الدّينيّين حين يدافعون معًا عن أكثر الأشخاص هشاشة في المجتمع، ويتشاركون في غرس الأشجار للعناية ببيتنا المشترك أو يرفعون صوتًا واحدًا لدعم الكرامة البشريّة فإنّهم يقدّمون شهادة لحقيقة كون الإيمان يوحّد أكثر من كونه يفرّق. وهكذا فإنّ التّعاون يصبح بذرة رجاء قويّة للبشريّة كلّها كاشفًا أنّ الأديان في جوهرها ليست سبب نزاع بل هي ينبوع مداواة ومصالحة."
وإختتم الرّسالة معربًا عن ثقته بأنّ "أعمال هذا المؤتمر ستحفّزنا على العمل بلا كلل من أجل التّناغم وخلق تآزر من أجل السّلام، ساعين دائمًا إلى المحبّة والقرب ممّن يعانون"، داعيًا إلى الصّلاة "جنبًا إلى جنب"، وإلى الخدمة "كتفًا جنب الأخرى"، وإلى التّكلّم "بصوت واحد أينما يهدّد الخطر الكرامة البشريّة".