لبنان
16 تشرين الثاني 2023, 06:00

الرّاعي مترئّسًا مؤتمر الإعلان عن اليوم العالميّ للفقير: يوم الأحد 19 هو يوم صلاة وتفكير ومحبّة لكي نكون بجانب كلّ فقير

تيلي لوميار/ نورسات
ترأّس البطريرك المارونيّ الكتردينال مار بشارة بطرس الرّاعي قبل ظهر الأربعاء، في الصّرح البطريركيّ في بكركي، مؤتمر الإعلان عن "اليوم العالميّ للفقير" الّذي أطلقه البابا فرنسيس بعنوان "لا تحوّل وجهك عن الفقراء"، داعيًا "الكنيسة إلى إحيائه"، بحضور راعي أبرشيّة طرابلس المطران يوسف سويف، أمين عامّ مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان الأب كلود ندره، رئيس كاريتاس لبنان الأب ميشال عبّود، الرّئيسة العامّة لراهبات العائلة المقدّسة المارونيّات الأم أنطوانيت سعادة، أمين عامّ المدارس الكاثوليكيّة في لبنان الأب يوسف نصر، مديرة جمعيّة مار منصور دوبول إيللا بيطار، وممثّل عن منظّمة oeuvre d’orient.

إستهلّ المؤتمر بكلمة ألقاها البطريرك الرّاعي رحّب فيها بالحضور وقال: "نحن اليوم نستعدّ للاحتفال باليوم العالميّ السّابع للفقير يوم الأحد المقبل في الصّرح البطريركيّ في بكركي وفي جميع الرّعايا والأبرشيّات، ولكي نعيش هذا اليوم بمفهوميه الرّوحيّ والاجتماعيّ."

وتابع: "المفهوم الرّوحيّ نعني به خدمة الفقير الّتي تعني كلّ مسيحيّ بحكم مسيحيّته ومسؤوليّته ذلك أنّ الحياة المسيحيّة هي قائمة على أسس ثلاثة. الأساس الأوّل وهو سماع كلمة الله الّتي تعرّفني إلى وجه المسيح وهذا يعني نيل نعمة الخلاص والفداء من خلال خدمة اللّيتورجيا والأسرار. ولكن هذا الأمر لا يكفي لأنّ عليّ الانطلاق من القدّاس والاحتفال بسرّ المسيح الّذي قدّم ذاته ذبيحة فدا لكلّ النّاس وقدّم ذاته طعامًا ومشربا لكلّ النّفوس وهذا يعني أنّه عندما أترك القدّاس عليّ عيش هذه المحبّة الاجتماعيّة. لذلك واجب على كلّ مسيحيّ أن يعيش هذا البعد وأن يعتني بالإخوة المحتاجين الجائع والعطشان والعريان والغريب والمريض والأسير ليس بالمفهوم المادّيّ فقط وإنّما أيضًا بالمفهومين الرّوحيّ والمعنويّ."

واضاف: "طريقنا إلى الله تمرّ عبر الإنسان في حاجاته. وهذا اليوم الّذي أنشأه البابا فرنسيس قرّره ليكون ملزمًا لكلّ مسيحيّ بحسب إمكانيّاته ونتذكّر في الإنجيل المرأة الّتي قدّمت الفلس وهي قدّمت كلّ ما تملك ومدحها الرّبّ يسوع لأنّها أعطت أكثر ممّا تملك. نحن عندما نقول الكنيسة نفكّر برجال الدّين والمؤسّسات الكنسيّة نعم هم على حقّ ولكن كلّ واحد منّا من موقعه وحالته مسؤول عن مساعدة الفقير. الكنيسة لا تتراجع إطلاقًا ونحن في اجتماع مجلس البطاركة والأساقفة نشدّد على الدّوام على دورنا ككنيسة ومؤسّسات تابعة لها للعمل على مواجهة ما يعاني منه شعبنا. وهذا الاجتماع الّذي عقدناه منذ مدّة قرّرنا في خلاله إعطاء معنى ودفع أكبر لهذا اليوم العالميّ للفقير مع العالم كلّه في 19 الحاليّ. لقد رأينا أنّ الحاجات تزداد ونحن مهدّدون بالحرب الدّائرة إلى جانبنا وأهالينا نزحوا من بيوتهم في الجنوب أيّ المزيد من الفقر. إنّ المؤسّسات والعمل الاقتصاديّ متوقّف فقرّرنا مبادرات إضافيّة وإقامة الاحتفال يوم الأحد والطّلب من كلّ الرّعايا والأبرشيّات تقديم مبالغ من الأموال بقدر إمكانيّاتها وتقديم الصّواني يوم الأحد لمساعدة أهلنا في الجنوب كما تمّ الاتّصال بكلّ مؤسّساتنا في هذا الإطار أيضًا. وأنتم تعلمون كيف أنّ هذه المؤسّسات لم تقفل أبوابها بوجه احد من مستشفيات ومدارس وجامعات ونحن نعلم ماذا في الدّاخل. ومن كاريتاس لبنان طلبنا أيضًا المشاركة والمساهمة هذا الجهاز الاجتماعيّ الرّعويّ الرّسميّ للكنيسة وللمساعدات الخارجيّة الّتي والّذي يعمل وفق برامج متنوّعة."

وإختتم البطريرك الرّاعي: "يوم الأحد 19 هو يوم صلاة وتفكير ومحبّة لكي نكون بجانب كلّ فقير سواء لدواء أو استشفاء أو غيره. هذه الغاية الّتي من أجلنا قمنا بهذا المشروع بالتّعاون مع oeuvre d’orient الّتي تساعد لبنان في المدارس والجامعات وحقول كثيرة. لقد أرادوا العيش معنا في هذا اليوم حيث التّجمّع الأكبر في بكركي، وقدّاسات الرّعايا ستكون موجّهة لهذا الموضوع والعنوان الأكبر ما قاله قداسة البابا "لا تحوّل وجهك عن الفقير".

هذا موجّه لكلّ واحد منّا وعلينا أن نعطي السّمع والعاطفة والسّؤال، وليس المال فقط إذ أنّه لا يمكنني إدارة وجهي للمحتاج."

وكان مدير المركز الكاثوليكيّ للإعلام الأب عبدو أبو كسم قد قدّم للمؤتمر مؤكّدًا أنّ "الكنيسة كانت ولا تزال وسوف تبقى أمًّا للفقراء ولأبنائها."

بعدها تلا الأب ندره نداء اليوم العالميّ السّابع للفقراء الّذي أصدره مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان في دورته العاديّة السّادسة والخمسون والّذي دعا إلى "مساعدة الفقراء والوقوف إلى جانبهم وتأمين عيشهم بكرامة في ظلّ تقاعس الدّولة وعدم تلبيتها للحدّ الأدنى من مقوّمات عيش الإنسان بكرامة في لبنان وسط ما يشهده من أزمات وصعوبات ولعلّ أهمّها تداعيات الحرب في غزّة وتأثيرها المباشر على أبناء القرى الجنوبيّة ما دفعهم إلى ترك أرضهم وبيوتهم والنّزوح."

وكانت كلمة للمطران يوسف سويف المنتدب من مجلس البطاركة والأساقفة لخدمة المحبّة في الدّاخل والخارج والّتي شدّد فيها على "أهمّيّة التّحضير لليوم العالميّ للفقير يوم الأحد المقبل" مشيرًا إلى أهّمّية هذا اليوم وتميّزه بالنّسبة للكنيسة في لبنان الّتي تعيش اختبار الفقير ومساعدته منذ عهود ولكنّها اليوم وبوحي من كلام قداسة البابا فرنسيس "لا تحوّل وجهك عن الفقير"، وبروح مجلس البطاركة والأساقفة حيث كان النّداء أطلقت الصّرخة لذواتنا ومن ثمّ للنّاس وللمسؤولين والقيّمين أنّها صرخة باسم الفقراء ليس فقط في لبنان وإنّما في المنطقة كلّها."

وتابع سويف: "يوم الأحد هو يوم صلاة للاحتفال بذبيحة الإفخارستيّا والمحبّة من خلال شهادات محبّة والشّكر للمؤسّسات الّتي تحرّك قضيّة المجتمع في قلب الكنيسة. على صعيد الكنيسة لا يمكننا أن نكون معمّدين ونمرّ بشكل لا مبالي على إخوة فقراء. الإيمان يقتضي المبادرة الحسنة مع أيّ فعل وعلاقة الحبّ العاموديّة مع الله لا تكتمل من دون العلاقة الأفقيّة الجيّدة مع أخي الإنسان وهذا اليوم هو يوم إنسانيّ عالميّ وليس كنسيّ فقط وهذه روحانيّة كلّ الأديان وليس المسيحيّة فقط."

وإختتم سويف: "نحن في ـزمة اقتصاديّة خانقة وهذا اليوم هو يوم صلاة ودعوة لكلّ مسؤول ونحن ننحني أمام الشّعب اللّبنانيّ ولاسيّما المغترب منه والّذي مع الأزمة الخانقة الّتي نمرّ بها لم يترك أهله بل قدّم ولا يزال المساعدة الّتي ساهمت في إبقاء لبنان بخير كذلك قدّمت الكنيسة مبادرات كثيرة هي أيضًا ساعدت اللّبنانيّين على الصّمود ولكن نكرّر لا يمكن للكنيسة أن تحلّ محلّ الدّولة المعنيّة هي بالفقراء وبكلّ النّاس. وبالتّالي لا يمكننا اليوم العمل للخير الخاصّ فهذه قمّة الأنانيّة بل على الجميع العمل للخير العامّ وأن يكون يوم الأحد يوم صحوة لكلّ المعنيّين والمسؤولين لعيش روح التّضامن والأخوّة وليس الفئويّة الضّيّقة."

وألقت الأمّ ماري أنطوانيت سعادة كلمة شدّدت فيها على "دور المؤسّسات الكنسيّة في مساعدة الفقراء ومحاربتها في سبيل الصّحّة والتّعليم والاستشفاء،" لافتة إلى أنّ "غرق المؤسّسات الكنسيّة سيغرق معه الآلاف من الفقراء والّذين يعملون معها من أطبّاء ومهندسين وعاملين وممرّضين وغيرهم فالرّزوح تحت عبء الحاجة والعوز لن يرحم أحدًا. لذلك نحن نجدّد التزامنا بمحاربة الفقر بكلّ ما أتيح لنا من وسائل."

ثم لفتت مديرة جمعيّة مار منصور دي بول إيللا بيطار إلى أنّ "الجمعيّات الكنسيّة لا يمكنها القيام مكان الدّولة المتقاعسة. وهذه الجمعيّات لم تقفل أبوابها يومًا في وجه المحتاجين على أنواعهم وهي تؤكّد أنّها لن تستسلم أبدًا وستبقى أبوابها مفتوحة امام المتألّم والمحتاج وستساعد الإنسان للعيش بكرامته."

أمين عامّ المدارس الكاثوليكيّة الأب يوسف نصر، قال: "الأزمات المتلاحقة الّتي تضرب لبنان وآخرها الحرب في غزّة أقفلت بسببها مدارس كاثوليكيّة وتداعياتها باتت خطيرة على المجتمع اللّبنانيّ كلّه. المجتمع التّربويّ مهدّد بالإفلاس وعلينا التّحرّك لإنقاذه وإلّا فإنّنا سنخسر ثروتنا الشّبابيّة المثقّفة والمنتجة. هذا القطاع المهدّد يصارع الموت ولكنّنا سنجدّد ونؤكّد أنّه لن ينهار ولن يتوقّف بفضل الخيرين الّذين آمنوا بلبنان وأبنائه المثقّفين ومدارسه الّتي لم تبخل يومًا بعطاءاتها وسط أصعب الظّروف. كلّنا مدعوّون للمشاركة يوم الأحد بهذا اليوم المهمّ للمساعدة ودعم كلّ المحتاجين على اختلاف مشاربهم."

وفي الختام عرض بيتر محفوظ من كاريتاس لبنان للآليّة اللّوجستيّة يوم الأحد وللبرنامج وتنظيمه الّذي ينطلق عند الثّامنة صباحَا.