العراق
31 كانون الثاني 2023, 09:45

البطريرك ساكو في أوّل يوم صوم باعوثا: علينا الاهتمام بالمضمون والرّوح وليس بالقشور

تيلي لوميار/ نورسات
مع بداية صوم باعوثا، دعا بطريرك الكلدان إلى الاهتمام بالمضمون والرّوح وليس بالقشور، فكتب بحسب إعلام البطريركيّة:

"علينا الاهتمام بالمضمون والرّوح، وليس بالقشور كما فهم البعض من قصّة يونان والباعوثا. سفر يونان سفر من الكتاب المقدّس، يقدّم درسًا ليهود زمانه (نحو سنة 400 قبل الميلاد) للانفتاح على الوثنّيين ومحبّتهم لأنّهم جزء من تصميم الله الخلاصيّ، ذلك بقصّة خياليّة، لا وقائع تاريخيّة فيها… هذا الانفتاح على النّاس من دون استثناء دعا إليه المسيح: "اذهبوا في العالم كلّه، وأعلنوا البشارة الى الخلق أجمعين" (مرقس 16/15). فهمت الكنيسة هذه الدّعوة منذ فجرها الأوّل واهتمّت بتبشير الوثنيّين (الأمم) وسمّي بولس برسول الأمم.

أتذكّر وأنا صغير في صفّ المناولة الأولى، علّمنا أحد الكهنة رحمه الله أن نبلع القربان ولا نهضمه لأنّ الدّمّ "يعمل بز" أيّ ينفجر في فمنا.. إنّه أراد أن نحترم قدسيّة القربان لا غير من خلال هذا التّشبيه غير الموفّق…

هاجم شخصٌ لربّما هو شمّاس! شرحي للباعوثا بمقال في الأسبوع الماضي عن الباعوثا بسلبيّة وأسلوب غير علميّ وغير لاهوتيّ، بينما المعروف أنّ الفكر يواجه بالفكر والنّقد بالنّقد العلميّ وليس بالتّطرّف. وعندما ردّ عليه شمّاس آخر بإيجابيّة كتب: "وحضرتكَ يا أخ… حسب معلوماتي شمّاس غيور تتكلّم لغتنا الأمّ ومُلمّ بلغة الطّقس الكلدانيّ فهل ترضى بمحو تلك التّرانيم ذات الألحان الشّجيّة؟

من تكلّم عن لغتنا الأمّ وإزالة الألحان؟ من أبطل الباعوثا؟ هذه محض أكاذيب. ما طلبته بصفتي راعيًا للكنيسة الكلدانيّة هو دعوة الكلدان المؤمنين إلى صيام الباعوثا هذا العام من أجل السّلام في العراق وأوكرانيا حيث خطر حدوث حرب عالميّة مرتفع جدًّا!! ما الخطأ في هذا؟ هذا النّوع من السّلوك لن يساعد على أن نتطوّر ونتحسّن. مثلما مهلوس آخر يستمرّ يكذب بأنّي أنكر بتوليّة مريم ووجود السّماء، أكيد ما أومن به يختلف عمّا يتصوّره هو.. وقد أصدرت كتابًا عن مريم العذراء، وبالرّغم من ذلك ظلّ يكذب!!!

الصّوم المادّيّ يعلّمنا أن نكتشف الطّابع اللّاهوتيّ والرّوحي له وإلّا لامعنى له. هذا المفهوم العميق للصّوم يُعيدنا إلى إيماننا بالمسيح واستمرار بقائنا معه للتّغلّب على التّحدّيات الّتي نواجهها، خصوصًا أنّ القيم الدّينيّة والأخلاقيّة تراجعت في زماننا، بسبب التّغييرات المتسارعة وتهافت النّاس على كسب المال والنّفوذ من أجل الملذّات…

الصّوم يعيدنا إلى الينابيع الصّافية لإيماننا عبر الصّلاة والتّوبة والإقرار بالخطايا والتّصالح مع الذّات من الدّاخل، والمصالحة مع الآخرين والصّدقة أيّ مساعدة الأخ المحتاج خصوصًا في الأزمة الاقتصاديّة العالميّة.

الباعوثا– الصّوم تحمل لنا الرّجاء وتتدرج عبر هذه المسيرة  للوصول إلى نور المسيح وفرح العودة إلى الإيمان به مثل الابن الشّاطر (لوقا فصل 15)."