الفاتيكان
14 تموز 2025, 06:30

البابا: هناك حاجة اليوم إلى ثورة المحبّة

تيلي لوميار/ نورسات
في رعيّة القدّيس تومّازو دا فيلّانوفا في كاستيل غاندولفو، أصغت الآذان بتمعّن وتركيز فائقين إلى عظة البابا لاون الرّابع عشر- خلال القدّاس الإلهيّ الّذي ترأّسه صباح الأحد- حول مثل "السّامريّ الصّالح"، "أحد أجمل الأمثال الّتي رواها يسوع"، فـ"هذه القصّة لا تزال تسائل حياتنا اليوم أيضّا وتهزّ هدوء ضمائرنا النّائمة أو المشتّتة".

وقال البابا في عظته: "إنّ الشّفقة هي محور هذا المثَل الّذي يسلّط الضّوء قبل كلّ شيء على النّظرة. فأمام رجل جريح ملقى على جانب الطّريق كان وقع بأيدي اللّصوص، يروي المَثل أنّ كاهنًا "رآه فمالَ عنه ومضى"، وأنّ لاويًا "رآه فمالَ عنه ومضى"، أمّا السّامريّ، وكما جاء في الإنجيل، "رَآهُ فأَشفَقَ علَيه" (لوقا ١٠، ٣٣). 

إنّ النّظرة تُحدث الفرق لأنّها تعبّر عمّا في القلب: يمكن أن نرى ونمضي أو أن نرى ونشعر بالشّفقة. هناك نظرة خارجيّة، مشتّتة ومتسرّعة، نظرة تتظاهر بأنّها لا ترى؛ وهناك نظرة بعيني القلب، نظرة أعمق، تتعاطف، تسائل حياتنا ومسؤوليّتنا.

النّظرة الأولى الّتي يريد المثَل أن يحدّثنا عنها هي نظرة الله نحونا لكي نتعلّم نحن أيضًا أن تكون لدينا نظرته نفسها الممتلئة محبّة وشفقة، بعضنا لبعض."

وتابع البابا بحسب "فاتيكان نيوز" مشيرًا إلى أنّ "الله نظر إلينا برأفة، وفي يسوع، السّامريّ الصّالح، جاء ليشفي جراحنا ويصبّ علينا زيت محبّته ورحمته. إنّ البابا فرنسيس قد ذكّرنا مرّات عديدة بأنّ الله رحمة ورأفة."

وأضاف: "هذا المثَل يشكّل تحدّيًا أيضًا لكلّ واحد منّا. إنّ الإيمان بالمسيح واتّباعه مثل تلاميذه يعني أن تكون لدينا مشاعره نفسها: قلب يشعر، نظرة ترى ولا تمضي، يدان تساعدان وتخففان الجراح، وكتفان قويّان تحملان عبء من في عوز.

إنّ القراءة الأولى الّتي استمعنا إليها تقول لنا أن حفظ وصايا الرّبّ لا يعني تكثيف أعمال خارجيّة، بل العودة إلى القلب، كي نكتشف أنّ هناك كتب الله شريعة المحبّة. فإذا اكتشفنا في أعماق حياتنا أنّ المسيح، كسامريّ صالح، يحبّنا ويعتني بنا، سنحبّ نحن أيضًا بالطّريقة نفسها ونصبح شفوقين مثله.

هناك حاجة اليوم إلى ثورة المحبّة هذه. اليوم، هناك أشخاص كثيرون يرزحون تحت عبء المعاناة والفقر، كثيرون أثقلتهم المصاعب أو جرحتهم ظروف الحياة؛ شعوب كثيرة ضحايا أنظمة سياسيّة قمعيّة، وحرب تقتل أحلامهم وحياتهم. ونحن ماذا نفعل؟ أنرى ونمضي، أم نفتح قلبنا مثل السّامريّ؟ وفي بعض المرّات نكتفي فقط بالقيام بواجبنا أم نعتبر قريبنا فقط مَن يفكّر مثلنا، من لديه الجنسيّة نفسها أو الدّيانة نفسها؛ غير أنّ يسوع يقلب النّظرة، ويقدّم سامريًّا، غريبًا، يصبح قريبًا لذاك الرّجل الجريح. ويطلب منّا أن نفعل الأمر نفسه." 

وأضاف البابا لاوُن الرّابع عشر: "أن نرى من دون أن نمضي، أن ندع حياة الآخر أيًّا كان، باحتياجاته ومعاناته، تلمس قلبنا: إنّ ذلك يجعلنا قريبين بعضنا لبعض ويولّد أخوّة حقيقيّة ويهدم الجدران والحواجز. وهكذا تصبح المحبّة أقوى من الشّرّ والموت."

وأنهى داعيًا: "لننظر إلى المسيح السّامريّ الصّالح ولنستمع اليوم أيضًا إلى صوته يقول لكلّ واحد منّا: "اِذْهَبْ فاعمَلْ أَنتَ أَيضاً مِثْلَ ذلك" (لوقا ١٠، ٣٧)."