لبنان
07 تموز 2025, 09:30

الرّاعي لخرّيجي جامعة الحكمة: لبنان بنتظركم لتبنوا وتنيروا وتجدّدوا

تيلي لوميار/ نورسات
في حفل تخرّج نحو 500 طالب وطالبة من جامعة الحكمة، وفي يوبيل تأسيس الجامعة المئة والخمسين، بارك البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي للخرّيجين والجمعة في كلمة ألقاها بحضور رئيس مجلس أمناء الجامعة راعي أبرشيّة بيروت المارونيّة المطران بولس عبد السّاتر، والفعاليّات الحاضرة ومجلس الأمناء والهيئتين التّعليميّة والإداريّة والخرّيجين وذويهم، قال فيها:

"1. يشرّفنا أن نلتقي اليوم في صرح جامعة الحكمة العريق، للاحتفال بتخرّج خمسماية خرّيج وخرّيجة من طلّابها الأربعة آلاف وخمسمئة، وللاحتفال بيوبيلها المئة والخمسين على تأسيسها. فقد أسّسها المثلّث الرّحمة المطران يوسف الدّبس رئيس أساقفة بيروت سنة 1875 في أعقاب مجازر عام 1860 من أجل وحدة اللّبنانيّين على العلم والحقيقة والعدالة والمحبّة والسّلام. فمبروك للخرّيجين وللجامعة...

2. إنّ رسالة جامعة الحكمة منذ تأسيسها الانفتاح على العالميّة والتّطوّر، ففي كلّيّاتها الثّمانية: كلّيّة الحقوق، كلّيّة العلوم، كلّيّة العلوم اللّاهوتيّة، كلّيّة إدارة الأعمال والاقتصاد، كلّيّة الشّرع الكنسيّ، كلّيّة السّياحة والعلوم الفندقيّة، كلّيّة العلوم السّياسة والعلاقات الدّوليّة، كلّيّة الصّحّة العامّة وكلّيّة الهندسة؛ تهيّئ أجيالًا من اللّبنانيّات واللّبنانيّين لمواكبة تطوّرات سوق العمل وترافق النّاشطين من أفراد المجتمع في سعيهم للحصول على المعرفة. إنّ طلّاب جامعة الحكمة مدعوّون ليكونوا عناصر فعّالة لإحراز التّقدّم والابتكار. فمن خلال توجّهاتهم الحرّة وانفتاحهم والتزامهم، يسعون من أجل مواطنة موحّدة ومن أجل بناء مجتمع قائم على العدالة والشّفافيّة والأخلاقيّات.

3. أمّا رؤية الجامعة فهي أن تصبح مركزًا للبحوث الأساسيّة والتّطبيقيّة الّتي تلبّي احتياجات وتطوّرات سوق العمل. إنّها بيئة مواتية للتّعدّديّة والتّنوّع الثّقافيّ، تسعى أن تكون مكانًا للحوار. كما تعمل على تحفيز الرّوح الرّياديّة لدى الشّباب ممّا يسهّل اندماجهم المهنيّ وتعمل على تعزيز ثقافة الحياة والأسرة كونها جامعة متجذّرة في حياة المدينة. وإدراكًا منها لدورها في بناء مفهوم الصّالح العامّ، فإنّها تعزّز ثقافة إضفاء الطّابع المؤسّساتيّ والشّفافيّة ومكافحة الفساد.

4. جامعة الحكمة لم تكن يومًا مجرّد مؤسّسة للتّعليم، بل كانت على الدّوام منبعًا للفكر، وتربية للضّمير، ومنارة للحكمة كمنهج حياة ورسالة مستمرّة والتزام إنسانيّ ووطنيّ. في هذا اليوم تتجدّد رسالتها في وجوهكم أيّها الخرّيجون والخرّيجات في دفعة 2025، وتعلن من خلالكم استمرار عهدها مع الأجيال المتعاقبة.

في هذا اليوم المبارك نحتفل بيوبيلها المئة والخمسين الّذي يختصر قرنًا ونصف من العطاء التّربويّ والفكريّ والوطنيّ والكنسيّ. ولا يسعنا في المناسبة إلّا أن نذكر بالخير الأساقفة الّذين تعاقبوا على أبرشيّة بيروت ورئاسة مجلس أمناء الجامعة من مثلّث الرّحمة المطران المؤسّس المطران يوسف الدّبس، مرورًا بخلفائه وصولًا إلى سيادة أخوينا المطران بولس مطر أطال الله بعمره، وبولس عبد السّاتر أدام الله رئاسته على الجامعة وحرصه على تعزيز رسالتها في خدمة التّربية والإنسان.

5. ونوجّه تحيّة خاصّة لرئيس الجامعة الأستاذ الدّكتور جورج نعمة على تفانيه في ترسيخ حضور الجامعة كمركز أكاديميّ رائد، ومكان حيّ للعلم والقيم والمواطنة. ونحيّي الهيئتين التّعليميّة والإداريّة اللّتين تشكّلان العامود الفقريّ في استمراريّة الجامعة بروح التّجدّد والعطاء. ونوجّه تحيّة خاصّة للأهل الكرام، شركاء المسيرة، الدّاعمين والسّاهرين على نموّ أولادهم، والفرحين بهم اليوم.

أمّا التّحيّة الأكثر استحقاقًا، فلكم أيّها الخرّيجون والخرّيجات في دفعة 2025، الّذين تعبتم وثابرتم ونجحتم. وها أنتم اليوم تقفون على عتبة جديدة في حياتكم، والوطن ينتظركم في الإدارة والحقوق والاقتصاد والقانون والهندسة، واللّاهوت، والسّياحة، والعلوم الفندقيّة، والعلوم السّياسيّة، والعلاقات الدّوليّة والصّحّة العامّة. الجامعة ترسلكم إلى واحات المجتمع والوطن كإرسال ليتورجيّ، وتقول لكم: "إذهبوا بسلام!".

هذا الاحتفال يحمل طابعًا ليتورجيًّا، لأنّه احتفال بنعمة المعرفة الّتي هي من الله، وبنموّ المواهب الّتي وهبكم إيّاها الرّوح القدس، وهذا التّخرّج هو نوع من "الإرساليّة"، لأنّكم اليوم ترسلون إلى العالم، كما كان السّيّد المسيح يرسل تلامذته، بعد إعدادهم ليكونوا نورًا وملحًا في الأرض.

لذلك نرفع الشّكر لله، الّذي رافقكم بنعمته طوال سنوات الدّراسة، ونعاهده أن نبقى شهودًا له في ساحات العمل، وفي مراكز التّأثير، وفي ضمير الحياة اليوميّة. أنتم تنهون اليوم مرحلة، لكنّكم تبدأون أخرى: مرحلة العطاء والالتزام المجتمعيّ، والشّهادة في المسلك للحقيقة والخير والجمال.

6. أنتم بهذا التّخرّج تدخلون رحاب الوطن، لا كمتفرّجين، بل كفاعلين، مبدعين، مؤمنين بقدرتكم على صنع الفرق. لبنان بنتظركم لتبنوا وتنيروا وتجدّدوا. كونوا سفراء الثّقة، وكونوا التّغيير الّذي ترجونه، والالتزام في الأخلاق المهنيّة. وازرعوا فيه ما تلقّيتم من حكمة وصدق وتجرّد ومحبّة للحقّ.

نرفع صلاة الشّكر لله على ما أنجزتموه، وعلى ما أنتم عليه، وعلى عتبة ما تحقّقوه. نصلّي من أجل جامعة الحكمة، في يوبيلها المئة والخمسين، لكي تبقى منارة إشعاع، وعلامة رجاء، وجسرًا بين العلم والإيمان.

مبروك لكم ولأهلكم ولجامعة الحكمة.

عشتم! وعاش لبنان!".