الرّاعي خلال لقاء ثقافيّ وطنيّ في الدّيمان: لتعزيز الثّقافة الوطنيّة الموحّدة

حضر اللّقاء: النّائبان وليام طوق وأديب عبد المسيح، المحامية نورما جورج عطالله، الوزيران السّابقان د. إيلي سالم والقاضي محمّد وسام المرتضى، المطارنة الياس نصّار، جوزيف نفّاع، وغطّاس هزيم، رئيس اتّحاد بلديّات الفيحاء المهندس وائل زمرلي، رئيس اتّحاد بلديّات قضاء زغرتا المهندس بسّام هیکل، رئيس اتّحاد بلديّات قضاء بشرّي إيلي مخلوف، السّفير أنطونيو عنداري ممثّلاً رئيس وأعضاء المجلس التّنفيذيّ للرّابطة المارونيّة، أمين عامّ اللّقاء للحوار الدّينيّ الاجتماعيّ د. مصطفى الحلوة، رئيس مؤسّسة الإسكان المهندس روني لحّود، رئيس مؤسّسة شاعر الفيحاء الثّقافيّة سابا زريق د. سابا زريق، إضافة إلى حشد من رجال الدّين المسيحيّين والمسلمين وممثّلي الهيئات والأندية الثّقافيّة المهتمّة. قدّمت اللّقاء الإعلاميّة رانيا زهرة، وبدأ بكلمة رئيس رابطة قنّوبين نوفل الشّدراوي، وجاء فيها:

"لقد بات تقليدًا سنويًّا أن تُحيي رابطة قنّوبين للرّسالة والتّراث هذا اللّقاء الثّقافيّ الوطنيّ الأبعاد في كرسيّ الدّيمان، الصّرح الدّينيّ والوطنيّ. إنّ هذا النّشاط الثّقافيّ متّصل بتراث الوادي المقدّس، هذا التّراث الوطنيّ الأبعاد نظرًا لما يحتضنه من قيمٍ وثوابتَ وحقائقَ تاريخيّة اجتمع اللّبنانيّون عليها خيارَ حياةٍ مشتركة." وشكر جميعَ أصدقاء رابطة قنّوبين وداعمي مبادراتها الثّقافيّة والإنمائيّة.

ثمّ عرض د. جان نخّول، أمين الشّؤون التّاريخيّة في رابطة قنّوبين والزّميل جورج عرب، أمين النّشر والإعلام فيها، الإصدارات الكتابيّة، الّتي وزّعت في اللّقاء، وهي:

− الجزء الثّالث من "زيارات البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي الرّاعويّة خارج لبنان 2016-2019" . حقّقته والأخ الصّديق المحامي وليد غيّاض، صدر بدعم المحامي بول يوسف كنعان، يضيء الكتاب على أبعاد وطنيّة لمواقف البطريرك الرّاعي ذات الصّلة بمجريات الأوضاع الرّاهنة. وبخاصّة صيغة العيش المشترك الإسلاميّ المسيحيّ في لبنان، وحدة لبنان وطروحات اللّامركزيّة والفدراليّة والحياد، مخاطر النّزوح السّوريّ في لبنان .

- كتاب أوقاف البطريركيّة: ثلاث مجلّدات حقّقها الأباتي أنطوان ضو. طبعتها مؤسّسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثّقافيّة برئاسة حفيده د. سابا زريق.

- كتاب حسابات دير سيّدة قنّوبين في عهد البطريرك الطّوباويّ اسطفان الدّويهي، حقّقها الأباتي أنطوان ضو، طبعت بدعم السّيّد جوزيف الحلبي الإهدنيّ.

- كتاب الخوري حنّا لحّود جرس قنّوبين. حقّقه جورج عرب، يتناول سيرة حياة خوري وادي قنّوبين طوال 45 سنة، يضيء على حقبة البطريرك أنطون عريضة، وظروف الحرب العالميّة الثّانية، والواقع الرّعويّ الاجتماعيّ الاقتصاديّ للوادي المقدّس.

- كتاب الوادي المقدّس بضفّتيه حلقة اللّقاء بين قنّوبين والفيحاء عمل أصدرته رابطة قنّوبين للرّسالة والتّراث مشاركةً منها في أنشطة طرابلس عاصمة ثقافيّة للعالم العربيّ. وكان من المقرّر تقديمه في طرابلس وقد حالت ظروف الحرب دون ذلك. يوازي الكتاب فيلم وثائقيّ بعنوان طرابلس والجوار. يتناول مضامين هذا العنوان لهذا العمل الثّقافيّ المميّز. وقد أنجزته رابطة قنّوبين بدعم مشكور من السّادة النّائب وليام طوق، المهندس أنطوان أزعور، المهندس مروان الحايك، السّيّد أحمد هاشميّة، مؤسّسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثّقافيّة برئاسة حفيده د. سابا زريق.

- أمّا مضامين الكتاب فهي موزّعة بين مقدّمة تتضمّن كلمات: غبطة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي، دولة الرّئيس نجيب ميقاتي، سيادة المطران يوسف سويف، وسماحة المفتي السّابق الشّيخ مالك الشّعار.

- وفي قسم الدّراسات والأبحاث من الكتاب يرد:

1. دة. كوليت أبي فاضل: طرابلس على أقلام الرّحالة

2. د. ميشال أبي فاضل: مصادر الدّراسة عن طرابلس الفيحاء دراسة بيبليوغرافيّة

3. د. نافذ الأحمر: علماء وكتّاب وقناصل وتراجمة طرابلسيّون في القرن التّاسع عشر

4. د. مصطفى الحلوة: طرابلس العيش الواحد السِّمة المتأصِّلة في هُويَّة المدينة

5. دة. أمل عيسى: البنية التّنظيميّة للطّوائف الحرفيّة والمهنيّة في طرابلس من خلال سجلّات محكمتها الشّرعيّة (1112- 1214ه/ 1700-1800م)

6. روي عريجي: حركة الصّحافة الزّغرتاويّة وتأثيرها على العلاقات الزّغرتاويّة- الطّرابلسيّة

7. د. سابا زريق: العيش الواحد والدّين في قريض شاعر مسيحيّ طرابلسيّ، هو شاعر الفيحاء سابا زريق

8. د. إيلي ضنّاوي: مدرسة كفتين الحقوقيّة الأرثوذكسيّة: ريادة طرابلس في نهضة وتجديد التّعليم العالي خلال القرن التّاسع عشر

9. الأب هياف فخري: دور مدرسة مار الياس للآباء الكرمليّين (الطليان) في طرابلس 1920- 2020

10. دة. سوسن آغا قصّاب: خطوط المواصلات البرّيّة في طرابلس في الرّبع الأخير من القرن 19 :التّرامواي والشّوسه نموذجًا

11. د. الياس القطّار: مدينة طرابلس وجبّة بشرّي في القرن السّادس عشر (1516– 1600)

12. د. جوزيف لبكي: طرابلس من خلال أرشيف الآباء الكبّوشيّين 1630 - 1804

13. د. سامر مبيّض: الجالية اليونانيّة في طرابلس خلال القرن العشرين

14. د. بيار مكرزل: طرابلس على خريطة التّجارة في القرن الخامس عشر

15. د. جان نخّول: العائلات المارونيّة في طرابلس والميناء خلال القرن 19 وبداية القرن الـ 20

16. د. جان نخّول: روابط تاريخيّة بين دير مار يوحنّا مارون- كفرحي ومدينة طرابلس في النّصف الثّاني من القرن ۱۹

17. أ. محسن يمّين: الرّابطة الأدبيّة تنبعث من رماد السّكوت.

ثمّ عرض فيلم وثائقيّ بعنوان طرابلس والجوار يتناول الجوانب التّاريخيّة من علاقات طرابلس والجوار الشّماليّ في أقضية بشرّي وزغرتا والكورة والبترون والضّنّيّة وعكّار، نصّه التّاريخيّ للزّميل جورج عرب وتصوير وإخراج ميلاد طوق. والفيلم يوازي كتاب الوادي المقدّس بضفّتيه حلقة اللّقاء بين قنّوبين والفيحاء، وكان مقرّرًا عرضهما السّنة الماضية في إطار فعاليّات طرابلس عاصمة ثقافيّة للعالم العربيّ، وقد حالت الحرب الإسرائيليّة على لبنان وتدهور الأوضاع دون ذلك.

ثمّ كانت مداخلة المفتي الشّعّار بعنوان الوحدة الوطنيّة وحماية لبنان. تناول فيها صيغة العيش المشترك في لبنان، وتجربة لقاء الدّيانتين الإسلاميّة والمسيحيّة فيه، والحاجة الماسّة إلى حماية هذه التّجربة وتعميمها في مواجهة صراع الحضارات الّذي يشهده العالم. وشدّد على أهمّيّة الوحدة الوطنيّة وشروط تعميقها وتحصينها لحماية لبنان من كلّ أشكال الفتن والأطماع الخارجيّة، لافتًا إلى دور المرجعيّات الدّينيّة المؤثّر في هذا المجال والکفیل بتعزيز الولاء للبنان بعيدًا عن كلّ محاور وصراعات، والتزام جميع المكوّنات اللّبنانيّة بلبنان أوّلًا وأخيرًا. وأكّد المفتي الشّعّار أنّ المسيحيّة والإسلام تجتمعان على الكثير من المبادئ والقيم ما يبيّن بوضوح أنّ أصولنا الدّينيّة واحدة ودعوتنا واحدة وهي خدمة الإنسان وحفظ كرامته، وتغليب منطق قوّة الحقّ في وجه حقّ القوّة الّذي يستبيح العالم ويهدّده بالحروب وبالموت. واستعرض الثّوابت الّتي يقوم عليها لبنان، والحاجة الماسّة إلى دعم مشروع الدّولة القويّة العادلة الّتي تحمي جميع أبنائها وتساويهم أمام القانون بالحقوق والواجبات، ودعا إلى دعم قرار رئيس الجمهوريّة العماد جوزف عون والحكومة المتعلّق بحصريّة السّلاح بأيدي الجيش اللّبنانيّ وسائر القوى الأمنيّة اللّبنانيّة. وأضاء المفتي الشّعّار على محطّات مشرقة من تاريخ العلاقات المسيحيّة الإسلاميّة في طرابلس وكلّ لبنان، معتبرًا البطريركيّة المارونيّة وشخص البطريرك الرّاعي صمّام الأمان للمحافظة على هذه الحقائق التّاريخيّة ولتعميمها حماية للبنان. وشكر البطريرك الرّاعي لاستضافته هذا اللّقاء الثّقافيّ الوطنيّ الأبعاد، الّذي نظّمته مشكورة، رابطة قنّوبين للرّسالة والتّراث.

بعد ذلك كان الإعلان عن منح السّيّد جوزف الحلبي وزوجته سوزي وسام ملاك قنّوبين، ومنح الد. سابا زريق وسام سيّدة قنّوبين في الدّرجة الأولى. وقد سلّمهما البطريرك الرّاعي شهادتي الوسامين وإشاراتهما الرّسميّة، وذلك تقديرًا لمساهمتهما في مسيرة العناية بتراث الوادي المقدّس، وبالدّور الثّقافيّ المسيحيّ في تعزيز النّهضة العربيّة ماضيًا وحاضرًا.

كما قدّم البطريرك الرّاعي الميداليّة البطريركيّة للمفتي الشّعّار وجاء في وثيقتها:

"بمحبّة أخويّة صادقة، وأمانة للشّراكة الإنسانيّة المسيحيّة الإسلاميّة القائمة في لبنان وهذا الشّرق، ووفاءً لثمارها المتجسّدة في تراث مشرقيّ مشترك، وتمسّكًا بوجه طرابلس الرّاسخ في صميم هذا التّراث، وتقديرًا لشخصه الشّاهد بصوته وباختبار الحياة المعيوشة بين قنّوبين والفيحاء، ومنهما إلى كلّ لبنان، يقدّم الكردينال مار بشارة بطرس الرّاعي، بطريرك إنطاكية وسائر المشرق، إلى سماحة المفتي الشّيخ د. مالك الشّعّار الميداليّة البطريركيّة."

ختامًا كانت كلمة البطريرك الرّاعي وجاء فيها: "إجتمعنا هذه الأمسية حول مجموعةٍ من الأعمال الثّقافيّة التّاريخيّة الموزّعة بين فيلم وثائقيّ وعدّة كتب. إنّها أعمال ثقافيّة مقدّرة مشكورة تحقّقها رابطة قنّوبين للرّسالة والتّراث في إطار عملها المتّصل بتحقيق مشروع المسح الثّقافيّ الشّامل لتراث الوادي المقدّس. وتبيّن هذه الأعمال المشترك الّذي يحتضنه الوادي المقدّس بين المسيحيّين من جهة وبينهم وبين المسلمين من جهة ثانية. وهذا يسهم إسهامًا فاعلًا في نشر قيمنا الدّينيّة والإنسانيّة والوطنيّة لتعزيز جسور التّواصل واللّقاء الإنسانيّ الواسع. وقد شاهدنا نموذجًا حيًّا من خلال العمل المزدوج، أيّ الفيلم الوثائقيّ والكتاب، حول تراث مدينة طرابلس وجوارها، إنّه تراث الفيحاء، تراث العلم والعلماء، وشهادة الحياة المشتركة المعيوشة، وقد حمل عنوانًا معبّرًا يحاكي الحقيقة التّاريخيّة الّتي نتمسّك بها، هو "الوادي المقدّس بضفّتيه حلقة اللّقاء بين قنّوبين والفيحاء"."

وتوجّه إلى المفتي الشّعّار قائلًا: "حين كنت تتكلّم لم يكن أحد من الحاضرين يريد أن تتوقّف لأنّك كنت تتلو علينا أمثولة شيّقة في مفاهيم الوحدة الوطنيّة. أشكرك على هذا اللّقاء وعلى الأمثولة الّتي أعطيتنا إيّاها في الوحدة الوطنيّة، أمثولة رائعة وكاملة من كلّ جوانبها، وفيما نحن في لقاء ثقافيّ نحمّلك فرضًا بأن تحدّثنا في لقائنا الثّاني عن الثّقافة اللّبنانيّة الوطنيّة، لأنّ الوحدة الوطنيّة ينقصها الرّوح، وهذه الرّوح هي الثّقافة الوطنيّة شبه المفقودة في لبنان. وكما قيل "الثّقافة وحدها تخلّص العالم" والقدّيس البابا يوحنّا بولس الثّاني في ختام السّينودس من أجل لبنان قال لنا أيضًا "الّذي خلّص لبنان من الحرب الضّروس هي الثّقافة اللّبنانيّة"، ثقافة العيش المشترك."

وتابع البطريرك الرّاعي: "لم أر أيّ فقرة في الدّستور تتحدّث عن الثّقافة الوطنيّة علمًا أنّها أساسيّة. نحن نقول لبنان متعدّد الثّقافات والأديان لكنّه بحاجة إلى وحدة الثّقافة كما الوحدة الوطنيّة الّتي تبنى كلّ يوم. ليس لدينا ثقافة وطنيّة، عندنا وحدة وطنيّة تهتزُّ حينا وتعالج، ولكن ليس لدينا ثقافة وطنيّة وآمل أن أكون مخطئًا في ذلك. ومن هنا نحمّلك هذا الموضوع ليكون هناك تكامل مع الوحدة لأنّك تقاربه بقلبك أوّلًا وبفكرك ثانيًا".

وفي نهاية الاحتفال وزّعت الإصدارات على الحاضرين، وأدّى المفتي الشّعّار ومرافقوه من المشايخ صلاة العصر، بمرافقة المطران جوزيف نفّاع، في إحدى قاعات كرسيّ الدّيمان.