لبنان
19 آب 2025, 10:20

الرّاعي من مزار مار شربل- فاريّا: هذا المزار يذكّرنا بأنّ لبنان رغم جراحه لا يزال أرضًا مقدّسة

تيلي لوميار/ نورسات
ترأّس البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي، يوم السّبت، القدّاس الإلهيّ عند تمثال مار شربل- فاريّا.

وللمناسبة، ألقى الرّاعي عظة بعنوان: "فيتلألأ الأبرار كالشّمس في ملكوت أبيهم" (متّى 13: 43)، قال فيها:

"1. هذه الآية تُطبّق على القدّيس شربل، الّذي نجتمع أمام تمثاله المرتفع فوق جبل فاريّا العزيزة، والمطلّ على الجبال والتّلال والبلدات والقرى وصولًا إلى السّاحل والبحر. القدّيس شربل من قلب صمته وعزلته، أضاء على لبنان والعالم، وصار شمسًا روحيّة لا تغيب، بل تشرق على العالم بأسره، وتتلألأ فوق كلّ شعب ودين وعرق ولون، يشفي المرضى، يعزّي المتألّمين، يعيد النّفوس الضّالّة إلى حضن الله.

2. يسعدني أن أحيّيكم جميعًا أيّها الحاضرون الآتون من فاريّا ومن كلّ مدينة وبلدة وقرية، للاحتفال باللّيتورجيا الإلهيّة تكريمًا لمار شربل. وأخصّ بالتّحيّة كلّ من له تعب في هذا المقام وأصحاب هذه المبادرة هذه المبادرة التّقويّة الّذين عملوا بمحبّة وتعب وسخاء القلب، لرفع هذا التّمثال والمزار، تكريمًا للقدّيس شربل، وتمجيدًا لله.

3. إنجيل اليوم يدعونا لنرى حياتنا على ضوء الأبديّة. فالله لا ينظر إلى البريق الخارجيّ، ولا إلى المجد الزّائل، بل إلى القلب النّقيّ الّذي يحيا مشيئته. لقد عاش مار شربل هذه الحقيقة حتّى النّهاية. لم يبحث عن مجد أرضيّ، ولا عن منصب أو راحة، بل فقط عن وجه الله وحده. بصمته وفقره وطاعته، صار نورًا يتلألأ كالشّمس في ملكوت الله. كلّ قدّاس نحتفل به هو إشراق جديد لهذا النّور. نحن هنا لا نكرّم حجرًا بل إنسانًا صار إنجيلًا حيًّا ومشعًّا في ظلمات العالم، وعبرة لكلّ واحد منّا أنّ القداسة ممكنة، وأنّها تبدأ من بساطة الحياة، وأمانة القلب. إنّه رسالة حبّ متواصلة لكلّ من يطلب شفاعته.

4. من على هذا الجبل حيث تلتقي السّماء بالأرض، لا يمكننا إلّا أن نصلّي من أجل لبنان، وطننا الحبيب. القدّيس شربل، الّذي يحمل لبنان في قلبه وصلاته، يدعونا اليوم لنحمل لبنان إلى الله، بكلّ جراحه وأزماته، بكلّ شعبه المتألّم، بكلّ شبابه الحائر والمهاجر والمقيم. إنّ الرّسالة الّتي يتركها لنا إنجيل اليوم، ورسالة هذا المزار، هي أنّنا مدعوّون لنكون نحن نورًا للبنان، هذا الوطن لا ينهض فقط بخطط اقتصاديّة أو قرارات سياسيّة، بل قبل كلّ شيء بقلوب مؤمنة، صادقة نقيّة، تتلألأ بفضائل كالشّمس في حياتها اليوميّة. لقد اختار مار شربل العيش في الصّمت والصّلاة، ليضع سلامًا في قلبه. ونحن كلبنانيّين مدعوّون لأن نختار طريق الوحدة والمصالحة، وطريق تنقية الذّاكرة، وطريق الحياد الإيجابيّ المعترف به من منظّمة الأمم المتّحدة.

مزار مار شربل هنا في فاريّا يذكّرنا بأنّ لبنان، رغم جراحه، لا يزال أرضًا مقدّسة قادرة على أن تلد قدّيسين ينيرون العالم.

6. فلنصلِّ، أيّها الإخوة والأخوات، بشفاعة القدّيس شربل، كي يملأ الله قلوبنا نورًا، ويمنح وطننا السّلام والاستقرار، ويبارك عائلاتنا، ويجعلنا جميعًا شهودًا للمحبّة والقيم الرّوحيّة والإنسانيّة. فنرفع المجد والتّسبيح لله، الآب والإبن والرّوح القدس، إلى الأبد، آمين."